لم يكد يعلن عن بدء سريان وقف اطلاق النار بين حزب الله والعدو الإسرائيلي، حتى اشتعلت الجبهة السورية. فبعد هدوء دام قرابة الأربع سنوات، عادت المجموعات التكفيرية لمهاجمة مدينة حلب وضواحيها في محاولة لاحكام السيطرة عليها.
حتى الساعة لا يمكن التكهن بما حدث، غير ان الأكيد هو عدم إمكانية فصل اشتعال الجبهة السورية عن الجبهة اللبنانية، لا سيما أن رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد وجه، اثناء القائه خطاب وقف اطلاق النار مع لبنان، تهديداً مباشراً للرئيس السوري بشار الأسد حينما قال “على الأسد أن يفهم أنه يلعب بالنار”، محذراً اياه من الاستمرار في دعم محور المقاومة.
وفي السياق، تفيد المعلومات أن عملية “ردع العدوان” كما اسمتها فصائل الثورة السورية، حصلت بدعم من جهات خارجية عدة، قد تكون الولايات المتحدة الاميركية احداها، قد بدأت التحضير منذ بضعة اشهر لهذا الهجوم. وقد شكلت للغاية هيئة عمليات مشتركة تحت مسمى “ادارة العمليات المشتركة”، وهي مؤلفة من هيئة تحرير الشام، حركة احرار الشام، الجبهة الوطنية للتحرير ومجموعات من الحزب التركمستاني.
الى ذلك، وبحسب المعطيات المتوافرة، فإن الفصائل المسلحة قد اطلقت عملياتها بعد ان تأكدت من تخفيض روسيا لعديد طائراتها الحربية في قاعدة حميميم، ناهيك عن التيقن من انسحاب عناصر “النخبة” من حزب الله من الشمال السوري، والفصائل العراقية من حلب. اضف الى ان الفصائل استغلت تراجع النفوذ الايراني في سوريا، والضغط الذي تتعرض له طهران بسبب دعمها للنظام السوري وحزب الله وحركة حماس، لتنفيذ ضرباتها.
وتشير المعلومات الى ان الميدان محتدم بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، وكل كلام عن تقدم الثوار هو محض تضخيم اعلامي. غير انها لا تنفي امكانية ان تطول المعركة لتتحول الى معركة استنزاف لا يفقه احد متى تأتي نهايتها.
من جهة اخرى، وفي قراءة للمشهد السياسي، يمكن استخلاص ان ما يجري في شمال سوريا هو تقاطع مصالح بين الاتراك والاسرائيليين. فالنظام التركي يحاول الضغط قدر الامكان على الرئيس السوري للجلوس الى طاولة المفاوضات، وتعزيز موقعه كمفاوض لتحسين صورته امام الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، في حين لا تألو اسرائيل جهداً لقطع كل سبل امداد حزب الله بالسلاح.
في الخلاصة، يبدو ان مرحلة “الشرق الاوسط الجديد” التي يسعى اليه الاميركيون الذين فشلوا في تحقيقه عبر ما سمّي بثورات “الربيع العربي”، تطل برأسها من جديد علّها تؤمن الامن والاستقرار لإسرائيل. حتى الساعة لا معالم واضحة للمشهد في المنطقة، والكل يترقب كانون الثاني المقبل لمعرفة نحو اي دفة ستميل “رياح التغيير”.
موقع سفير الشمال الإلكتروني