في مقالته، كتب أحد مساعدي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، يقول: "من الناحية التاريخية يعتبر جنوب لبنان في الواقع شمال إسرائيل، حيث تمتد جذور الشعب اليهودي عمقاً في هذه المنطقة". ويمضي في سرد ما يعتبرها وقائع تاريخية وأحاديث دينية تثبت نظريته، للانتهاء إلى اعتبار الجنوب أرضاً إسرائيلية. منهجية إسرائيل التي تتبعها في اعتداءاتها على جنوب لبنان، وسياسة الأرض المحروقة التي لم تستثنِ حتى المقابر، تهدف إلى خلق منطقة عازلة غير مؤهلة، يصعب على أهلها العودة إليها مجدداً، لتحولها تدريجيا إلى مناطق تابعة لإسرائيل. ويعني هذا أن حرب إسرائيل على لبنان مقرونة بهدف بعيد، قد يجعل من مباحثات وقف النار مجرد سرديات على سبيل تقطيع الوقت. بدليل الأجواء المتضاربة التي يشيعها الإعلام الإسرائيلي حول احتمالات وقف النار، التي قال نتنياهو نفسه إنه سيحققه تحت النار. واعداً بالسير في عملياته العسكرية حتى ولو تم الاتفاق.
يكاد التعاطي مع تصريحات نتنياهو يفوق بجديته التطمينات المرافقة لزيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين.الاستانة بالكتمانبحذر يتعاطى لبنان مع زيارته. تلك الزيارة التي بقيت محور التشكيك حتى ساعات المساء. أفضت معلومات تقول إن هوكشتاين أكد لعين التينة زيارته لبحث ورقة التفاهم التي سلمتها سفيرة بلاده إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي استعان على تفاصيل الاتفاقية وتعديلاتها بالكتمان. فأعلن العمومي منها وأبقى على الأساسي بعيداً عن التداول. في وقت كان حزب الله يقول إن الأمور بخواتيمها، انطلاقاً من نوايا نتنياهو، الذي سبق وخاض جولات متعددة من النقاش لمسودات اتفاق مع الفلسطينيين، ولم يبلغ أي منها الاتفاق. ورغم ذلك، تعاطى مع المسودة كخطوة إيجابية وركيزة يمكن البناء عليها، شرط عدم الإذعان لما تريده إسرائيل.
وحتى الثانية من بعد ظهر الاثنين، لم يكن لبنان قد تبلغ رسمياً بموعد زيارة الموفد الأميركي. لكن عين التينة سلمت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون جوابها على مسودة الاتفاق، التي أرسلتها بدورها إلى الموفد الأميركي لدرسها. وحسب المعلومات، جاء الجواب اللبناني بمجمله موافقاً على بعض البنود ومتحفظاً على بعضها الآخر. لكنه اعتبرها قابلة للنقاش مع هوكشتاين خلال زيارته إلى لبنان. وهو الأمر الذي استفز المفاوض الأميركي. أعلنت أكسيوس أن لا زيارة. استوضحت عين التينة الأمر. فتحت قنوات اتصال مع السفارة الأميركية لبلورة البنود مع التعديلات. اشترط هوكشتاين لزيارته جواباً واضحاً يحمله إلى إسرائيل. نقاشات ومداولات خلف الكواليس انتهت إلى تأكيد الزيارة، لقبول لبنان بشروط معينة مقابل قبول إسرائيل بإدخال الحدود البرية حيز النقاش.13 نقطة وتوجسمن الأساس، تقول مصادر مواكبة إن الجواب اللبناني على الورقة التي تسلمتها السفيرة الأميركية لم يكن حاسماً. بقي لبنان متوجساً من شروط إسرائيلية غير مقبولة. وقد لمس أن نتنياهو يفاوض بالنار، ويريد وقف نار أقرب إلى الإذعان. وهذا ما لم يتحمله أي مسؤول لبناني. ولذا، كان ميقاتي يفوّض أمر التفاوض إلى عين التينة، التي حرصت على إشراكه بالقرار حول بنود الاتفاق التي وردت في الورقة التي سلمتها السفيرة الأميركية في لبنان إلى الرئيس بري، وطلبت جواباً عليها في غضون ساعات، ليجيب بري إنه يحتاج إلى ثلاثة أيام على الأقل ليتسنى له التواصل مع قيادة حزب الله والنقاش معها بشأن البنود للإجابة.
تؤكد المصادر أن بري تسلّم من السفيرة ورقة خطية من 13 نقطة، لكنه لا يريد الكشف عنها. وهي مختلفة عن كل ما تم تداوله، وأن هذه الورقة تم إعدادها أصلاً بالتنسيق بين نتنياهو والإدارة الأمريكية. أجاب بري على بعض ما ورد في الورقة بعد نيل موافقة حزب الله. وفي إسرائيل، دعا نتنياهو لمناقشة الجواب اللبناني الليلة الماضية، وفي ضوء ذلك تتم زيارة هوكشتاين. وحسب المصادر، رفض بري بعض البنود الواردة في الورقة، أبرزها حق إسرائيل في خرق الأجواء اللبنانية للاستطلاع، كما رفض توسيع لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701، إذا كانت ستضم البريطانيين والألمان، وأصر على إدراج بند الحدود البرية.ولم يكن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي متماهياً مع أجواء التفاؤل، التزم التكتم على البنود الأساسية التي طلب لبنان تعديلها أو التحفظ عليها خشية الفشل. ولم يجب على الاستفسارات بشأنها. وقالت مصادره ليلاً إنه بانتظار وصول هوكشتاين ليعرف حقيقة الموقف الإسرائيلي على رد لبنان. ولا تخفي المصادر قلقها من نوايا نتنياهو الذي قد لا يجد نفسه مجبراً على تسليف إدارة تستعد للرحيل.حزب الله: قابل للدرساعتبر حزب الله أن الاتفاق قابل للدرس. وأن بعض بنوده هي بمثابة أسس يمكن البناء عليها. لكن العبرة في التنفيذ وفي نوايا رئيس وزراء إسرائيل لوقف اعتداءاته على لبنان. وقالت المصادر إن النقاش سيطلب جولات عديدة من المفاوضات، خصوصاً وأن رئيس وزراء إسرائيل ليس على عجلة من أمره لإنهاء الحرب، بل على العكس. فمن السيناريوهات المطروحة حالياً نقل الحرب إلى أماكن أخرى خارج لبنان، لتدخل الحرب في هدنة مؤقتة، وليس وقفاً نهائياً للحرب، تماماً كما هو واقع غزة اليوم.بضربه تل أبيب، رد حزب الله ليل الاثنين على منطق نتنياهو "التفاوض بالنار". ويتوقع ساعات قاسية تفصل عن وصول هوكشتاين وتواكب زيارته.