حفل اليوم الثاني لوقف إطلاق النار بمستجدات سياسية، دبلوماسية وأمنية، حيث استكمل جمهور النازحين قسراً عودتهم إلى مدنهم وقراهم في الجنوب والضاحية والبقاع في مشهدية لم تختلف كثيراً عن اليوم الذي سبقه رغم معرفتهم المسبقة بأن منازل الكثيرين منهم تضررت كثيراً جراء القصف الإسرائيلي والغارات المدمّرة، التي لم يسلم منها إلا القليل ولم تعد صالحة للسكن، بحسب ما أشارت إليه مصادر مواكبة لهذه العودة في اتصال مع جريدة “الأنباء” الالكترونية.
غير أن هذه المصادر رصدت العديد من الخروقات الإسرائيلية واعتبرتها خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، كان أبرزها الغارة التي استهدفت بلدة البيسارية في قضاء صيدا، بالإضافة إلى إطلاق نار من أسلحة متوسطة على مواكب العائدين لمنعهم من التوجه إلى قراهم وبلداتهم لاعتبارها منطقة واقعة تحت سيطرة العدو الاسرائيلي. وحدد الناطق باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي مجموعة قرى حدودية، مانعاً سكانها من العودة إليها حفاظاً على سلامتهم. من بينها الخيام، بنت جبيل، شمع، برعشيت، بليدا، كفركلا ويارون.
وكان للرئيس وليد جنبلاط كلمة حيّا خلالها الجيش اللبناني الذي أسقط “نظرية الأمن الذاتي”، موجهاً التحية لكل من ساهم في الليل والنهار وفي أقصى الظروف في تنظيم ومساعدة النازحين في الإيواء الكريم والاستقبال بالرغم من بعض المشاكل الثانوية التي استغلها بعض الاعلام المعادي. واللافت أيضاً كان إقرار مجلس النواب التمديد لقادة الأجهزة الأمنية والضباط الذين يحملون رتبة عميد لمدة عام واحد، وإعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديد جلسة “حاسمة ومثمرة” لانتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل.
الجيش يستكمل انتشاره
وفي هذه الأثناء، يستكمل الجيش اللبناني انتشاره في منطقة جنوب الليطاني، وبسط سلطة الدولة بالتنسيق مع اليونيفل لتنفيذ القرار 1701 بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة. ورأت المصادر أن تعجيل الحكومة بانتشار الجيش في الجنوب هو لتأكيد الالتزام بالتسوية ومضمون ما اتفق عليه في أكثر من عاصمة دولية واقليمية.
غير أن فرض إسرائيل حظر تجوّل ومنع الأهالي من العودة إلى قراهم القريبة من الحدود، وعلى طول مواقع تواجد قوات الاحتلال الاسرائيلي في الجنوب، أمر خطير ويشكل خرقاً فاضحاً لاتفاق وقف اطلاق النار. وكان العدو الاسرائيلي استهدف يوم امس سيارة في مركبا أسفر عن اصابة ثلاثة جرحى. ومن شأن هذه الخروقات أن تؤخر تنفيذ الاتفاق ما يسمح لحزب الله انتهاج الأسلوب نفسه، وهو ما عبّر عنه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله بالقول ان “حزب الله سيرد على أي اعتداء يتعرض له من قبل اسرائيل”، نافياً الحديث عن وجود عسكري لحزب الله في منطقة جنوب الليطاني والقرى الحدودية، مؤكداً الحق لأبناء هذه القرى بالعودة إليها. وهو ما فُسِّر بأنه كلام مغاير لموقف حزب الله الذي أعلنه عشية تنفيذ الاتفاق لوقف اطلاق النار.
جلسة انتخاب رئيس الجمهورية
وعقد مجلس النواب جلسته العامة التي كانت مقررة للتمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وقادة الأجهزة الأمنية شملت كل العمداء في المؤسسات العسكرية والامنية، حدد في مستهلها رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في التاسع من كانون الثاني مطلع السنة الجديدة، مشيراً إلى أنه كان قد اتخذ قراراً بعد وقف اطلاق النار بالدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية، متوقعاً أنها ستكون جلسة مثمرة هذه المرة، مانحاً الكتل النيابية مهلة شهر من الآن للتوافق على انتخاب الرئيس، مشيراً إلى أنه سيدعو اليها سفراء الدول العربية والأجنبية.
