يبدو التعديل الذي أصدرته وزارة داخلية النظام السوري، على القرار رقم 1858/ق، الخاص بإجراءات تسجيل عقود إيجار العقارات، مفصلاً على مقاس المستأجرين التابعين للميليشيات الإيرانية، حيث يستهدف ضبط العقارات المؤجرة والمشغولة من خلال اشتراط الحصول على الموافقة الأمنية، في محاولة لتجنب مصير حي المزة، الذي يتعرض للضربات الإسرائيلية المتكررة.
ولم ينصّ القرار بشكل صريح، على شرط الموافقة الأمنية، لكنه أكد ذلك ضمنياً من خلال إلزام المؤجر بإبلاغ مخافر الشرطة بواقع العقار فور إبرام العقد، ومن ثم تشرع هذه الأجهزة بالتأكد من شاغل العقار، في محاولة لكشف الشخصيات الإيرانية التي تلجأ عادة إلى أشخاص سوريين كأطراف في عقد التأجير لإخفاء هويات المستأجرين الحقيقيين.
رصد أماكن الإيرانيين
وأوجبت التعديلات على من أجّر عقاراً للسكن أو لمزاولة أي مهنة علمية أو فكرية أو تجارية أو صناعية أو سواها، تسجيل عقد الإيجار في الوحدات الإدارية المختصة، أو في مركز خدمة المواطن المخول لتسجيل عقود الإيجار.
كما يتوجب على كل من أتاح للغير إشغال عقاره، وكذلك من شغل هذا العقار سواءً للسكن أو لمزاولة مهنة علمية أو غير ذلك، مراجعة الوحدة الشرطية في المنطقة التي يقع فيها العقار فور إبرام العقد، في حين تتولى الوحدة الشرطية المختصة تدقيق وضع شاغل العقار، وفي حال تبين أنه ملاحق جزائياً، أو يشكل خطورة على الأمن والنظام العام، تتخذ بحقه الإجراءات القانونية.
وتُكلف الوحدات الشرطية بتلقي الإخبارات الواردة إليها بوجود شخص في عقار ليس له صفة قانونية في الإشغال، وعندها تقوم الوحدة الشرطية بالتحقق من صحة الإخبارات الواردة، ثم الانتقال إلى موقع العقار المذكور، وفي حال ثبوت الواقعة يتم تنظيم الضبط اللازم، واستكمال إجراءاته الشكلية والموضوعية، ومنها استدعاء المالك أو المؤجر للوقوف على مستند الإشغال، ثم يتم تكليف الشاغل بتصحيح وضعه القانوني، أو الإخلاء خلال 30 يوماً.
ويقرأ الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، هذه التعديلات كأداة لرصد أماكن تواجد الشخصيات المقربة من إيران، وبالتالي إمكانية ضبطها ومنع الانفلات الأمني الذي قد تتسبب به. ويضيف لـ"المدن"، أن النظام يحاول من خلال ضبط الوجود الإيراني، إرسال رسالة للدول العربية بأنه ملتزم بقرارات قطع علاقته بالإيرانيين، التي تُعتبر أهم شروط التطبيع العربي معه.
ويتابع أن الوجود الإيراني وتمدد عناصر الميليشيات المختلفة في الأحياء والمدن، يتسبب بحالة انفلات أمني تصعب السيطرة عليها، ما لم يتم ضبط واقع العقارات المؤجرة، مضيفاً أن ضبط البيوت المؤجرة هو محاولة لتجنب القصف الإسرائيلي الذي يستهدف الأحياء الدمشقية ذات التواجد الإيراني المكثف.
أهداف متعددة
وتتعدد أهداف النظام من التعديلات الجديدة، لكن أهمها هو تنظيم عمليات تأجير العقارات، بحيث يمكن معرفة هوية المستأجرين المقربين من إيران، سواء من حزب الله أو الميليشيات العراقية الذين يتم تأجيرهم بأسماء سورية، بحسب حديث المعارض السوري أيمن عبد النور لـ"المدن".
ومن شأن التعديلات الجديدة، بحسب عبد النور، أن تكشف الأشخاص الفارين من العدالة كالمجرمين وأفراد العصابات، كما تطاول الأشخاص المعارضين القادمين من سيطرة مناطق المعارضة الذين يمكن أن يستخدم النظام هذه الإجراءات لكشفهم وملاحقتهم.
وعلى الرغم من كون التعديلات قد ترهق ملاك العقارات، بسبب بعض التعقيدات في الإجراءات، مثل الحصول على الموافقة الأمنية، غير أنها يمكن أن تفيد السوريين، لاسيما التعديلات التي طاولت البند السادس خصوصاً، بحسب ما يضيف عبد النور، كون تجعل النظام مسؤولاً عن الشخصيات الأجنبية المرتبطة بإيران، والتي تستأجر منازل سكنية داخل حيي المزة وكفرسوسة.