يشهد جنوب لبنان تصعيدًا ميدانيًّا غير مسبوق بين الجيش الإسرائيليّ وحزب الله، وسط تصاعد القصف المدفعيّ والغارات الجوّية الإسرائيليّة، واستمرار الاشتباكات على عدّة محاور. ويأتي هذا التصعيد في ظلّ مساعٍ دوليّة حثيثة تقودها الولايات المتحدّة للتوصل إلى وقف إطلاق النار، مع تسجيل خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
وصرّحت وزارة الخارجية الأميركية أن "وقف إطلاق النار في لبنان ممكن التحقيق، لكنه يتطلب عملاً من الطرفين"، مؤكدةً أن واشنطن تواصل العمل مع الجانبين لتحقيق هذا الهدف. وأشارت الوزارة إلى إحراز تقدمٍ نسبيّ، لكنها لفتت إلى عدم إمكانية التنبؤ بموعد التوصل إلى اتفاق. وأضافت الخارجية الأميركية أن "تطبيق القرار الأمميّ 1701" يشكل أساسًا ضروريًا لاستعادة الاستقرار على جانبي الحدود. في المقابل، ذكرت هيئة البثّ الإسرائيليّة، نقلًا عن مصادر رسميّة، أن "حرية التحرك الإسرائيلي في حال وقوع انتهاكات" تشكل العقبة الرئيسيّة في المفاوضات مع لبنان. يأتي ذلك في وقت تصاعدت فيه المطالبات الإسرائيليّة بالحفاظ على حرية استهداف ما تسميه "التهديدات المستمرة".استهداف الجيش واليونيفيلإلى ذلك، أعلن رئيس خلية الأزمة في بلدة الصرفند، علي خليفة، في تصريح صحفيّ، أن الجيش الإسرائيلي استهدف الجيش اللّبنانيّ في البلدة، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء. وفي بيانٍ رسميّ، أعلنت وزارة الصحة العامة أن "غارة إسرائيلية على الصرفند تسببت في استشهاد ثلاثة من عناصر الجيش اللبناني وإصابة ثمانية أشخاص، بينهم مدنيون".
إلى ذلك، تعرّضت قوات حفظ السّلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) لثلاثة هجمات منفصلة في جنوب لبنان، ما أدّى إلى إصابة أربعة جنود غانيين بصاروخ استهدف قاعدة شرقي بلدة رامية. وأعلنت اليونيفيل أن أحد الصواريخ أصاب قاعدتها "UNP 5-42"، ونُقل ثلاثة جنود مصابين إلى مستشفى في صور لتلقي العلاج. كما تعرض مقرّ القطاع الغربي لقوات اليونيفيل في بلدة شمع لقصف بخمسة صواريخ، ألحق أضرارًا جسيمة بورشة الصيانة دون وقوع إصابات.
وفي حادث منفصل، تعرضت دورية تابعة لليونيفيل لإطلاق نار مباشر شمال شرق قرية خربة سلم، من دون تسجيل إصابات. وأكدت البعثة أنها فتحت تحقيقًا في جميع هذه الحوادث وأبلغت الجيش اللبناني بها. وشددت اليونيفيل في بيانها على ضرورة احترام حرمة قواتها ومبانيها، محذّرة من أن الهجمات ضدها تمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والقرار 1701.ضربات الحزبعلى الجانب الإسرائيليّ، أعلن الجيش مقتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح خطيرة خلال الاشتباكات داخل الأراضي اللبنانية. وأوضح الجيش أن القتيل والجريحين ينتمون إلى لواء غولاني، حيث قتلوا خلال مواجهات مع عناصر حزب الله. وبذلك، ارتفع عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي إلى 49 منذ بدء الهجوم البري مطلع تشرين الأوّل. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن طائرة مسيرة انقضاضية هاجمت الجنود. ونقل موقع سروغيم الإسرائيليّ عن الجيش قوله إن حزب الله أطلق طائرة مسيّرة باتجاه قوّة كانت ضمن الفريق القتالي للكتيبة 53، الّتي كانت تحت قيادة الفريق القتالي للواء غولاني والفرقة 36. وذكرت تقارير إسرائيلية اليوم أن ألف عسكري إسرائيلي أصيبوا منذ بدء الهجوم البري على جنوب لبنان. في غضون ذلك، رصدت إسرائيل 75 صاروخًا أطلقت من لبنان منذ صباح اليوم، وفقا لما أوردته صحيفة هآرتس. ومن جانبه، أعلن حزب الله تنفيذ قرابة 30 عملية بين قصف مواقع وثكنات إسرائيلية واستهداف تجمعات للجنود في المنطقة الحدودية اليوم الثلاثاء.
