خالفت الفصائل المعارضة بقيادة "تحرير الشام"، كافة التوقعات في معركة "ردع العدوان"، وأصبح من الصعب التنبؤ بمساراتها، إذ جرى السيطرة على ريف حلب الغربي كاملاً، وتقدمت بشكل سهل في ريف حلب الجنوبي، على نحو غير متوقع، ودخلت فعلياً حدود حلب المدينة، بينما تستعد للسيطرة على مناطق لم يسبق أن سيطرت عليها سابقا.
الانهيارات مستمرة
وأعلنت غرفة "إدارة العمليات العسكرية"، المسؤولة عن معركة "ردع العدوان"، أنها سيطرت بشكل كامل على ريف حلب الغربي، وتقدمت في ريف حلب الجنوبي، وسيطرت فيه على عدد من القرى والبلدات، كان أبرزها خان طومان وزيتان.
وتعتبر السيطرة على ريف حلب الغربي كاملاً مفهومة، لجهة أن الفصائل تقدمت منه للوصول إلى حلب المدينة، وكان الطريق الأسهل أمامها، والأقصر عملياً، بينما تعتبر السيطرة على خان طومان والحاضر والعيس وتلتها الاستراتيجية، وما بعدها، لافتة جداً، إذ كان من المتوقع أن تشهد السيطرة معارك ضارية مع الميلشيات الإيرانية والحرس الثوري، كونها تمتلك قواعد محصنة واستراتيجية هناك.
ففي العام 2016، قدمت إيران عشرات القتلى بينهم ضباط برتب عالية، لاستعادة السيطرة على خان طومان وما حولها، للحفاظ على طريق أثريا- خناصر، الواصل لمدينة حلب من الجهة الشرقية، آمناً، كون إيران تتواجد بضباطها ومستشاريها في ثكنات عسكرية تابعة للنظام، أبرزها البحوث العلمية ومعامل الدفاع في السفيرة، في محيط المناطق الواقعة على ذلك الطريق.
إضافة إلى ذلك، فإن إعلان "الإدارة" السيطرة على قرى السابقية وشغيدلة وسد شغيدلة، في ريف حب الجنوبي، يعني أن الفصائل بطريقها للسيطرة على مناطق لم يسبق أن سيطرت عليها سابقاً، على مدى عقد من الحرب مع قوات النظام.
وكذلك، فإنه بإعلان السيطرة على بلدة الحاضر وتلة العيس، فذلك يعني أن الفصائل قاب قوسين أو أدنى من قطع طريق أثريا- خناصر، الاستراتيجي بالنسبة لإيران لأسباب عدة، كما أن السيطرة عليه تقطع كل الطرق نحو حلب المدينة، بعد قطع الطريق الدولية الرئيسية "ام-5".
حصار حلب المدينة
ويشابه مشهد الريف الجنوبي، ما يجري على أبواب حلب المدينة، إذ أعلنت "الإدارة العسكرية" السيطرة على مبنى البحوث العلمية، التابع إدارياً لحي حلب الجديدة. وكان من المتوقع أن تتأنى الفصائل بالسيطرة عليه، كونه محصناً جداً، ونقلت إليه قوات النظام تعزيزات كبيرة في الساعات السابقة، إلا أنها خالفت ذلك، وسيطرت عليه مع مواقع لم يسبق أن سيطرت عليها خلال سنوات الحرب، مثل معمل الكرتون، الواقع في محيطه. يُذكر أن مبنى البحوث كانت تحت سيطرة الفصائل حتى العام 2017.
وعلى أبواب حلب المدينة أيضاً، تقول مصادر متابعة لـ"المدن، إن الفصائل المهاجمة دخلت إلى حي الراشدين، المتواجد قرب بلدة خان العسل الاستراتيجية، والتي أُعلن السيطرة عليها أمس الخميس، مضيفةً أن معارك ضارية تخوضها الفصائل هناك مع قوات النظام. وتوضح المصادر أن بإحكام السيطرة على خان العسل ومحيطها، فإن حي الراشدين سقط نارياً، ويقع أيضاً على بوابة حلب المدينة الغربية.
بناء على ذلك، يمكن قراءة مشهد المعارك على أبواب مدينة حلب، أن الفصائل بنيتها فرض حصار على مدينة حلب. وذلك لن يتحقق إلا بقطع طريق أثريا-خناصر، الواصل للمدينة من الجهة الشرقية.
كما تتعزز تلك القراءة، بإنذارات الإخلاء التي وجهتها الفصائل المقتحمة لسكان أحياء مدينة حلب، والتي تنص على ضرورة إخلائها حفاظاً على حياتهم. وشملت الإنذارات أحياء الحمدانية وحلب الجديدة والحي العربي.
في الأثناء، أعلن تلفزيون النظام الرسمي مقتل 4 طلاب جامعيين، جراء قصف من الفصائل استهدف المدينة الجامعية في مدينة حلب، بينما نفت "الإدارة العسكرية" تلك الاتهامات. وشهدت المدينة الجامعية هجرة جماعية، إذا غادر مئات الطلاب المدينة إلى المحافظات التي ينحدرون منها، بعد وصول المعارك لحلب الجديدة.
جامعة حلب ..اخلاء المدينة الجامعية ... pic.twitter.com/17tzG9BNQR
— محمد العبيد (@mhmdalb29379704) November 29, 2024
تعليق روسي خجول
وفي أول تعليق رسمي روسي على ما يجري في حلب، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن الوضع في حلب "يشكل انتهاكاً للسيادة السورية"، مشدداً أن على النظام السوري يسعى إلى "استعادة النظام في المنطقة بأسرع وقت ممكن".
وأقل ما يوصف به التعليق بأنه خجول، ولا يتناسب مع حجم خسائر النظام لمناطق كبيرة وشاسعة، والدعم الروسي الذي قدمته موسكو للنظام للسيطرة على هذه المناطق منذ العام 2016 وحتى العام 2020، كما يعكس الانكفاء الروسي المستمر عن ما يجري في الميدان.