يا حبيبي يا اسماعيل...
يا أكثر الشباب تهذيباً وعملاً وطيباً...
يا شباب الشباب، ويا عريساً في كل مكان وزمان..
إسماعيل وليد حطيط إبن بلدتي الغالية الدوير، والصديق المهذب، والجميل في الشكل والتصرف والروح والكبرياء...
أمس زارني شقيقك عباس في الحلم يرغب بالشهادة، ومن الصبح اتصلت بصديق مشترك ورويت له الحلم...ابتسم، وقال "سقط لنا شهيداً من آل حطيط الكرام، ولكنه ليس عباساً"...
منذ دقائق وصلت الصورة...إنه صديقي الشهيد الشاب إسماعيل حطيط...آخر من ودعته قبل الرحيل، واخبرني شوقه لمقاتلة العدو...
- شو يا إسماعيل رح تطول الحرب؟
يا استاذ نحن لازم نسألك...!
- يا غالي شو بدك تعمل إذا طالت الحرب؟
انا رايتي وهدفي الشهادة، بدي الدعاء لي بنيل الشهادة...
- روح الله يعطيك ما ترغب وتريد...بس والله رح نشتاق لك يا خيرة الشباب...
ابتسمنا...وكانت نكتة من هنا ونكتة من هناك...واصريت أن يشاركنا شراب الليمون الحامض من صنع غالية الروح غيدا، ليختم حضوره بهذه الجملة:" والله بحب ابقى معك، بس لازم كمل شغلي، ومواعيد الناس لازم نفذها، العمل عبادة، وتركيب البرادي ما بيرحم تأخير...لا تنسى الدعاء لي بالشهادة..."...
ورحل بلحظتها إسماعيل مسرعاً تاركاً خلفه عطره الجميل ورشاقته في هواء يعشقه، والأهم روحه المتسامحة والحاسمة والمتعطشة للشهادة...
إنضم إسماعيل إلى الأقمار، نعم شهدائنا هم الاقمار، هؤلاء زنابق الجنة، وبيلسان أيامنا، وربيع الروضة، وشجر أرزنا، وعنفوان وجودنا وفخر الرحمن...إنهم يستشهدون كي نعيش...
الشهيد إسماعيل حطيط نشيطاً وعفيفاً ومهذباً وخلوقاً وجميلاً في الشكل والتصرف والكلام والنظرات، والأهم تهذيبه، وشياكته، واناقته، ومساعدة من يدخل منزلهم لينفذ ما طلبوه من البرادي ليفاجئ الجميع بخفض أسعاره المحددة...!
هو من أشرس شبابنا في الجبهة، وحلمه أن يواجه العدو في القريب العاجل كما كان يقول دوماً، وحقق الرب امنيته، وقاتل كما عهدنا به اسداً فارساً صنديداً...، ومعنا كما نعرفه طيباً ومتواضعاً وخدوماً، ورب أسرة بامتياز، والله يخلي طفله الوحيد الذي اطل على الدنيا منذ شهور...
يا حبيبي يا اسماعيل، والله الدوير من دونك ليست كما كانت وأنت تتمختر في شوارعها ومنازلها وشجرها وواحاتها، ولن نسمع صوتك الذي كان ينعش اسماعنا بابتسامة قبل البوح بالكلام المسؤول...
يا شهماً يا إسماعيل، يا من تركت لنا الشمس حتى نغتسل بنور الكرامة التي اهديتنا وهجها، وفي شهادتك ازدادت الشمس نوراً فكانت إرادة الله...
يا غالياً يا إسماعيل، وكل من في بيتنا سيفتقدك، وبالأخص أبناء شقيقتي، وكل ما في تراب بلدتنا سيطلب أن تدوس بقدمك الأرض فكيف إذا كانت قدم المقاوم الشريف الذي يأكل ويطعم عائلته بعرق جبينه وبمخافة الله مثل إسماعيل الحبيب...
كنت ... كلما التقي بوالدتك الكريمة أخبرها عنك وعن شقيقك المجاهد العريس عباس بأنكما خيرة الشباب ونعم التربية...واليوم ساقدم لها التهاني بشهادة الفارس المغوار، والبطل الذي حمانا ويحمي عرضنا أرضنا وشرفنا!
نعم الخسائر في الدنيا ومن أجل الحق تتراكم، ولكننا نفاخر بخسائر يريدها الرحمان زخيرة في دنيانا وحياتنا الثانية...
لن تسقط لنا راية وأمثال الشهيد إسماعيل في الميدان، ولن تشرق الشمس إلا على هكذا أحرار...كل يوم تشرق الشمس، لكنها لا تصل إلا إلى الأحرار من شباب المقاومة، ولا يشعر بالشمس من هم يعيشون الخنوع والخيانة بحجة "منا نعيش كيف ما كان "، وإسماعيل الذي عانق الشمس شهيداً ورفاقه لا يعيشون كيفما كان، بل عاشوا احراراً كما أراد الله، وكما كان الحسين عليه السلام...