كشفت وكالة "رويترز"، نقلاً عن مصدرين أمنيين أنّ حزب الله "أرسل ليلاً عدداً من العناصر من لبنان إلى مدينة حمص السوريّة"، تزامناً مع التقدم الذي تحرزه الفصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام" بعد سيطرتها على مدينة حماة بالأمس وقبلها حلب حيث اندلعت شرارة المعارك، وسط معطيات تؤكد أنّ الترتيبات العسكرية اكتملت لشن هجوم كبير على محافظة حمص، وما لذلك من تداعيات وانعكاسات على لبنان ومعابره وحدوده الشمالية الشرقية.وفي التفاصيل، فإنّ "رويترز" ذكرت أنّ حزب الله "أرسل عدداً صغيراً من المشرفين إلى حمص"، حيث يتمركز الحزب في بلدة القصير التابعة لمحافظة حمص ويمتلك عدة قواعد عسكرية، وهو ما يؤكد على الأهمية الإستراتيجية للمحافظة وموقعها بالنسبة إلى لبنان. وقال ضابط من الجيش السوري ومسؤولان من المنطقة تربطهما صلات وثيقة بإيران بحسب "رويترز" أيضا إن "قوات نخبة من حزب الله عبرت من لبنان خلال الليل واتخذت مواقع في حمص". وهو ما دفع بالجيش اللبناني إلى وضع ما يشبه بالخطة الإستباقية إذ عمد إلى تعزيز انتشاره على كامل الحدود الشرقية والشمالية البقاعية، مع وصول تعزيزات جديدة إلى فوج الحدود البري الثاني، إضافة إلى تكثيف عمليات الرصد والمراقبة في المناطق الحدودية لضمان استقرار الوضع الأمني. هذا الوضع الذي بات على المحك، وخصوصاً بعد اعلان الفصائل المسلحة المعارضة أنّها سيطرت على بلدة "الدار الكبيرة" والتي تقع على بعد 1 كلم من الكلية الحربية بحمص.موقف إيرانوبينما تتقدم الفصائل المسلحة المعارضة بسرعة في سوريا، وما يعني أنّ الرئيس السوري بشار الأسد سيكون بحاجة هذه المرة أيضاً إلى دعم من حلفائه روسيا وإيران وبطبيعة الحال حزب الله، أشار مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز" أنّه "من المرجح أن تحتاج طهران لإرسال معدات عسكرية وصواريخ ومسيرات إلى سوريا"، مؤكداً أنّ "طهران اتخذت كل الخطوات اللازمة لزيادة عدد مستشاريها العسكريين في سوريا ونشر قوات لها". وبعيداً عن حزب الله، قال المسؤول الإيراني لـ"رويترز" إنّ "القرار متروك لسوريا وروسيا لتكثيف الضربات الجوية في المرحلة الراهنة".خطاب قاسموأمام تخوف انجرار حزب الله في الحرب القائمة في سوريا، كان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أكد في خطابه بالأمس أنّه "سنكون كحزب الله إلى جانب سوريا في إحباط أهداف هذا العدوان بما نتمكن منه". قاسم أشار إلى أنّ "العدوان على سوريا ترعاه أميركا وإسرائيل، ولن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم رغم ما فعلوه في الأيام الماضية"، معتبراً أنّه "وبعد العجز في غزة وانسداد الأفقK وبعد الاتفاق على إنهاء العدوان على لبنان وبعد فشل محاولات تحييد سوريا يحاولون تحقيق مكتسب من خلال تخريب سوريا مجددًا".
والسؤال المطروح اليوم، هل يستطيع حزب الله أن يساند سوريا؟. ويبقى الجواب أمام المعطيات الميدانية والعسكرية بانّ الحزب لا يمكنه أن يكون في سوريا كما في السابق، وخصوصاً بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها بعد حرب ايلول. سواء على مستوى ضرب القيادات أو الانهماك في مرحلة اعادة الاعمار والالتزام بتطبيق القرار الأميركي الذي أفضى إلى وقف اطلاق النار على لبنان، وخصوصاً أننا لا نزال ضمن مهلة الـ60 يوماً.ذريعة لإسرائيلهل سيعطي حزب الله ذريعة لإسرائيل بضربها المهلة المتفق عليها كي لا تشتعل الحرب من جديد وهو ما كاد أن يحصل قبل أسبوع لولا التدخلات والاتصالات التي استطاعت أن تلجم النيران المشتعلة؟. ولا تزال إسرائيل تخرق الاتفاق وتمعن في ضرب المعابر بين لبنان وسوريا زاعمة إنّها تستهدف مستودعات لحزب الله، كما لا تزال تستهدف شخصيات مهمة لحزب الله في سوريا.
وتأتي كل هذه الفوضى في خضم الستين يوماً الحرجة التي يعيشها لبنان، وكانت شبكة "إن بي سي نيوز" قد نقلت عن المتحدث باسم اليونيفيل أنّ "وقف الأعمال العدائية في لبنان لا يزال هشا للغاية". وونشرت صحيفة "هآرتس" مقالاً أشارت فيه أنّ "المخاوف من فشل وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان مرتبطة بالجدول الزمني الطويل الذي وُضع لإتمام الاتفاق". ووفق المقال، فإن احتمالات اندلاع اشتباكات بين إسرائيل وحزب الله تتزايد كل يوم، "وقد تقود إلى حرب شاملة بالنظر إلى عدد الانتهاكات المبلَّغ عنها من الجانبين منذ إعلان وقف إطلاق النار".