ثمانية عشر عاماً هي المدة التي استطاعت فيها المقاومة في لبنان فرض إنجاز التحرير في العام ٢٠٠٠، والمدة نفسها تفصل انتصار تموز ٢٠٠٦ عن معركة “أولي البأس” التي فرضتها “إسرائيل” على لبنان في تشرين الأول ٢٠٢٤، وما بين الحقبتين محطتان من الهزيمة في العامين ١٩٩٣ و١٩٩٦، ولما يستطع العدو “رد الثأر” واستعادة الهيبة التي أفقدته المقاومة إياها حتى تضع المعركة أوزارها ليتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحرب.
وفي ظل ما يُحكى عن دراسة مسوّدات تهدئة او تسوية تطرحها واشنطن بين زمني الولايتين الديمقراطية والجمهورية، وبعد نحو شهرين من المواجهة المباشرة على الجبهة الشمالية، تتصاعد وتيرة العدوان بقرار معلن من حكومة بنيامين نتنياهو لإجبار لبنان والمقاومة على القبول بشروط الاستسلام.. سيناريو متكرر ومستعاد من عدوان العام ٢٠٠٦ الذي أفرز القرار ١٧٠١، وهو قرار يتمسك فيه لبنان بالاعتماد على معطيين رئيسيين، الأول: بسالة المقاومين في التصدي لمحاولات العدو للتوغل وإفشال سعيه لتثبيت نقطة احتلال لاستغلالها كورقة تفاوض. والثانية: ثبات الموقف السياسي الرسمي والمقاوم الذي يمثّله رئيس مجلس النواب نبيه بري امام الضغوطات الهائلة التي تمارسها عواصم غربية وعربية “لتليين” عناده بذريعة توفير مزيد من الدمار والمعاناة للبنان واللبنانيين.
وبانتظار ما سيسفر عنه تحدي “عض الاصابع” على حلبة التجاذبات بالسياسة والنار، يبرز عامل موازٍ لا يقل أهمية في افق المعركة وهي صمود النازحين من المناطق المستهدفة واحتضانهم من قبل شركائهم على امتداد الوطن، وهي نقطة جوهرية مؤثرة في سياق إحباط مخطط إسقاط لبنان الدولة والمقاومة، ويمكن ترجمة قوتها في التالي:
– وعي اللبنانيين نازحين ومضيفين على اختلاف مناطقهم وطوائفهم وانتماءاتهم الحزبية والسياسية لخطورة مخطط العدو لتخريب استقرار الداخل، ورفضهم خطابات الفتنة التي تستهدف إعادة لبنان إلى أجواء الحرب الأهلية المقيتة.
– عدم الالتفات إلى السيناريوهات التي تسوّق لها وسائل الاعلام وادواتها الإسرائيلية في الداخل والخارج عن مستقبل أسود وقاتم ينتظر لبنان إذا استمروا بدعم المقاومة لايمانهم بأن هذه المقاومة هي الخيار الانجع لحماية لبنان وردع العدو في ظل إصرار الإدارة الأمريكية على حرمان لبنان الدولة والمؤسسات من امتلاك القوة الكفيلة بالدفاع عن سيادته واستقلاله وضما استقراره.
– الاعتقاد الراسخ المبني على التجربة والتاريخ القريب بأن “إسرائيل” ستنهزم ولن تستطيع فرض احتلالها العسكري أو السياسي على لبنان، وما يجري اليوم من تصعيد بالنار والتدمير سعيا للاستثمار بالسياسة دليل على هذا الانهزام ويبشّر بحتمية الانتصار.
– الثقة بالعودة إلى المنازل والقرى التي دمّرها العدو عاجلاً أم آجلاً تطبيقاً للوعد الدائم الذي أطلقه الشهيد السيد حسن نصر الله بأنها “ستعود أجمل مما كانت”.
أما على صعيد الميدان الذي يحمل معه تفاصيل الصورة، فقد اتّضح من خلال المجريات ومن تصريحات مسؤولي العدو أنفسهم الذين بدأوا بتحجيم شروطهم حول نزع سلاح المقاومة واستحالة هزيمتها أو القضاء عليها، بأن المقاومة لن تسمح لاسرائيل ونتنياهو أن يجني بالسياسة ما عجز عنه بالحرب، بل هي التي ستفرض شروطها العسكرية والسياسية بما يضمن للبنان موقعه القوي في كواليس المفاوضات وصولاً إلى وقف إطلاق النار وإعادة الوحش إلى الحظيرة.
The post المقاومة تملي شروطها في كواليس التسوية والوحدة الوطنية ضمانة الانتصار!.. وسام مصطفى appeared first on .