المتهمون بالجريمة الوطنية التي لا تُغتفر
2024-11-26 06:55:39
- محمد المدنيوصل لبنان إلى مرحلةٍ بات سياسيّوه يتباكون على عدم وجود رئيسٍ للجمهورية يتولى إدارة البلاد، ويشكل مدخلاً لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية. لكن السياسيين أنفسهم كانوا السبب الأساس في عدم إنجاز الإستحقاق الرئاسي لمدة عامين وأكثر، وهو ما يعتبر جريمة وطنية لا تُغتفر.بدايةً، يُعتبر "الثنائي الشيعي"، أول المساهمين في منع انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك عبر محاولتهما فرض مرشحهما رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، رغم علمهم أن وصوله للرئاسة أشبه بالمستحيل بسبب رفضه من قبل أكثرية الكتل النيابية.ثانياً، يتحمل حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وحلفاؤهما في المعارضة، مسؤولية تعطيل الإستحقاق الرئاسي لإصرارهم أيضاً على إيصال مرشحٍ مرفوض من قبل الفريق الآخر. فأولاً طرحوا النائب ميشال معوض، وثانياً تقاطعوا مع "التيار الوطني الحر" على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، والإثنين عليهما فيتو "شيعي" واضح ومعلوم، الأمر الذي سمح لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بإقفال مجلس النواب وعدم الدعوة لجلسات انتخاب بحجة أن الإنقسام "الرئاسي" يجعل جلسات الإنتخاب لزوم ما لا يلزم.ثالثاً، الرئيس السابق ل"الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط، الذي بقي في دائرة الترددّ حتى عندما اقتنع ضمناً بالسير بمرشح "الثنائي" سليمان فرنجية، إلاّ أنه كان وما زال ينتظر الضوء الأخضر السعودي للمرشح الذي ستقع عليه القرعة.رابعاً، رئيس تيار "المردة"، يتحمل مسؤوليةً في التعطيل أيضاً، فهو قد تسلّح بقوة "الثنائي الشيعي" وبوعد أمين عام "حزب الله" الشهيد السيد حسن نصرالله له بالرئاسة، وبقي مصرّاً على الترشح مع علمه أن غالبية القوى المسيحية ترفضه. وتحوّل ترشيح فرنجية منذ ما قبل بدء الحرب إلى ترشيح عبثي، الهدف منه ضمان "الثنائي الشيعي" عدم وصول أي مرشح "خصم" بالنسبة له.أخيراً وخامساً رئيس "التيار" جبران باسيل، الذي له حصة دسمة في التعطيل، فهو الوحيد الذي لعب على التناقضات وقفز من التحالف مع الحزب إلى التقاطع مع المعارضة على مرشح خاسر هو جهاد أزعور، وذلك بهدف منع حصول تسوية رئاسية تطيح به إلى خارج السلطة. ناهيك عن أن باسيل الذي خرج في تسجيل مقتضب منذ يومين يعيّر فيه "الثنائي" بتعطيل رئاسة الجمهورية، قد تناسى أنه وعمّه أول من كرّس تلك القاعدة وعطّل الإنتخابات الرئاسية خلال عامين ونصف حتى انتخاب الرئيس ميشال عون في تشرين الأول 2016.ختام الجردة، هو أنه لا يحقّ لأي فريق سياسي أن يحمّل مسؤولية التعطيل للآخر، فالكلّ شركاء فيه وإن تفاوت قدر المسؤولية لكل منهم. كما أن الكلّ أخطأ في قدرته على فرض معاييره الخاصة في ما خصّ شخصية الرئيس. إلاّ أن أخطر ما ينتظر لبنان ما بعد الحرب، هو أن تستمرّ هذه القوى في حساباتها الخاطئة، وبدلاً من أن تذهب إلى تسوية واقعية وموضوعية تستمرّ بحالة الإنكار والرهانات الخاطئة ويفوّت لبنان حينها فرصة إنهاء الشغور الرئاسي في سياق نهاية الحرب.
وكالات