جلسة التمديد لقائد الجيش كان اللافت فيها حضور الموفد الفرنسي جان إيف لودريان وذلك للتأكيد على اهتمام فرنسا بلبنان، لأن الوقت كما قال هو للعمل، ومن غير المسموح بعد اليوم التعاطي مع الملفات الأساسية بخفة من قبل الطبقة السياسية وعلى رأسها انتخاب رئيس الجمهورية.
وكان الرئيس بري تلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. جرى خلاله عرض للأوضاع العامة والخطوات الأخيرة التي انتهجها لبنان في مساري وقف إطلاق النار والتحرشات الاسرائيلية. وكذلك التحضيرات لانتخاب رئيس الجمهورية.
نشاطات لودريان
وبعد لقائه فور وصوله أمس الأول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، استهل لودريان لقاءاته مع القوى السياسية صباح أمس من قصر الصنوبر بلقاء جمعه مع نواب اللقاء التشاوري ولقاء النائب سجيع عطية ممثلاً كتلة الحوار الوطني، توجه بعدها الى ساحة النجمة فحضر قسماً من الجلسة التشريعية ثم عقد اجتماعاً مع الرئيس بري.
كما أجرى لودريان اتصالاً مع النائب جبران باسيل، والتقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. ومن معراب توجه لودريان إلى كليمنصو والتقى الرئيس وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط. ولبى لودريان دعوة جنبلاط إلى العشاء. على أن يستكمل لقاءته مع الكتل النيابية اليوم.
جنبلاط: الجيش أسقط إدعاءات الأمن الذاتي
وأشار الرئيس وليد جنبلاط إلى أنه بمناسبة الاعلان عن وقف اطلاق النار، وفي انتظار الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية وتطبيق كل القرارات الدولية من القرار 1701 إلى اتفاق الهدنة، آخذين بعين الاعتبار ان القرار 242 الصادر عام 1967 لا يشمل لبنان، أي أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي عملياً أراضٍ سورية محتلة إلى أن يجري الترسيم بين الدولة اللبنانية والدولة السورية وعندها تصبح لبنانية. لكن في الوقت الحاضر ليست لبنانية والقرار 242 لا يشمل لبنان.
وأضاف في انتظار أن تعود إلى الدولة اللبنانية حصرية امتلاك السلاح، وحصرية قرار الحرب والسلم. وبعد شهرين من عدوان إسرائيلي شامل على لبنان لأن الحرب على لبنان بدأت كما تعلمون منذ سنة وشهرين أي في السابع من تشرين أول 2023. وعلى أهلنا في الجنوب، والبقاع، والضاحية، وبيروت وسائر المناطق اللبنانية.
جنبلاط وجه تحية لكل من ساهم في الليل والنهار وفي أقصى الظروف في تنظيم ومساعدة النازحين في الإيواء الكريم والاستقبال بالرغم من بعض المشاكل الثانوية التي استغلها بعض الاعلام المعادي.
وتوجه بالتحية إلى أهل الجبل والاقليم خاصة والبقاع الغربي وحاصبيا وبيروت، وسائر المناطق دون استثناء، مقدراً الدور الرائد والمتقدم بعملية الإيواء الكريم والصمود للحزب التقدمي الإشتراكي برئاسة تيمور جنبلاط. كما حيّا اللقاء الديمقراطي داعياً بالشفاء للنائب أكرم شهيب الذي وبالرغم من وعكته الصحية كان من المساهمين الأساسيين، منوهاً بالدور المتقدم لسماحة الشيخ سامي أبي المنى والمجلس الذهبي الذي رافقنا لحظة بلحظة، مثمناً الدور العالي للجيش اللبناني والمخابرات وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة وفرع المعلومات، هذا الدور الذي أسقط كل الادعاءات السخيفة. ولكن الخطيرة بما يسمى بالأمن الذاتي. شاكراً كل القطاعات الرسمية والخاصة التي قامت بجهود جبّارة في ظروف استثنائية.