2024- 11 - 23   |   بحث في الموقع  
logo الجيش الإسرائيلي يزعم: الغارات اليوم استهدفت مراكز وبنى تحتية لـ”حزب الله” logo العدو أقام ساتراً ترابياً عند مدخل بلدة دير ميماس الشمالي logo شركة ألمانية تجمد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً logo ترامب يعتمد على عالم التلفزيون والنجوم في تشكيل إدارته logo العراق يطالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات لوقف العدوان الإسرائيلي logo وصف بالـ"خائن"... تفاصيل الهجوم على قائد عسكري إسرائيلي في الضفة logo البنتاغون يرصد مئات الهجمات على قواعده في الشرق الأوسط logo إيران توعد بالانتقام من إسرائيل: "الهلاك قادم"!
أبعد من غزّة... أوسع من لبنان
2024-11-23 10:55:40


أفصح طول مدّة الحرب على غزّة، ومن ثمّ على لبنان، عن حقيقة الأهداف التي تقف خلف تطاول "ليلِ الاشتباك" الدامي، الذي ما زال يتدحرج فوق الجسدين، اللبناني والفلسطيني.
المقروء الآن في دفتر الحرب هو عنوان إعادة تشكيل الوضع العربي أولاً، ومن ثمّ ربط هذا التشكّل بما يحيط به من جوارٍ قريب، ومن ارتباط دوليّ بعيد. لن يذهب الظن بالتشكيل إلى حدّ ملامسة المسّ بالجغرافيا، في لبنان مثلاً، لكنه سيطال بالقصّ الجديد، البقيّة الباقية من فلسطين، وسيطال لملمة شظايا الانشطار الذي أصاب السودان، ونال من ليبيا، بعد أن سبقهما الصومال إلى التوزّع على صومال "تراب" و"أرض صومال".
الدليل، الذي لا يعانده واقع، إلى حقيقة الهدف أو الأهداف الخارجية، يدعمه مظهران، الأول غربي بقيادة أميركية، والثاني إسرائيلي بقيادة "توراتية" سياسية، تتوسّل الأسطورة والنّص والادّعاء، سبيلاً لتغطية حرب الإبادة التي تقودها، من دون خوف من مساءلة، ومن دون إدانةٍ أو عقاب.
وضع المسألة القتالية في إطارها الحقيقي، ينقل الحسابات السياسية من المحليّة الضيقة، في الحالة اللبنانية، وينقلها من الفضائية "المقيتة"، في الحالة الفلسطينية، ويضع أهل الحالتين في مواجهة الحسابات الوجودية "الكيانية" التي تقتضي حكمة ودراية ومراقبة لموازين القوى، وتقتضي قراءة الظروف المندمجة، دولياً وإقليمياً وعربيّاً، وهذه يجب أن تكون قراءة دقيقة، تستدرك آفة "خفَّةِ" الحسابات التي حَكَمَتْ أبناء قرار "طوفان الأقصى"، مثلما تُلَمْلِمُ آثار استسهال أبناء قرار الإسناد، الذين أخذهم "الطوفان" بأمواج تداعياته.
في السياق أعلاه، ما الذي يجب الوقوف أمامه مليّاً، في محاولة لفهمه ولتفكيك بنوده، ثم في سعي لإعادة تركيبه، كتمهيد ضروري لتحديد أساليب التعامل معه، في الحالة الدولية، كما في حالة الميادين مع العدوانية الإسرائيلية.في الحالة الأميركية:تجتمع الأدلّة وتتراكم نتائجها وخلاصاتها لتقف على أرض عنوان واحد هو عنوان إعادة إنتاج وتعميم "الأمركة" التي فشلت مع جورج بوش، بعد اجتياح أفغانستان، وبعد اجتياح العراق، وبعد أن تعافت روسيا من "جراح" تفكك الاتحاد السوفياتي، وبعد أن تابعت الصين الشعبية تقدمها الاقتصادي بهدوء داخلي، وبرصانة سياسية خارجية.
