أخيراً حصل وقف إطلاق النار. قرارٌ انتظره طويلاً النازحون إلى الشمال من الجنوب والبقاع والنبطية وضاحية بيروت الجنوبية من أجل العودة إلى منازلهم بعد أكثر من شهرين على مغادرتها.ازدحام الطرقحركة السير الكبيرة والزحمة الكثيفة، من عكار إلى طرابلس مروراً بالمنية، أوحت بأن أعداد العائدين كبيرة هذا اليوم. فأرقام النزوح تتعدى الـ 150 ألف نازح، بين عكار والمنية وطرابلس، ناهيك عن المناطق الأخرى والأعداد الأخرى. وفي جولة لـ"المدن" على عدد من المناطق ومراكز الإيواء، والاستطلاع الميداني مع النازحين؛ يتبيّن بأن النازحين في عودتهم قد توزعوا على فئتين: فئة قررت العودة مباشرة فور بدء سريان وقف إطلاق النار، بغض النظر عن أوضاع المنازل والدمار، وهؤلاء بأكثريتهم من سكان مراكز الإيواء، أو من الأشخاص الذين لم تتضرر منازلهم بشكل كبير. وقسمٌ آخر فضّل عدم العودة اليوم الأربعاء، والتريّث لبعض الوقت، بانتظار جلاء الصورة، وانتظار رأي من عاد من الأصدقاء والأقارب بشأن العودة ليُبنى على الشيء مقتضاه.جميع الطرق المؤدية من عكار إلى طرابلس ومن طرابلس إلى بيروت، ناهيك عن الطرق الداخلية في هذه المناطق شهدت زحمة سير خانقة، اعتباراً من الساعة الخامسة صباحًا وانطلاق مواكب العودة. بهدوء وبدون رايات وشعارات يعودون عبر عكار وطرابلس، والابتسامات تعلو الوجوه.محمّلون بالنصر والفرح"المدن" استصرحت عددًا من النازحين العائدين، وفي السياق أشار عماد عطوي إلى أنه قد نزح قبل شهرين إلى قبعيت في عكار، وهو الآن عائد إلى النبطية. ويقول: "منزلي لا يزال على حاله ولم يتعرّض لأي تدمير.. نريد الآن العودة محمّلين بالنصر والفرح".أما الحاجّة حوراء قاسم فاعتبرت أنّ "منزلها المدمّر والمواسم التي أتلفت كلها فدا المقاومة وفدا السيد حسن.. سأعود وأسكن على الرمل والتراب وأعيش فرحة الانتصار". ولا تنسى أن توجّه الشكر لأهالي عكار "الذين احتضنوا ضيوفهم بكل كرم وأخلاق ورحابة صدر".وفي مقابل مشهد العائدين مشهدٌ آخر لنازحين فضّلوا عدم العودة في هذه اللحظة والبقاء في مراكزهم. لديهم أسبابهم المختلفة، فمنهم من استأجر منازل ودفع لأشهر مسبقة ولم تنته المُهل، ومنهم منازلهم مدمّرة بالكامل ومنهم من يتريث بانتظار جلاء الصورة. هذا ما كان عليه وضع مهدي جواد الرجل الخمسيني النازح إلى عكار. ويقول لـ"المدن": "قررت عدم الرجوع حاليًا. سأبقى في عكار أقله لأسبوع لأستوضح الوضع أكثر ممن عادوا. بحسب ما وردني فإن منزلي في القليلة قد تعرّض لبعض الضرر، لكن بقليل من الترميم وبأيام قليلة يعود كما كان لكنني أفضّل التريث قبل العودة فقد عاد أخي وأولاد عمي وبناءً على عودتهم سأقرر مع عائلتي الوضع".في طرابلس استطلعت "المدن" الأوضاع في مركز الإيواء في فندق (الكواليتي إن) صباحاً. بعض النازحين جمعوا أغراضهم وأمتعتهم للعودة طوال اليوم في حين أن القسم الآخر يفضّل العودة غداً الخميس تفاديًا لزحمة السير وقد أرسلت عائلات أفراداً منها لتقصّي الأوضاع قبل اتّخاذ القرار. هذا الأمر انسحب أيضًا على مراكز الإيواء في قضاء المنية - الضنية.وبحسب معلومات "المدن" فإن إخلاء مراكز الإيواء والمدارس في مناطق الشمال بكاملها، لن تطول لأكثر من أسبوع في أبعد التقديرات. في حين أن العودة الكاملة لجميع النازحين قد تستغرق أسابيع لاسيما أولئك الذين استقرّوا بالمنازل وخارج مراكز الإيواء فيفضّلون البناء على عودة الآخرين وتجربتهم قبل اتّخاذ قرارهم.