في رومانيا... "وعد بوقف الدعم لأوكرانيا" يقلب الموازين لصالح مرشح يميني
2024-11-26 14:55:42
"يميني متطرف مغمور" ظهر فجأة في مقطع فيديو على تطبيق تيك توك، فأصبح المرشح الأول لرئاسة رومانيا بعد ثلاثين عامًا من هيمنة الديمقراطيين الاشتراكيين على الحياة السياسية.
وعد الستيني كالين جورجيسكو في مقطع الفيديو الذي حصد مشاهدات مليونية، الشعب الروماني بوقف دعم البلد الموالي للغرب، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.
هذه ملامح جورجيسكو، وربما أيضًا ملامح مرحلة قد تعود فيها رومانيا لحضن الدب الروسي، بعد عقود من التوتر الناتج عن الدعم الكبير الذي قدمته خلال السنوات الثلاث الماضية لكييف، ودعمها كذلك للعقوبات المفروضة على روسيا.
وبين ليلة وضحاها، انقلبت المعايير، وخرج من السباق المرشح الأوفر حظًا في استطلاعات الرأي، رئيس الوزراء مارسيل سيولاكو المؤيد لأوروبا، الذي أكد أنه سيتخلى عن رئاسة الحزب الديمقراطي الاشتراكي بعد هزيمته، الاثنين، وأيضًا "لن يطعن في النتائج"، بحسب ما نقلت عنه وكالة فرانس برس. وفي 8 كانون الأول المقبل، ستنطلق الجولة الثانية من الانتخابات، يتنافس فيها جورجيسكو (62 عامًا) الذي حاز على 22.94% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، مع إيلينا لاسكوني (52 عامًا) وهي رئيسة بلدية وسطية لمدينة صغيرة، حصلت على 19.1% من أصوات الناخبين.
وخلال الأيام السابقة ليوم الانتخابات (أمس الأحد)، قام جورجيسكو المعروف أيضًا بمعارضته للقاحات، بحملة عبر تطبيق "تيك توك" ركزت على ضرورة وقف كل مساعدة لكييف، وحققت انتشارًا واسعًا خلال الأيام الماضية.
وعلّق أمس الأحد بالقول: "هذا المساء، هتف الشعب الروماني من أجل السلام، وهتف بصوت عالٍ للغاية".
حتى الآن، دعمت رومانيا أوكرانيا بقوة مما سمح لجارتها باستخدام ميناء كونستانتا الروماني على البحر الأسود لتصدير الحبوب.
وقالت أوانا لونغيسكو، المتحدثة السابقة باسم "الناتو" المولودة في رومانيا وهي الآن زميلة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن "رومانيا لاعب رئيسي للغاية من حيث الأمن والدفاع في أوروبا ولدعم أوكرانيا". وأضافت في مقابلة مع وكالة رويترز: "أي شيء وأي سياسة وأي طرف سياسي يتغير يخاطر بأن يكون له تأثير كبير ليس فقط على رومانيا نفسها وعلى مسار أمن رومانيا وديمقراطيتها، ولكن أيضًا على أمن أوروبا ومنطقة اليورو الأطلسية".
من هو كالين جورجيسكو؟ وُلد جورجيسكو في بوخارست عام 1962 ولديه شهادة دكتوراه في علم التربة. شغل مناصب مختلفة في وزارة البيئة الرومانية في تسعينيات القرن الماضي، ومثّل بلاده في لجنة الأمم المتحدة لبرنامج البيئة بين عامي 1999 و2012.
وكان عضوًا في حزب اليمين المتطرف "تحالف وحدة الرومانيين (AUR)" لكنه غادره عام 2022 بعد خلافات داخلية واتهامات بأنه موالٍ لروسيا ومنتقد لحلف "الناتو"، بحسب تقرير لأسوشيتد برس.
يدعم جورجيسكو الكنيسة الأرثوذكسية الرومانية، وأثار الجدل بتمجيده زعماء فاشيين ووطنيين من الثلاثينيات والأربعينيات. كما نقلت وسائل إعلام محلية عنه مديحًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفًا إياه بأنه "رجل يحب وطنه".
في الوقت نفسه، ينفي جورجيسكو أنه مؤيد لروسيا.
ووصفه تقرير لموقع "بلييه تيك ستيري" الروماني، بأنه "ذو ملف أكاديمي ومهني قوي، لكن طغى عليه الجدل".
وقال إن جورجيسكو بنى حياة مهنية مثيرة للإعجاب في مجال البيئة والتنمية المستدامة، مما ساهم في وضع إستراتيجية رومانيا الوطنية للتنمية المستدامة.
ولكن لديه، أضاف التقرير، تصريحات مثيرة للجدل، كما حدث حين قال إن على بلاده اتخاذ مواقف أكثر استقلالية عن حلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي، كما وصف الدعم لأوكرانيا بأنه "تلاعب جيوسياسي" لتحقيق مصالح أميركية. وتم تفسير هذه التصريحات وغيرها على أنها موالية لروسيا.
ربط كثيرون نجاح جورجيسكو السياسي، بنجاح حسابه على تيك توك الذي يحظى بمتابعة أكثر من 300 ألف شخص، وحازت فيه فيديوهاته الأخيرة على ملايين المشاهدات.
وفق تقرير صادر عن مؤسسة "منتدى الخبراء" في بوخارست، نقلته أسوشيتد برس، حقق جورجيسكو مشاهدات بلغت 92.8 مليونًا خلال شهرين فقط، تضاعفت إلى 52 مليونًا إضافية قبل الجولة الأولى.
وقالت الوكالة، إن محللين أرجعوا الأداء غير المتوقع لجورجيسكو إلى سخط الناخبين على الطبقة السياسية التقليدية التي فشلت في تقديم رؤية واضحة أو رسائل أمل.
لذلك، استفاد جورجيسكو من وسائل التواصل لتقديم نفسه كخيار بديل في ظل غياب أفكار جديدة من الأحزاب الكبرى.
ومن المعروف عن جورجيسكو، أنه يدعم المزارعين المحليين، ويدعو لتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الإنتاج المحلي للطاقة والغذاء، كما يروج لنموذج سيادة يعتمد على الديمقراطية التشاركية.
وفي تشرين الأول الماضي، أعلن جورجيسكو ترشيح نفسه للرئاسة كمستقل، واختار تنفيذ ما أسماه بـ"الحملة الوحيدة من دون تمويل"، كما أفاد تقرير "بلييه تيك ستيري".
وقال جورجيسكو في حينه إن "جميع المواد والعروض الترويجية عبر الإنترنت تتم إجراؤها طواعية من قبل المؤيدين".
ومع ذلك، أضاف التقرير الروماني إن المكتب المركزي للانتخابات قال مؤخرًا "يجب إزالة جميع مواد الترويج الانتخابي لجورجيسكو من بيئة الإنترنت، على أساس أنها لا تمتثل للتشريع الانتخابي بشأن استخدام رمز تعريف الممثل المالي".
علّق المرشح الذي وصفته أسوشيتد برس بأنه يميني متطرف مغمور، على هذا القرار بالقول إنه "محاولة للترهيب"، مضيفًا أن رفضه استخدام رمز الهوية هو "موقف مبدئي"، مردفًا "اسمي كالين جورجيسكو، وهذا هو الرمز الوحيد الذي أتعرف عليه".
وقال جورجيسكو أمس الأحد، وفق الموقع المحلي "اليوم، أظهرت رومانيا الشجاعة للوقوف والتوقف عن قبول الإذلال وإعادة تأكيد هويتها".
وكالات