هل يتبخّر حلم عون برئاسة الجمهورية؟
2024-11-28 07:25:44
""- عبدالله قمح قبل فترة وجيزة من بلوغ تسوية وقف إطلاق النار في الجنوب، كان القرار على المستوى السياسي بالتعامل مع ملف قيادة الجيش وفقاً لما أملته الظروف، إذا بدا واضحاً أن الجيش مُنح دوراً فاعلاً في تنفيذ شروط وقف إطلاق النار ومقتضيات القرار1701. بموجبه، إرتفعت أسهم التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون أكثر من أي وقتٍ مضى، ليس لكونه الحل الأفضل إنما الوحيد.بحسب ما توفّر من معلومات، أحيطَ وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم علماً ولو بطريقة غير رسمية بأن التمديد بات أمراً واقعاً، وسيمر في جلسة نيابية سيدعو إليها رئيس المجلس نبيه بري اليوم. وفهم أن جانباً من مبررات إمرار التمديد الآن، قامت على ضرورات تتصل بانتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني إنفاذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه مع العدو برعاية أميركية، على أن ينجز المهمة فى مدة لا تتجاوز ٦٠ يوماً من تاريخ سريان الإتفاق. وبما أنه يستحيل دخول الجيش هذه المهمة مبتوراً نتيجة غياب قائده الذي يُحال إلى التقاعد في العاشر من الشهر المقبل، فضلاً عن انعدام القدرة على استلام رئيس الأركان العميد حسان عودة المهمة لغياب الغطاء السياسي أو القانوني نتيجة وجود علّة أساسية في قرار تعيينه، كان القرار بالذهاب نحو "تمديد الضرورة" أو "تمديد الأمر الواقع" على قاعدة "مرغم أخاك لا بطل".بيد أن ذلك، قطع الطريق فعلياً على محاولة خاضها وزير الدفاع فى وقتٍ سابق لدعم مشروع إجراء تعيينات شاملة داخل المؤسسة العسكرية، حيث بنى في تصوره إسماً يقترحه قائداً للجيش جعله من ضمن "ليستا" ضمت أسماء ضباط آخرين كان ينوي اقتراحهم للتعيين في المجلس العسكري. وقد جال بالفعل على مجموعة من الشخصيات السياسية مسوّقاً فكرته. لكنه فهم، أن الظروف الحالية لم تعد تسعفه في إمرار مقترحه. لكنه في الوقت ذاته، حافظ على خياره قائماً فضلاً عن قراره استمرار التعاون مع قائد الجيش الحالي متى أن مجلس النواب هو من اختار التمديد.الآن، ولو أن التمديد أصبح أمراً واقعاً، غير أن النقاش بقيَ محصوراً بآليات الوصول إليه. هل إن المطروح تمديد لمدة عام أم 6 أشهر؟ هل سيشمل رتباً من عماد إلى عميد أم أنه سيكون محصوراً من عماد إلى لواء؟ هل هذا التمديد سيمنح المستفيدين منه رقماً مرموقاً مرمزاً يفوق الـ64 صوتاً بحيث يجعل من قائد الجيش رئيساً للجمهورية مع وقف التنفيذ؟ في الحقيقة ثمة نقاش، لم ينتهِ حتى ساعة كتابة هذه السطور، دار بين فكرتين، الأولى، أن يُعطى التمديد لمدة عام، كمكافأة سياسية ربما، فيما الثانية تفضل أن ينحصر التمديد في 6 أشهر. ميول الفريق الثاني ترتبط بإنجاز المهمة الحالية المخصصة للجيش، أي انتشار قواته بعدد معين كمرحلة أولى جنوب الليطاني وإشراف قائده على حسن الإنتشار. ويعتقد هذا الطرف أن القائد بإمكانه إنجاز هذه المهمة ضمن فترة لا تتعدى الـ6 أشهر. وتقدر بأن النوايا الحالية لدى السياسيين، تشير إلى احتمال انتخاب رئيس للجمهورية أواخر الشتاء الحالي أو مطلع