عوامل "الما بعد" مجتمعة، أفشلت نظرية القطب العالمي الواحد، وعرقلت هدف الهيمنة الأميركية الشاملة، وأغرقت السياسات العدوانية الخارجية في متاهات البنى الداخلية المستهدفة بالعدوان، وبان "للمفكر" الأميركي، أن نسخة "الدمقرطة" الخلاّقة، لا تتحقق من خلال قَصْفِ عمران البلاد، ولا من خلال العَصْفِ بالبِنْيات الموروثة للعباد. الدرس الذي استفاد منه "الغازي" الأميركي، هو درس الانتقال من الغزو الجغرافي المباشر، إلى الغزو "الهَيْمَني" غير المباشر، وإلى سياسة تحقيق النفوذ العام من خلال أكثر من نظام وكيل، بديلاً من استخدام قوة القمع الدخيل... هذا إذا نقلناه إلى الميدان العربي، وجدنا نقلاً مدروساً لإنقاذ مفاعيل الهيمنة بالواسطة، إلى ديار ما تبقّى من عقبات "بسيطة" في الميدان الشرق أوسطي، وهذه المرّة من المدخل الفلسطيني، واستطراداً اللبناني، وارتباطاً برأس محور "المشاكسة" الذي اسمه النظام الإيراني.في الحالة الفلسطينية:كانت الإشارة منذ بداية الاشتباك في غزّة، أن الأفق السياسي، أمام عملية الطوفان، مسدود، وأنه لن يسمح لحركة حماس بِخيالِ انتصار ينجم عن هجومها الذي أقدمت عليه. بعدما يزيد عن عام من القتال، ارتسم التوقّع السياسي الابتدائي، فوق مساحة غزّة المدمرة، وعلى وجوه أبنائها الذين صاروا شهداء وجرحى ومشرّدين. نستطيع اليوم القول، ومن دون مجاملة، إن حسابات المقاومة الحماسية كانت خاطئة، لأنها لم تُدْرِك أبعاد اللحظة السياسية التي أحاطت بهجومها، وهي كما أسلفنا لحظة انتقال استراتيجي أميركي، مثلما هي لحظة تأكيد ثوابت هذا الانتقال في منطقتنا، من خلال علامتين فاقعتين: الأولى حالة الضعف المتنامي الذي آل إليه الوضع العربي، وحالة الانفكاك العربي أيضاً من حول "القضية الفلسطينية"، التي تجلّت في التقدّم صوب التطبيع مع إسرائيل، وتجلّت أيضاً في خصومة بعض الأنظمة العربية لحماس، لأسباب مذهبية ولأسباب سياسية.
لقد أوقعت حماس، شعبها في بحر مغامرة غير محسوبة، وما سعى إليه المخطط "الحماسي" لم يتوقع حجم رد الفعل الإسرائيلي عليه، وما لجأت إليه إسرائيل كان مفاجئاً بسبب من وحشيته، مثلما كانت مفاجئة للجميع، تلك الرعاية الأميركية التفصيلية لهذه الوحشية المتعاظمة. ماذا يعني ذلك؟ عودٌ على بدء، تأكيد ما هو مؤكد، أي أن إسرائيل قاعدة دفاع وهجوم "للغرب"، وأن تجاوز الخطوط المرسومة على جبهتها يستدعي عقاباً جماعياً، من قبل الآلة الإسرائيلية، ومن جانب الرعاية الغربية العامة، والأميركية التي تتقدم هذا العموم.
ما الصورة الحالية على أرض فلسطين؟ لا تقاس النتائج بديمومة الاشتباك، إذ أنه من طبائع الأمور أن تستطيع الدولة الفائقة القوة تدمير بلدٍ ما واحتلاله، لكنها لا تستطيع، استطراداً، فرض السكينة عليه، والاستقرار فيه. هذه الخلاصة مُستقاةٌ من واقع التجربة البعيدة والقريبة، ومن الميادين الصينية والفيتنامية والأفغانية والفلسطينية واللبنانية. والخلاصة إياها، التي تجمع بين الاحتلال وعدم الاستقرار، لا تعني فشلاً للعدو، بقدر ما لا تعني انتصاراً للصديق، وعليه يجب أن نبحث عن إمكانية الربح الممكن في مجال آخر.
