بغضّ النّظر عن نتائج الزيارة التي قام بها الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت متلقّيًا ردّ لبنان على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار مع اسرائيل، وبغضّ النّظر عن التحفّظ على البندين المتعلّقين بحقّ الدفاع وباللجنة الدولية، كلّ هذا يُذلّل عندما تنضج التسوية ويصبح من المسلّمات. لكن الأهمّ هو اليوم التالي لوقف إطلاق النار.
في هذا السياق، يبرز دور الجيش اللبناني في تنفيذ الآلية التي أعدّها للقرار 1701 وجعل الجنوب منطقة منزوعة السلاح.تقول مصادر مطّلعة لـ"المدن"، أنّ الجيش أعدّ خطة انتشاره على طول الخط الأزرق، وهو جزّأها إلى أربع مراحل. وأنّ الخطة ببعض أبعادها التقنية وانتشار الجيش في الجنوب، كانت في صلب محادثات هوكشتاين وقائد الجيش الذي زار اليرزة بعد يوم سياسي طويل، لاسيما وأنّ الموفد الأميركي تحدّث أمام قائد الجيش "عن إيجابيات لمسها في محادثاته مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وأنّه لا تزال هناك بعض التفاصيل تحتاج إلى مزيد من النقاش في اليومين المقبلين"، يقرّر هوكشتاين في ضوئها مغادرة بيروت متوجهًا إلى تل أبيب أم تنتهي مهمته في مهدها.الإيجابية التي نُقلت عن هوكشتين قد تتحوّل إلى اتفاق وحلّ، يبدأ حينها الحديث عن دور الجيش على الأرض.هنا تكشف المصادر عينها، "أنّ الجيش لا يمكنه بدء تنفيذ المهمّة المطلوبة منه في الجنوب بعد وقف إطلاق النار من دون قرار سياسي واضح يطلب منه ذلك ويفصل طبيعة هذه المهمة".وتستدرك المصدر قائلة "صحيح أنّ قائد الجيش ناقش آلية انتشار وحداته في الجنوب مع رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي، لكنّ أيّ دور للجيش هو مسألة منوطة بالسلطة السياسية، وإلى الان لم تتضح الصورة ولم يتم إبلاغ الجيش ماذا سيشمل تنفيذ القرار 1701 وما هي آلية التعامل مع المظاهر المسلّحة على الأرض إذا ما وجدت؟ وهل السلطة السياسية ستطلب من الجيش نزع السلاح من يد مجموعات حزب الله ؟".هي أسئلة مشروعة يحتاج الجيش إلى أجوبة حاسمة حولها مغطّاة سياسيًا لناحية كيف سيتصرف في الجنوب وكيف سيطبق الـ1701 وضمن أي حدود؟ وماذا عن الدور المنوط به في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وهل يملك القدرة على التصدي لمحاولات خرق الاتفاق من جانب إسرائيل أم سيكون الأمر في عهدة الأسرة الدولية أو لجنة المراقبة التي حكي عنها وما هي الضمانات التي تملكها هذه الأخيرة في هذا المجال؟الجيش جاهزكلّ ما يدور حول الجيش ودوره المستقبلي في الجنوب يترافق مع تساؤل عن مدى جهوزيته، وقدرته على الإمساك بالأرض؟ "نعم تقول المصادر المعنية، الجيش جاهز وقادر. والخطة باتت معلومة".في المرحلة الأولى منها، سيعيد الجيش نشر عناصره في المراكز الحدودية على طول الخط الأزرق التي كان انسحب منها في بداية الحرب وأعاد التموضع بمراكز دفاعية أخرى. كما سيعيد ترتيب انتشاره في بعض المناطق لتعزيز تواجده جنوبًا.في غضون ذلك وعندما تستكمل المرحلة الأولى، وهي تحتاج إلى شهرين على الأقل، يبدأ تنفيذ المرحلة الثانية وهي تلك المعنية بتطويع 1500 جندي، وتدريبهم وتسليحهم ونشرهم. تستتبع بمرحلة ثالثة ونشر 1500 جندي آخرين، ومن ثم 2000 جندي ينتشرون في مرحلة رابعة في الجنوب.
تنفيذ خطة الجيش لا يقتصر على التطويع والتدريب إنّما يحتاج إلى تمويل. في حساباته، فإن كلفة هذا الأمر نحو مليار دولار.في مؤتمر باريس رصدت مئتا مليون دولار للجيش، وهي تغطّي كلفة تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة، فمن أين سيؤمّن التمويل الباقي؟ليس خافيا أنّ الولايات المتحدة الأميركية أعربت عن نيتها دعم الجيش لتنفيذ خطة الانتشار في الجنوب، ورصد 300 مليون دولار لهذا الغرض. ولكن كلّ هذا يبقى رهن مسار التفاوض والتسوية التي سيتم التوصّل إليها والتي بناء على خواتيمها السياسية يحدّد الجيش خطوط المهمة التي يمكن أن تكون الأصعب في تاريخ عمله في الجنوب.دور الجيش اللبناني في الجنوب ومهمته وفق التفسيرات المتناقضة للقرار 1701 على جانبي الحدود لا بد أنّه سيغير مصير معادلة جيش شعب ومقاومة، لصالح الجيش فقط.