الربيع المقبل على أبعد تقدير. وبالتالي ليس هناك من داعٍ لضمان تمديد لمدة عام طالما أن الرئيس العتيد سيتولى تعيين قائد جديد للجيش ولا يجب أن يتم تقييد هذا الرئيس باستمرار القائد الحالي. في المقابل، فكرة الفريق الأول الدافعة للتمديد لمدة عام، تقوم على استباق أي تطور على صعيد المؤسسة العسكرية في ظل بقاء التهديدات الإسرائيلية قائمة، والسماح للجيش بالتفرّغ من أجل ترتيب نفسه والتزام ضمان تطبيق قرار وقف إطلاق النار.بالعودة إلى اقتراح التمديد عملياً، خيضت خلال الأيام الماضية ورشة قانونية مفتوحة بين الكتل النيابية بهدف إيجاد المسوّغ القانوني الأمثل لإمرار التمديد. واللافت أن ثمة مجموعة اقتراحات جرى تقديمها، من بينها ما يحصر التمديد بشخص القائد، وأخرى حصرت برتب من عماد إلى لواء، ومن يريد قانوناً شاملاً بحيث يستفيد منه العمداء أو نفرٌ معين منهم ممن يتولون مسؤوليات حساسة. ليس سراً أن قائد الجيش العماد جوزاف عون، نقل عنه مراراً وتكراراً من أنه يفضل التمديد لنفسه بمعزل عن غيره، بيد أن هذا "التمني" الذي فهمته كتلة "القوات اللبنانية" وترجمته إلى صيغة اقتراح قانون، لا تخدم قائد الجيش، لأن أي تمديد مماثل من شأنه أن يزيل من الصيغة طابع الشمولية ويعرّضها للطعن. وليس أحداً من "المتحمسين" من دور "محجوز" لعون مستعد لفقدان موقعه نتيجة للطعن. لذلك يمضي الإقتراح الحالي في اتجاه تكرار تجربة العام الماضي في التمديد، أي أن يشمل رتباً من عماد إلى لواء، على أن يستفيد منه إلى جانب قائد الجيش، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري، بينما سيتم تحييد مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا كونه مدني ويحظى بولاية ممددة سلفاً تنتهي مع حلول العام 2025.الشق الثالث والأهم يتعلق بالأرقام التي سينالها مشروع التمديد لا سيما بالنسبة لقائد الجيش، الذي يعتبر فريقه أنه كلما حاز رقماً أكبر كلما اقترب أكثر من قصر بعبدا، متجاهلين أن الأوضاع دخلت عليها تغييرات، وما كان يجوز بالأمس لم يعد جائزاً اليوم، فيما عون، بالنسبة لكثر، لم يعد ذلك الإسم "الجذاب" رئاسياً وهو جو يسود بين أقرب حلفائه. بالتالي قد يفهم أن يكون التمديد الحالي بمثابة الأخير على قاعدة "مكافأة نهاية الخدمة".مع ذلك، ينصبّ جهد "فريق القائد" وداعميهم لا سيما المحسوبين على السفارتين الأميركية والسعودية، على حشد الكتل النيابية، مع التسليم بأن كتلاً كـ"الجمهورية القوية"، الكتائب، اللقاء الديمقراطي، الإعتدال، لبنان الجديد، التوافق الوطني بالإضافة إلى نواب قوى التغيير الذين صوت بعضهم للتمديد العام الماضي، والمستقلين، يستطيعون توفير انطلاقة تبدأ من 70 صوتاً، مع ضرورة العمل على حشد ما يربو عن 75 صوتاً بما يلامس الـ86 المطلوبة لانتخاب الرئيس وتعديل القانون، ما يجعل عون، بمنظورهم، يضع قدماً في قصر بعبدا! فيما الفريق الآخر الذي يتشكل أساساً من نواب "حزب الله" (وربما حركة "أمل") الذي لم يصوت لعون في التمديد الماضي، ولبنان القوي الرافض للفكرة، لا يخفى عنهم أنهم يفضلون حصر أرقام التمديد ضمن سقف يبدأ من 65 صوتاً ولا يتجاوز الـ70 صوتاً.
وكالات