لا تتوقف المحاولات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكنها سرعان ما تفشل بسبب الموقف المعرقل الذي يتبناه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.الدعوة التركية
أحدث تلك المحاولات، مبادرة تركية لتحريك المياه الراكدة منذ جولة المفاوضات التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأميركية. وكشف مصدر قيادي بحركة حماس في حديث خاص لصحيفة "العربي الجديد"، أن القيادة التركية وجهت الدعوة إلى حكومة الاحتلال من أجل استئناف المفاوضات الرامية إلى إبرام صفقة الأسرى والتوصل إلى اتفاق من أجل إنهاء الحرب في غزة، مبدية استعدادها للتواصل مع قيادة حركة حماس لتقريب وجهات النظر.
وأجرى رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، زيارة سرية إلى تركيا، السبت الماضي، حيث بحث مع رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم قالن، ملف المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة. ورغم إيفاد الجانب الإسرائيلي رئيس الشاباك إلى تركيا من أجل الاستماع للمبادرة التركية، لكن ذلك لم يكن بعيداً عن النهج الذي اتبعه نتنياهو منذ بداية الحرب على غزة، بالمراوغة لكسب الوقت واستخدام تلك المبادرات لامتصاص غضب الشارع الإسرائيلي وذوي المحتجزين.
وبحسب القيادي في حماس، فإن نتنياهو أفشل المبادرة التركية في مهدها عبر رفضه الوساطة التركية أو التعامل مع أنقرة بصفتها وسيطاً في ما يخص ملف الوضع في قطاع غزة. وعلقت قطر مؤخراً وساطتها الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والمحتجزين الإسرائيليين في القطاع. وأعلن المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، اليوم الثلاثاء، أنّ قطر اتخذت قرار تعليق وساطتها في المفاوضات بشأن غزة "نتيجة لعدم جدية الأطراف"، لافتاً إلى أنّ القرار لا يزال قائماً، لكنه لفت إلى أنّ تعليق المفاوضات "لا يعني أنّ جهود خفض التصعيد توقفت".
وشاركت قطر مع الولايات المتحدة ومصر طيلة أشهر في جهود الوساطة لإنهاء الحرب المدمرة على قطاع غزة. وبحسب ما اطلعت عليه "العربي الجديد"، كانت القاهرة تنظر إلى مفاوضات تركيا، باعتبارها خطوة أولية يتم من خلالها اختبار موقف الحكومة الإسرائيلية في أعقاب التغيرات الأخيرة بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ حيث كان من المطروح حال إبداء تل أبيب استعداداً للتفاوض، الدعوة إلى عقد سلسلة اجتماعات في القاهرة بمشاركة مسؤولين أتراك "كراعٍ للتفاوض وليس كرئيس"، بحد تعبير أحد المصادر المصرية ذات الصلة.
نتنياهو يطرح تصوراً جديداً
في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن اتصالات مصرية إسرائيلية على مستوى أمني وعسكري جرت مؤخراً بشأن الوضع في المنطقة الحدودية وانتشار القوات الإسرائيلية في محور صلاح الدين (فيلادلفيا). وجاءت الاتصالات هذه المرة من الجانب الإسرائيلي، بتصور جديد بشأن الوضع في محور صلاح الدين، وتوفيق الأوضاع الميدانية مع اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979.
وتضمن التصور الإسرائيلي المحدث، العودة إلى الملاحق الأمنية للاتفاقية قبل تعديلها عام 2005 عقب الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، بحيث توجد عناصر عسكرية إسرائيلية في المنطقة الحدودية مع مصر من جانب قطاع غزة والممتدة على طول 14 كيلومتراً، على أن تكون تلك المنطقة منزوعة من الأسلحة الثقيلة، وتكتفي العناصر العسكرية والشرطية في تلك المنطقة بالأسلحة الخفيفة فقط إلى جانب معدات المراقبة.
وتعلن مصر، حتى الآن، رفضها أي وجود إسرائيلي في محور صلاح الدين على الحدود مع قطاع غزة بينما يبدي رئيس نتنياهو تمسكاً بالسيطرة على الممر تحت مزاعم متعلقة بمنع تهريب الأسلحة إلى غزة عبر سيناء المصرية. وبحسب ما علمه "العربي الجديد"، فإن الجانب الإسرائيلي أكد حتمية تعديل الاتفاقية بدعوى أن الأوضاع الميدانية على الشريط الحدودي بالجانبين قد تغيرت بالكلية عما هو منصوص عليه في الاتفاقية، مشيراً إلى إعادة القوات المسلحة المصرية نشر قوات وأسلحة ثقيلة في "المنطقة ج"، التي تنص على عدم وجود المدرعات والأسلحة الثقيلة فيها.