استقالاتٌ جماعية تهز كوريا الجنوبية... والرئيس أمام "خيارين"
2024-12-04 08:55:41
قدّم عدد من كبار معاوني الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول "استقالتهم بشكل جماعي" يوم الأربعاء، بعد فشل محاولته فرض الأحكام العرفية في البلاد. ووفقاً لوكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب"، أفادت المصادر بأن "المعاونين المهمين" للرئيس، وعلى رأسهم رئيس ديوان الرئاسة جيونغ جين-سيوك، قرروا الاستقالة دون تقديم تفاصيل إضافية.وتأتي هذه الاستقالات بعد يومين من إعلان الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في البلاد، وهو قرار أثار موجة من الاحتجاجات السياسية والشعبية. حيث دعا أكبر اتحاد للعمال في كوريا الجنوبية، "الاتحاد الكوري لنقابات العمال"، الذي يضم أكثر من 1.2 مليون عضو، إلى "إضراب عام مفتوح" احتجاجًا على قرار الرئيس، مطالبًا باستقالته.ووجه الاتحاد اتهامات للرئيس يون باتخاذ "إجراء غير عقلاني ومناهض للديمقراطية"، مشيرًا إلى أن هذا القرار يشكل بداية النهاية لحكمه. وأكد الاتحاد أن الرئيس ارتكب "خطأً فادحًا" من خلال فرض الأحكام العرفية، وهو ما يعد "تدخلاً غير دستوري" في النظام الديمقراطي للبلاد.من جهته، أصدر حزب المعارضة الليبرالي، الحزب الديمقراطي، الذي يسيطر على أغلبية البرلمان المكون من 300 مقعد، بيانًا يوم الأربعاء دعا فيه الرئيس يون إلى الاستقالة فورًا أو اتخاذ خطوات لعزله. وأوضح الحزب أن "إعلان الأحكام العرفية كان انتهاكًا واضحًا للدستور، وأنه لم يستوفِ أيًا من الشروط القانونية اللازمة لإعلانها"، معتبرًا أن هذا التصرف يعد "عمل تمرد خطير" يشكل أساسًا قانونيًا لعزل الرئيس.في تصريحاته، قال هان دونغ-هون، زعيم حزب "قوة الشعب"، خلال بث تلفزيوني مباشر، إنه يجب على الرئيس "أن يشرح بصورة مباشرة وشاملة هذا الوضع المأساوي"، مشدداً على ضرورة "محاسبة جميع المسؤولين عن هذا القرار".في وقت لاحق من اليوم، وبعد تصويت في الجمعية الوطنية، أعلن الرئيس يون رفع الأحكام العرفية في الساعة الرابعة والنصف صباحًا بالتوقيت المحلي، بعد أن وافق مجلس الوزراء على الاقتراح. وأكد رئيس هيئة الأركان المشتركة أن القوات، التي كانت قد تم حشدها لتنفيذ الأحكام العرفية، قد عادت إلى قواعدها، في خطوة أعادت الوضع إلى طبيعته.وفي تصريح للرئيس يون، قال: "في الساعة 11 مساءً من الليلة الماضية، أعلنت الأحكام العرفية الطارئة بنية حازمة لإنقاذ الأمة في مواجهة القوى المناهضة للدولة التي كانت تحاول تعطيل الوظائف الأساسية للأمة والنظام الدستوري للديمقراطية الحرة". وأضاف: "ومع ذلك، كان هناك طلب من الجمعية الوطنية لرفع الأحكام العرفية، لذا سحبت القوات التي تم حشدها".في خضم هذا الصراع السياسي، تواصل الجمعية الوطنية والمعارضة الضغط على الرئيس يون لإظهار المزيد من الشفافية والتفسير لقراراته الأخيرة، مشددين على ضرورة ضمان حماية الديمقراطية ومؤسسات الدولة من أي محاولات لتقويضها.القرار المفاجئ للرئيس يون سوك يول بفرض الأحكام العرفية كان قد أثار جدلاً واسعًا في كوريا الجنوبية، البلد المعروف بنظامه الديمقراطي المستقر. هذا القرار جاء في وقت حرج، حيث كان الرئيس يواجه ضغوطًا داخلية بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والصراعات السياسية مع المعارضة. وقد تزامن هذا مع تزايد الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة، مما دفع بالسلطات إلى اتخاذ تدابير استثنائية اعتبرها الكثيرون غير مبررة.حكومة الرئيس يون تعرضت لانتقادات حادة من الأحزاب المعارضة، التي اعتبرت أن هذه الخطوة تمثل انتهاكًا صارخًا للدستور. وفي هذا السياق، جاء تصريح الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذين عبّرا عن قلقهما من تزايد الانتهاكات الحقوقية في كوريا الجنوبية وتدهور الوضع الديمقراطي في البلاد. بينما أكدت بعض الأوساط الدولية أن كوريا الجنوبية بحاجة إلى الحفاظ على الاستقرار الديمقراطي والابتعاد عن العودة إلى الأنظمة الاستبدادية.الضغوط على الرئيس يون ازداد حجمها بشكل كبير، بعد أن أثارت محاولة فرض الأحكام العرفية أزمة سياسية عميقة، ما دفعه في النهاية إلى التراجع عن قراره.
وكالات