تحوّلت مراكز الإيواء والمدارس الرسميّة في لبنان إلى بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، التي من الممكن أن تكون قاتلة. تخطت مراكز الإيواء قدرتها الاستيعابية خلال الأسابيع الماضية، وامتلأت بآلاف النازحين. والمعروف أنها غير مجهزة بالكامل، خصوصًا مع حلول فصل الشتاء. وتجنبًا لكارثة صحية مُرتقبة، باشرت وزارة الصحة العامة بحملة التلقيح ضد الإنفلونزا الموسميّة.
تلقيح الأطفال وكبار السنفي مدرسة جابر أحمد الصباح– رأس بيروت، تلقى صباح اليوم الأربعاء، 20 تشرين الثاني، حوالى 22 نازحٍاً من الذين تخطت أعمارهم الـ55 عامًا، لقاحات مضادة لإنفلونزا الموسميّة. فهذه الفئة العمرية الأكثر عرضة للإصابة بسبب ضعف المناعة والأمراض المزمنة. وسبق وشملت حملة التلقيح مئات الأطفال داخل المدارس ومراكز الإيواء، في المرحلة الأولى من بدء الحملة الوطنية للتلقيح.
مع ارتفاع أعداد النازحين داخل مراكز الإيواء، تضاعفت مخاوف وزارة الصحة العامة من احتمال تفشي الأمراض داخل المراكز، من دون القدرة على السيطرة عليها بسهولة. وأكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور فراس الأبيض لـ"المدن" أن الخوف الأكبر يتمثل في تفشي الأمراض داخل مراكز الإيواء، وخصوصًا أمراض الأجهزة التنفسية مع اقتراب فصل الشتاء. لافتًا إلى أن وزارة الصحة بالتعاون مع الجهات الداعمة تحاول استباق هذا الأمر تجنبًا لانتشار الأمراض. وأضاف أن هناك تخوفاً من ازدياد حالات التسمم الغذائي، بسبب عدم الإلتزام بالمعايير الصحية اللازمة خلال تحضير الوجبات الغذائية التي تقدم لمراكز الإيواء.تخوف من عودة الأمراض المميتةتتفاقم معاناة العائلات اللبنانيّة منذ سنوات، بدءًا من الانهيار الاقتصادي، وما تبعه من اضطرابات أمنية في مختلف الأراضي اللبنانيّة، وصولًا إلى العدوان الإسرائيليّ على الأراضي اللبنانية. هذه العوامل ساهمت في توقف عدد لا يُستهان به من العائلات اللبنانيّة عن تطعيم وتلقيح أطفالها منذ الولادة. وهو مؤشر خطير جدًا، بحسب بريغو كابوريا، مسؤول اللقاحات في برنامج الصحة في اليونيسيف، في حديث خاص لـ"المدن". وأكد أن انخفاض نسب التطعيم في لبنان سيؤدي حتمًا إلى "إحياء" الأمراض والأوبئة القاتلة التي اختفت منذ عقود طويلة، والتي من الممكن أن تظهر مرة أخرى نتيجة الاكتظاظ الحاصل داخل مراكز الإيواء. إضافة إلى سرعة انتقالها بين الأفراد خلال فصل الشتاء، وهو ما يتطلب حاليًا تكثيف حملات التلقيح.
ووصفت رئيسة جمعية طب الأطفال في لبنان، الدكتورة منى علامة لـ"المدن" هذه المرحلة بأنها أصعب من مرحلة انتشار وباء كورونا العالمي المميت. وأوضحت أن العائلات تقيدت سابقًا بالإجراءات الوقائية لناحية التباعد الاجتماعي وارتداء القناع الطبي وما إلى هنالك، إلا أن المخاوف الحالية هي اندلاع أزمة صحية كبيرة. فالإصابة الواحدة قد تؤدي إلى تفشي الوباء ليطال عدد كبير من الأشخاص خلال فترة قصيرة جدًا، وذلك بسبب الاكتظاظ الحاصل داخل مراكز الإيواء.