وقال الحزب في بياناته إنه قصف قاعدة غليلوت الاستخباراتية في ضواحي تل أبيب، كما استهدف قاعدة بيت ليد شرق مدينة نتانيا (وسط) وقاعدة رامات ديفيد جنوب شرق مدينة حيفا وقاعدة تدريب للواء المظليين في مستوطنة كرمئيل (شمال). كما قصف الحزب مدينة صفد ومستوطنات عدة من بينها أفيفيم وكفار بلوم والمنارة وكريات شمونة. وأعلن حزب الله أيضا إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين في أجواء بلدة الطيبة جنوبي لبنان، واستهداف منزل يتحصن به جنود الجيش الإسرائيلي عند الأطراف الشمالية لبلدة مارون الراس.تصعيد القصف الإسرائيليوشنّت الطائرات الإسرائيليّة سلسلة غارات واسعة النطاق استهدفت بلدات جنوبيّة عدّة، أبرزها قانا، البازورية، الغازية وصور، ما أسفر عن تدمير واسع للبنى التحتية ومقتل وإصابة العشرات. في قانا، استهدفت الغارات مركزًا للهيئة الصحية الإسلامية، ما أدى إلى استشهاد اثنين من العاملين. وفي بلدة معركة، أسفرت الغارات عن استشهاد ثلاثة أشخاص.
كما استهدفت الغارات مناطق مدنية ومرافق حيوية في بلدة عدلون، حيث دُمّر مبنى من ثلاث طبقات، وأصيب سبعة أشخاص بجروح. وفي بلدة يحمر الشقيف، تعرضت المنطقة لقصف مدفعي عنيف وقنابل إنارة، فيما شنت الطائرات الحربية غارات منتصف الليل. واستمر القصف المدفعي الإسرائيلي حتى ساعات الصباح على أطراف بلدات القليعة وبرج الملوك وجديدة مرجعيون. فيما تتواصل أعمال الإغاثة وسط ارتفاع عدد الضحايا. وأفادت فرق الدفاع المدني أنها تعمل على انتشال جثث الضحايا من تحت الأنقاض، خصوصاً في بلدات معركة وصور وقانا. وتشير الحصيلة الأولية إلى سقوط ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى في حي البص بمدينة صور بعد استهداف أحد المباني.
من جهة أخرى، استهدفت غارتان اسرائيليتان بلدتي لبايا وزلايا في البقاع الغربي، كما استهدفت غارة إسرائيلية بعد الظهر بلدة يونين. أيضا شنّت الطائرات الإسرائيليّة غارة عنيفة جدّاً استهدفت مفرق بلدة شعث البقاعيّة. المعارك عند محاور التوغّل البريّعلى محور بلدات شمع، طيرحرفا، والبياضة، تدور معارك متقطعة بين عناصر حزب الله والجيش الإسرائيلي. وأفادت تقارير ميدانية بأن القوات الإسرائيلية استخدمت القذائف الفوسفورية لاستهداف أطراف بلدات زبقين والقليلة في محاولة للتقدم باتجاه البياضة. كما قصف الطيران الحربي بلدات جزين ومحيط نهر الليطاني، في وقت استمر فيه التحليق المكثف للطيران الإسرائيلي فوق القطاعين الغربي والأوسط.