على إيقاع المستجدات والتهديدات السّياسيّة والعسكرية الّتي بثّها المسؤولون الإسرائيليون، فضلًا عن التصريحات الأميركيّة الّتي وضعت حدًّا زمنيًّا لوساطتها.. تتسارع التطورات الميدانيّة، حيث تتكثّف العمليات القتاليّة بين الجيش الإسرائيليّ وحزب الله، بعد تصعيد الأخير لمستوى عملياته وضربه تلّ أبيب ثلاث مراتٍ في يومٍ واحد لـ"الانتقام" من المجازر الّتي ألحقها الجيش الإسرائيليّ بالمدنيين في العاصمة بيروت في الأسبوع الفائت. ليعود الجانب الإسرائيليّ ويُكثّف غاراته الجويّة ليلاً على الضاحيّة الجنوبيّة كردٍّ على الهجوم الجويّ على تلّ أبيب.
وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيليّ أفيخاي أدرعي، في هذا السّياق، إلى أن "الليلة على وجه التحديد سيفهم كل من يظنّ أنّه في موقع يسمح له بفرض المعادلات". ويأتي التصريح بعد التهديدات التي أطلقها الجيش الإسرائيليّ ضدّ الضاحية الجنوبية لبيروت.ضغوط أميركيّةنقلت هيئة البث الإسرائيليّة عن مسؤولٍ أمنيّ كبير تهديدًا للبنان بأنّه "سيدفع الثمن" إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقٍ قريبًا، وأكدّ أن واشنطن قد منحت إسرائيل "ضمانات كاملة" تتيح لها حرية العمل في حال انتهاك أي اتفاق محتمل. من جهة أخرى، أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قد هدد بالانسحاب من عملية الوساطة إذا لم يتمّ تحقيق تقدّم في المفاوضات خلال الأيام المقبلة، مما يزيد من خطورة الوضع ويضع المنطقة أمام احتمالية تصعيدٍ أكبر.
وعلى وقع هذه الضغوط، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا حاسمًا مع كبار قادة الأجهزة الأمنيّة لمناقشة الوضع المتأزم. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، نقلًا عن مصدر سياسي، أننا "حذرنا لبنان أنه إذا لم يتم التوصل لاتفاق ستتم مهاجمة أهداف لبنانية"، لافتةً الى أن "إسرائيل ميزت حتى الآن بين أهداف لبنانية لم تهاجمها وأهداف تابعة لحزب الله". وذكرت هيئة البث، أن "نتانياهو بحث مع مساعديه كيفية شرح وتقديم التسوية في الشمال للإسرائيليين، والاجتماع الأمني بين نتانياهو وكبار قادة الأجهزة الأمنية حاسم بالنسبة لمصير الاتفاق مع لبنان". هذا وقالت صحف إسرائيليّة إنّه "تمّ إغلاق الفجوات المتبقية في اتفاق التسوية مع لبنان والاتفاق بات جاهزًا".
وقد نُقل عن مصادر إسرائيليّة متعددة بأن هوكشتاين، الذي قام بزيارة المنطقة، استخدم لهجةً حادّة مع الجانب اللبناني، وهدد كلا الطرفين بالانسحاب في حال استمرار الجمود. في هذا السّياق، أكدّت مصادر من مكتب نتنياهو أن تهديدات هوكشتاين قد وصلت بالفعل إلى الجانب الإسرائيليّ. أما وعلى صعيد الوساطة الدوليّة، فكشفت مصادر إسرائيليّة عن استمرار رفض إسرائيل لمشاركة فرنسا في لجنة مراقبة الاتفاقات المستقبلية بين لبنان وإسرائيل، رغم الجهود التي يبذلها هوكشتاين للوصول إلى حلٍّ شامل ينهي التوتر..استهداف البرلمان اللّبنانيّوفي سياقٍ متصل، فجّرت صحيفة "معاريف" الإسرائيليّة مفاجأة من العيار الثقيل عندما نقلت عن مراسلها العسكريّ أنّ الجيش الإسرائيليّ يدرس خيار استهداف مبنى مجلس النواب اللّبنانيّ في بيروت، كخطوةٍ رمزية لإعلان "النصر" والضغط على حزب الله سياسيًّا. وبحسب المحلل العسكريّ آفي أشكنازي، فإن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان سيزيد من الضغط على حركة حماس في غزة ويساهم في عزلها إقليميًّا. وأشار أشكنازي إلى أن إسرائيل بحاجة ماسة إلى ترتيب الوضع في الشمال بهدف تسريع العمليات العسكرية في قطاع غزة، ما يوضح الترابط بين التصعيد على الجبهتين الشمالية والجنوبية بالنسبة للجيش الإسرائيليّ.تصعيد ميدانيّفي غضون ذلك، شهدت السّاعات الأخيرة تصعيدًا ميدانيًّا كبيرًا، حين أطلق حزب الله أكثر من 340 صاروخًا استهدفت مناطق وسط إسرائيل ومدنًا أخرى، وفقًا لما أوردته القناة 13 وإذاعة الجيش الإسرائيلي. وقد ردّ الجيش الإسرائيلي بقصفٍ مكثّف على مناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت، بالإضافة إلى غاراتٍ جويّة على مواقع في جنوب لبنان مثل بلدة أنصارية.