فلسطينياً، ليس لنا إلاّ تداول بعض الأسئلة التي تحتمل مقاربة لبعض الأجوبة. من الأسئلة: هل قرّبت حرب غزة مطلب حلّ الدولتين أم جعلته أكثر ابتعاداً؟ وإذا حصل الاقتراب من دولة فلسطينية، فأي فلسطين هي المقصودة بتلك الدولة؟ هذا بعد أن أعيد احتلال غزّة، وبعد أن قَضَمَ الاستيطان مساحات واسعة من الضفة الغربية، وبعد أن ارتفعت الأصوات التي تنادي بضمها إلى ما جرى اغتصابه من أرضٍ فلسطينية؟ الراجح سياسيّاً، ودائماً حسب "التفكّر" السياسي بالأمر، أن الدولة ابتعدت، وأن ابتعادها شحنته التداعيات التي أطلقتها عملية طوفان الأقصى غير المحسوبة بدراية سياسية راجحة.الصورة الحالية في لبنان:على رغم مرارة الأيام اللبنانية، في الجنوب حيث مسرح الاشتباك المباشر، وعلى امتداد الجغرافيا اللبنانية، حيث يصل سلاح العدوان، على رغم ذلك، يجب عدم الامتناع عن القول إن إعطاء عنوان إسناد غزّة لتدخل المقاومة اللبنانية كان غير صائب سياسيّاً، وكان ممكناً تقديم الأمر في صيغة لبنانية عنوانها تطبيق القرار 1701 كاملاً، واستكمال تحرير ما تبقّى من أرض لبنانية محتلّة، في مزارع شبعا، وفي بعض النقاط الحدودية. العنوان اللبناني هذا كان من شأنه سحب تشكيلات عسكرية إسرائيلية نحوه، أي أنه كان من شأنه تقديم الإسناد للمقاومة في غزّة، في ظلال عنوان شرعي لبناني، متوافق عليه محليّاً ومعترف به دوليّاً، هذا الأمر كان كفيلاً بتجنب حرب "التنزيح" على جانبي الحدود، وربما كان كفيلاً بعدم إقدام العدو على ما يقدم عليه الآن من استهداف للسكان وللعمران وللمقومات الاقتصادية والمعيشية، التي تنال من استقامة حياة الكتلة الأهلية الشيعية، ومن استقامة حياة سائر الكتل الأهلية اللبنانية.
الآن، وليس غداً، ومن دون إطالة تستوجبها مداخلة إضافية جديدة، الآن المطلوب تضافر كل الجهود السياسية والميدانية، لمنع العدو من احتلال الأرض الجنوبية مجدّداً، مثلما مطلوب السعي لدى كل "دول القرار" لمنع استقرار هذا الاحتلال، أو استدامته، من خلال إبداء الاستعداد لتنفيذ القرار 1701 بكافة بنوده، ومن خلال المطالبة بالضغط على الإسرائيلي للاستجابة إلى مطلب تنفيذ هذا القرار.
الآن اللبناني، ولكي يكون موضع توافق يمكن توظيفه غداً، يجب، بل يفرض على المقاومة اللبنانية، الالتزام بما تقرره المرجعيات السياسية اللبنانية، ومن واجب هذه المقاومة أن تستخلص الدرس الأساس وهو: أنها لا تستطيع أن تظلّ قوّة خارج قوى "الدولة"، وأنها لا تستطيع المطالبة باستمرار "تشكيلات" بنيتها المقاتلة كما هي، بل عليها أن تكون جزءاً أساسيّاً من بحث توافقي ميثاقي عنوانه: كيف نحمي لبنان من جملة الأخطار المحيقة به، أي ما هي الوسائل، وما هي الخطط، ومن هي المرجعية العامة لكل هذه العملية السياسية الدفاعية. استباقاً، ولكي يكون الدرس درساً، المرجعية هي الدولة التي تقودها تشكيلة متداخلة طائفياً ومذهبيّاً، وسياسيّاً، وفق اتفاق الطائف، ووفق روح الميثاق الاستقلالي، ووفق روح العيش المشترك اللبناني، ووفق الممكنات التي يستطيعها لبنان، هذه الممكنات التي جرى القفز من فوق أحكامها في محطات لبنانية عديدة.
استجابة المقاومة، يجب أن ترافقها استجابة معارضيها اليوم، ليكون التلاقي أسهل غداً. هذا لا يعني التخلي عن ملاحظات وعن مواقف مختلفة، بل يعني تغليب منطق الشراكة في إدارة درء الأخطار، والشراكة في درس وعي جديد، أو متجدّد، مضمونه أن لا مكان للتغلّب والغلبة في لبنان، وأن كل استقواء بالخارج على الداخل مآله الزوال، وأن الكسْر الطائفي، والانكسار المذهبي، أمران غير ممكنين في لبنان، هذا إذا لم نقل أنهما من المستحيلات التي ترفضها اللبنانية "الكيانيّة".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top