في السباق إلى الرئاسة لا يزال خلط الاوراق "شغالًا"، بين مختلف القوى والكتل. إحدى دلالات ذلك، مشهد معراب الذي جمع مكونات معارضة من جهة والجولات التي تجري "بالمفرّق" من جهة أخرى، كجولة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المتجددة والتي بدأها من دار الفتوى.تكتيك بريوسط هذا الحراك، تبقى عين التينة البوصلة الأساسية لأيّ حراك يبنى عليه. وفي الأجواء المحيطة باتصالات رئيس المجلس النيابي نبيه بري، يتحدث الزوار عن "تكتيك" برّي في متابعة حركة هذه الاتصالات حتّى عشية الجلسة التي حدّدها في التاسع من كانون الثاني المقبل.
ويلفت الزوار إلى أنّه "بالنسبة إلى الرئيس بري، إذا تعذّر الاتفاق ليصار بالتالي إلى ترجمته في الجلسة، سينتقل إلى الخطوة التالية في تكتيكه. وبالشراكة مع قوى أخرى، في مقدّمها صديقه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، سيعمل على بلورة اسمين أو ثلاثة أسماء لمرشحين يحظون بأكبر مروحة قبول، ونذهب إلى ساحة النجمة وتعقد الجلسة ويختار النواب من بين هذه الأسماء."
هذا في حسابات رئيس المجلس، أو تكتيكه، خصوصًا وأنّه يدرك كما الآخرون أنّ المرحلة اليوم تختلف عمّا سبق، وعلى الأقل لن يعطّل أحد الجلسة هذه المرة.
فالرئيس بري يعلم أنّه إذا تراجع وحزب الله خطوة إلى الوراء، يمكنه حينها أن يتقاطع مع النائب باسيل على الاقتراع للمرشّح نفسه. يرى البعض ان هذا المرشح قد يكون من بين الاسماء القليلة التي تتمتع اليوم باكثرية متفاوتة بين الكتل النيابية."فعلى الرغم من قول الرئيس بري ان سليمان فرنجية عماد المرشحين، وعلى الرغم من اعلان نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي التمسك بترشيح فرنجية، الا أنّ بري ومعه حزب الله، باتا على قناعة ضمنية أن انتخاب فرنجية أصبح من الماضي، وهما أيضا على قناعة أنّ طرح أسماء كمدير المخابرات الأسبق العميد جورج خوري ومدير عام الأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري بدلًا من مرشّحهما الأساسي، "ما بيقطع، لا داخليًا ولا خارجيًا، لاعتبارات عديدة، أهمّها أنّ المجتمع الدولي، ولاسيّما دول الخماسية وتحديدًا الولايات المتحدة لن تقبل، في ظل موازين القوى الجديدة، بوصول رئيس غير مستقل بقراره، عاجزعن الانفتاح على الشرق والغرب، ولا يملك قرار الذهاب إلى حلّ لسلاح حزب الله، برأيها. ولهذا لا تزال تتمسّك بقائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشّح تراه خارجًا عن القيود السياسية والأجندات المحلية والإقليمية. "جنبلاط خارج لعبة الاسماءفي وقت تنكبّ فيه مختلف القوى على دراسة خياراتها بين بعضها البعض، وبينها وبين الآخرين من الكتل، وحده وليد جنبلاط خرج من لعبة الأسماء. "هو يريد تسوية وتوافقًا وانتخاب رئيس. الأمر الذي يحتاج إلى تفاهم إذا لم يحصل الإجماع."
وتقول مصادر الحزب التقدمي "مهما كانت النتيجة، لا يقاطع نواب اللقاء الديموقراطي جلسات مجلس النواب. وهذه المرة إذا تعذّر التوافق كما في المرات السابقة، وترك الأمر لعملية الاقتراع، سنشارك في الجلسة وفي ضوء مجرياتها نقرّر من ننتخب".خيارات المعارضة انتحار؟بناء على كلّ ما تقدم، يخشى بعض من يضعون أنفسهم في موقع الوسطية من أنّ رفع السقوف والتلويح "بمرشح تحدّ"، في إشارة إلى اجتماع قوى معارضة في معراب والتلويح بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، قد يؤدي إلى أن تدفع هذه المعارضة الثمن ويأتي موقفها لصالح تقاطع الثنائي مع باسيل وتخسر الأرجحية النيابية، وتكرّر الأخطاء نفسها التي راكمتها منذ العام 2005 والتحالف الرباعي إلى اليوم.
فيما يرى البعض أنّ انتخاب رئيس للجهورية بات قريبًا بعد تحديد الجلسة في 9 كانون الثاني، ينظر البعض الآخر إلى المدّة المتبقية حتّى موعد الجلسة على أنها رحلة مزروعة بالألغام ومحفوفة بالمخاطر والعين على الحدود الجنوبية وعلى الحدود مع سوريا في ضوء التطورات العسكرية الأخيرة المتسارعة.