ومع تصاعد القتال، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرات مباشرة لسكان الضاحية الجنوبية لبيروت لإخلاء مناطق محددة مثل الغبيري، برج البراجنة، الحدث، وحارة حريك، وارتفعت وتيرة التحليق المكثف للطائرات الحربية الإسرائيليّة فوق العاصمة بيروت ومحيطها، فيما بلغ عدد المباني المستهدفة الـ12، حتّى لحظة كتابة هذا التقرير.محاور التوّغل البريّتنفذ قوات جولاني وفرق اللواء 188 ولواء 282 ومقاتلي وحدة "يلام" تحت قيادة الفرقة 36، عمليات توغل بري في عدة محاور في جنوب لبنان منذ نحو شهرين. حيث داهمت القوات الإسرائيلية أكثر من 150 هدفًا وقضت على عشرات العناصر التابعة لحزب الله في غارات جوية ومواجهات وجهًا لوجه، وعثرت على أسلحة ومنصات إطلاق وبنى تحتية تحت الأرض ومجمعات قتالية شكلت تهديدًا حقيقيًا. وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه سيطر مقاتلو فريق اللواء القتالي 188 على المنطقة، وفي غضون أيام قليلة قضوا على عدد كبير من العناصر التابعة لحزب الله، وعثروا على العشرات من مخابئ الأسلحة ومئات المباني والمقرات العسكرية ودمروها.
وقال اللواء 188 من المنطقة: "ما ترونه هنا، داخل المساحة المخصصة لبقاء عناصر حزب الله تحت الأرض، هناك مساحة للطهي، والبطاريات، وشحن الهواتف، لإقامة طويلة، لقد عثرنا على الكثير من الأسلحة في هذا المكان، وأسلحة قناصة". وأفاد الجيش الإسرائيلي بأن مقاتلي فريق لواء غولاني القتالي قضوا على العديد من العناصر التابعة لحزب الله في عشرات العمليات في جنوب لبنان لتدمير وتحييد قدرات حزب الله العسكرية وبنيته التحتية في القرى والمناطق المضطربة. وفي الأنفاق، قام مقاتلو وحدة "يلام" بتحديد مواقع ومداهمة وتدمير أهداف مركزية ومجمعات تابعة لحزب الله مليئة بالأسلحة والمعدات القتالية. وأشار الجيش الإسرائيلي في نشاط الإسناد الناري، إلى أنه اجتاز اللواء 282 الحدود إلى لبنان لأول مرة منذ 24 عامًا ونفذ هجومًا من الأراضي اللبنانية إلى جانب عشرات الهجمات التي شنها ضد أهداف لحزب الله.اشتباكات في البياضة ومحور شمع-طير حرفاإلى ذلك، أفادت تقارير لبنانيّة، مساء اليوم الأحد بأن الاشتباكات بين حزب الله وقوة إسرائيلية معزّزة بدبابات الميركافا كانت تحاول الدخول إلى بلدة البياضة عن طريق شمع وطير حرفا لجهة وادي حامول، أدت إلى احتراق أكثر من أربع دبابات ميركافا استهدفتها المقاومة بالصواريخ الموجهة وسقوط قتلى وجرحى. في التفاصيل، فقد شوهدت النيران وسحب الدخان الأسود تندلع من تلك الدبابات.
وأشارت التقارير إلى أن رتلًا من 30 آلية عسكرية إسرائيلية تراجع من جنوب البياضة- الديكان بعد محاولته الالتفاف والسيطرة على منطقة البياضة وبلدة الناقورة على وقع القذائف الصاروخية لحزب الله، وانسحب باتجاه شمع وطير حرفا تحت غطاء مدفعي. وأفادت باشتداد وتيرة الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي على محور شمع-طير حرفا، حيث يعمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف البلدات المذكورة فيما يكثف الطيران الاستطلاعي والمسيّر التحليق فوق أرض الاشتباك الدائر.في السّياق نفسه، استهدف حزب الله تجمعًا للجيش الإسرائيلي عند مثلث دير ميماس– كفركلا.