منعت "الإدارة الذاتية" التي شكلتها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، تصريف العملات الأجنبية وتحويلها من دون الحصول على تراخيص، في خطوة يمكن إدراجها في إطار تعامل "قسد" مع التغيرات السياسية التي قد تشهدها المنطقة. وذكر المسؤول المالي لدى "الإدارة" خليل الذياب، أنه يحق لأصحاب المحال التجارية بيع السلع بالدولار الأميركي وإرجاع بقية المبلغ بالدولار أو بالليرة السورية، لكن لا يحق لهم تصريف العملات الأجنبية، أو تحويلها.وفي حين بررت مصادر "الإدارة" قرراها بـ"الحفاظ على النظام المالي في شمال شرقي سوريا"، وصفت مصادر "المدن" القرار بـ"الاستباقي"، مشيرة إلى تزامن تضييق "قسد" على حركة الأموال مع زيادة الترجيحات بانسحاب أميركي من سوريا.إدارة المخاطرويقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي فراس شعبو، إن "قسد" تسعى إلى زيادة التحكم بالقطع الأجنبي في مناطق سيطرتها، من خلال منع تداوله عبر الأقنية المالية الخارجة عن التحكم. ويضيف لـ"المدن" أن "قسد" تدرك أن التغيير في المنطقة قادم، وبالتالي يعبّر التضييق على حركة الدولار عن المخاوف التي تسود "قسد"، موضحاً أن "الحديث كثر عن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا، وهذا يهدد اقتصاد ونظام قسد المالي".ووفق شبعو، فإن كل ما يصدر من قرارات اقتصادية في مختلف مناطق السيطرة السورية في هذا التوقيت، يدخل ضمن باب "إدارة المخاطر المالية"، مبيناً أن "قسد تريد الاحتفاظ بأكبر قدر من القطع الأجنبي، تحسباً للتطورات المقبلة".ومع فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، أججت تقارير إخبارية عن انسحاب أميركي "وشيك" من سوريا المخاوف بين أصحاب رؤوس الأموال في مناطق "قسد"، وخاصة بين المرتبطين بها.بوادر أزمة ماليةويعتمد اقتصاد "الإدارة" بالدرجة الأولى على عائدات النفط والضرائب، والواضح أن زيادة الضربات التركية لمواقع إنتاج النفط قد أدت إلى ظهور بوادر أزمة مالية. وتقدر مصادر عدد الهجمات التركية التي ركزت على القطاع النفطي (حقول، محطات تحويل وتجميع) والكهربائي والصوامع، منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، في مناطق "قسد"، بما يزيد عن ألف هجوم. وبجانب الضربات التركية، صعّدت خلايا تنظيم داعش من وتيرة العمليات التي تستهدف شاحنات النفط، وغيرها من الأهداف الاقتصادية التابعة لـ"قسد". وحكماً أثرت الضربات على إيرادات "قسد" من العملات الأجنبية، الأمر الذي دفعها إلى عدم استنزاف المخزون الأجنبي في شراء المواد والسلع من تركيا والنظام.وتبيع "قسد" النفط للنظام السوري، وللشمال الخاضع لسيطرة المعارضة، كما تبيع كميات منه –عبر وسطاء- إلى الأسواق الخارجية، عبر إقليم كردستان العراق.تعويض الإيرادات الماليةوفي السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي خيرو العبود لـ"المدن"، إن "قسد" تريد تعويض نقص الإيرادات المالية بالضرائب والرسوم. وتتقاضى "قسد" أموالاً "ضخمة" مقابل منح التراخيص وشهادات مزاولة العمل المصرفي في مناطقها، وعن ذلك يقول العبود: "في ظل زيادة الإنفاق نتيجة التضخم، ونقص الإيرادات، فإن زيادة الضرائب والرسوم هي أحد الحلول الاقتصادية أمام الأنظمة الشمولية وهذا ما تفعله قسد".وتفتقد "قسد" للأدوات المالية الفعالة لإدارة الحركة المالية في مناطق سيطرتها، وخاصة لجهة عدم وجود مصرف مركزي، وتلجأ ما إن تستشعر ملامح الخطر الاقتصادي إلى محاولة التحكم بحركة الأموال.