نقلت هيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء، عن مصادر في فريق المفاوضات الإسرائيلي، أنه سيتعين على الحكومة الإسرائيلية تقديم تنازلات، تبدأ بـ"انسحاب جزئي" من قطاع غزة، وقد تصل إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 424 يوماً، إذا كانت تسعى للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع.
تنازلات مطلوبة
ونقلت الهيئة عن المصادر وجهات مطلعة على جهود الوساطة، أن إسرائيل قد تضطر، في إطار أي صفقة، إلى "الالتزام بوقف الحرب والإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين" المحتجزين في سجون الاحتلال، رغم الضغوط التي يحاول البيت الأبيض وإدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ممارستها على حركة حماس.
ومن المقرر أن يعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، اجتماعاً الخميس المقبل، وصفته القناة بـ"الدوري لمناقشة القضايا الراهنة"، بما في ذلك ملف الأسرى، حيث يُفترض إطلاع الوزراء على تطورات المفاوضات، وسط تقارير عن "مبادرة مصرية جديدة".
وأفادت القناة بأن تل أبيب تنتظر رد حركة حماس، على "المقترح المصري الجديد الذي تشمل وقف إطلاق النار وصفقة تبادل أسرى"، فيما حذر مسؤولون إسرائيليون من "المبالغة في التفاؤل"، مشيرين إلى أنه "من المبكر الإشارة إلى وجود اختراق في المحادثات".
وقالت مصادر في فريق المفاوضات الإسرائيلي، إن المقترح المصري "لا يزال غير واضح" بالنسبة لإسرائيل، التي تفتقر حتى الآن إلى معلومات كاملة عنه، لكنها تعتزم دراسة المبادرة بعناية وانتظار رد حماس، قبل اتخاذ قرار بإرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة.
وأكدت أن أي تقدم يعتمد على قبول إسرائيل الانسحاب جزئياً من قطاع غزة غزة - محور فيلادلفيا وممر نيتساريم - إذا ما أرادت إتمام مرحلة أولى من صفقة محتملة، أو الموافقة على وقف الحرب إذا ما أرادت تحرير جميع الأسرى في غزة.
وشدد المسؤولون الإسرائيليون على أن غياب الاتفاق على هذه النقاط المحورية، سيحول دون التوصل إلى صفقة حقيقية، وفي الوقت ذاته، أفاد التقرير بأن جهود الوساطة تركز حالياً، على صياغة مقترح وتفاهمات أولية تفتح المجال للتفاوض حول اتفاق محتمل.
قواعد عسكرية في القطاع
ولا توحي الإجراءات الإسرائيلي في قطاع غزة، بنية قريبة للانسحاب. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد كشفت الاثنين، عن بناء الجيش الإسرائيلي قواعد عسكرية في وسط القطاع.
وذكرت الصحيفة أن القوات الإسرائيلية وسّعت خلال الأشهر الأخيرة، من وجودها في وسط غزة، حيث قامت ببناء وتحصين القواعد العسكرية وهدم المباني الفلسطينية، حسب مسؤولين إسرائيليين وصور الأقمار الاصطناعية. وأوضحت أن "هذه الخطوة تشير إلى أن إسرائيل قد تستعد لممارسة سيطرة طويلة الأمد على المنطقة".
وتعليقاً، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها اطلعت على تقارير تشير إلى قيام إسرائيل ببناء قواعد عسكرية، داخل قطاع غزة، مشيرة إلى أنها تترك للحكومة الإسرائيلية "توضيح حقيقتها".
وأضافت الخارجية أنه "إذا صحت هذه التقارير، فإنها تتعارض مع المبادئ التي أعلنها وزير الخارجية أنتوني بلينكن خلال قمة طوكيو قبل عام". ولفتت إلى أن هذه المبادئ تشمل عدم تقليص مساحة أراضي غزة، وعدم إجبار الفلسطينيين على النزوح، وضمان حقهم في العودة الآمنة إلى ديارهم.
استمرار المجازر
يأتي ذلك، فيما ارتفعت حصيلة الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، إلى 44 ألفاً و502 شهيداً، و105 ألاف و454 مصاباً، بعد ارتكاب جيش الاحتلال مجزرتين أسفرتا عن 36 شهيداً، و96 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية.
وشنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على دير البلح ورفح، ومدينة غزة، وخانيونس، كما قصفت المدفعية وأطلقت النار بمنطقة الصفطاوي شمال غرب مدينة غزة، ومشروع بيت لاهيا، ومخيم النصيرات.
وأدت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت عدة مناطق في القطاع منذ صباح الثلاثاء، إلى سقوط أكثر 35 شهيداً. كذلك قصفت طائرات من طراز "كواد كوبتر"، مستشفى كمال عدوان، في شمال القطاع.
وقال مدير المستشفى حسام أبو صفية: "اليوم وللمرة الخامسة، تم استهداف مستشفى كمال عدوان بطريقة مروعة ودون رحمة". وأوضح أن الطائرات المسيرة تقوم بإسقاط قنابل مملوءة بالشظايا التي تصيب وتؤذي أي شخص يتحرك.
وتابع: "الوضع أصبح خطير للغاية. لقد تعرض مستشفى كمال عدوان لاعتداء همجي من قبل الطائرات المسيرة، ومرة أخرى يركز الاحتلال اعتداءاته على الفرق الطبية". وأضاف "قبل لحظات قليلة أصيب ثلاثة من الطاقم الطبي لدينا، أحدهم في حالة خطيرة ويخضع لعملية جراحية معقدة في غرفة العمليات". وقال: "نحن مرهقون من العنف والفظائع المستمرة. لماذا نتعرض لمثل هذه الوحشية؟ كل يوم، يتم استهداف المستشفى بشكل منهجي".