ما بين 25 و27 أيلول الفائت، بلغ التفاؤل مداه في إمكانية الوصول الى وقف لإطلاق النار، بـ”بركة” الورقة الأميركية ـ الفرنسية التي وافقت عليها أكثر من عشر دول أجنبية وعربية، قبل أن يتبدد كل ذلك بغدر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي إمتد من الضاحية الجنوبية الى واشنطن ومنها الى سائر الدول، وتمثل بعملية إغتيال أمين عام حزب الله السيد الشهيد حسن نصرالله.
عملية الاغتيال في حينها، شكلت رسالة واضحة من نتنياهو برفض أي إتفاق حول وقف إطلاق النار مع لبنان، وبتجاوزه كل الوساطات الدولية والأممية، وبضرب كل الجهود التي بُذلت في هذا الاطار بعرض الحائط.
منذ أن قامت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون بتسليم رئيسيّ مجلس النواب والحكومة نبيه بري ونجيب ميقاتي مسودة المقترحات الأميركية التي أعدها مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، عاد منسوب التفاؤل الى الإرتفاع، حيث يفترض أن يعود هوكشتاين الى بيروت الثلاثاء أو الأربعاء لإستلام رد لبنان وتعديلاته على المسودة، التي سيحملها الى فلسطين المحتلة لإطلاع نتيناهو عليها، تمهيدا للإتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان.
في ظل هذه الأجواء التفاؤلية، ذهب نتنياهو الى مزيد من التصعيد لا سيما لجهة العودة الى عمليات الإغتيال التي إستهدفت أمس مسؤول وحدة العلاقات الاعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف في مبنى يشغله حزب البعث العربي الاشتراكي في راس النبع ضمن نطاق بيروت الإدارية، حيث إرتقى شهيدا، كما إستهدف العدو حي مار إلياس ليلا حيث زعمت هيئة البث الاسرائيلية أن “العدو إستهدف رئيس دائرة العمليات في الجبهة الجنوبية محمود ماضي”، وكان سبق ذلك، سلسلة من الغارات المدمرة على الضاحية الجنوبية، وتصعيد مماثل على الحدود من ضمن محاولات التوغل بإتجاه القرى والبلدات والتي تتصدى لها وحدات المقاومة.
هذا التصعيد، بتوسيع العدوان وإغتيال الحاج محمد عفيف، قد يكون رسالة مماثلة لتلك التي وجهها العدو يوم 27 أيلول بإغتيال السيد نصرالله، ما يعني أن ليس المفاوضات فقط تجري تحت النار، بل إن تعطيل التسوية قد يأتي أيضا بالنار، وذلك تجسيدا للإجرام الاسرائيلي الذي لا يتوقف في ظل عجز دولي عن لجم هذه الوحشية، وصمت عربي مطبق وقاتل لدرجة الشراكة مع العدو في كل ما يرتكبه.
ما حصل يفتح الباب على إحتمالين، الأول التصعيد الاسرائيلي المتمادي تدميرا وقتلا وإغتيالا من أجل الضغط على لبنان للقبول بشروط إسرائيلية قد يضعها نتنياهو مجددا لا سيما بعد الحديث عن تعاطي لبنان الايجابي مع المسودة.
والثاني، أن أهداف نتنياهو من الحرب سواء في غزة أو في لبنان لم تتحقق، وبالتالي، فإن مصلحته الشخصية تقتضي بعدم وقف إطلاق النار، أو الدخول في أي تسوية من شأنها أن تؤدي الى إسقاط حكومته اليمينية المتطرفة، وتحيله بشكل فوري الى المحاسبة الشاملة والمحاكمة والسجن.
وفي كلا الاحتمالين، فإن نتنياهو يرهن مصير ومستقبل الكيان الغاصب، من أجل الحفاظ على مستقبله السياسي، وهذا ما دفع زعيم المعارضة يائير لابيد الى القول: “إن الأولية هي لحل ملف الأسرى والوصول الى تسوية لوقف الحرب بدل الإنشغال في كيفية إنقاذ الإئتلاف الحاكم”.
لذلك، فإن الميدان الذي يشهد تصعيدا كبيرا، يبقى السبيل الوحيد للضغط على نتنياهو لإجباره على الرضوخ للتسوية المنتظرة.
The post من نصرالله الى عفيف.. هكذا يعطل نتنياهو التسويات؟!.. غسان ريفي appeared first on .