بات من المؤكد أنّ مرحلة جديدة دخلتها إسرائيل مواكبة للحراك الديبلوماسي الأخير، مشترطة التفاوض بالنار والعنف، وانطلاقها في العملية البرية الثانية للتوغل في لبنان جنوباً. وهو ما يفعله حزب الله ايضاً بالتوازي مع التصعيد الإسرائيلي، إذ يسعى لتثبيت معادلاته باستهداف تل ابيب وحيفا بشكل يومي، وادخل بالأمس، اهدافاً جديدة لضربها منها مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، واعلانه عن صواريخ جديدة ستستخدم في المعركة.هدية إسرائيلوإزاء الحراك السياسي، برز الحديث عن "هدية" رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيامين نتنياهو لترامب. وفي التفاصيل فإنّ وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أبلغ ترامب أنّ إسرائيل تسعى لتسريع الجهود للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان يتماشى مع شروطها، وذلك بهدف تحقيق إنجاز مبكر في السياسة الخارجية للرئيس المنتخب.
جاء ذلك بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين مطلعين على تفاصيل اللقاء الذي جمع بين ترامب وديرمر، مشيرة إلى أنّ هناك توافقاً على أنّ إسرائيل ستقدّم في كانون الثاني هدية لترامب ضمن خطة لوقت اطلاق النار على لبنان.
وأضافت "واشنطن بوست" أن ترامب أعرب عن رغبته في إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، لكنه أبلغ نتنياهو في مكالمة، الشهر الماضي، أنه يدعمه في اتخاذ التدابير اللازمة ضد حزب الله وحماس. ومع ذلك، لم يتضح بعد تأثير مقترح لبنان على محادثات التهدئة الجارية بشأن غزة.وساطة روسيةوتطرقت الصحيفة إلى مسودة الاتفاق الجاري بحثه، والتي تقضي بانسحاب مقاتلي حزب الله شمال نهر الليطاني، ضمن منطقة عازلة تخضع لإشراف دولي، على أن تتولى قوات الجيش اللبناني السيطرة على الحدود لفترة تجريبية تمتد 60 يومًا، تحت إشراف أميركي وبريطاني، ما يمهد لاتفاق محتمل، بحسب "واشنطن بوست".
ويمر هذا المقترح كما تم التداول سابقاً بوساطة روسية، وأشارت "واشنطن بوست" في هذا الإطار إلى أنّ المحادثات التي أجريت مع ترامب ركزت على اقتراح إسرائيلي بوقف إطلاق النار في لبنان يشمل تعاونا غربيا وروسيا. ويدعو المقترح الإسرائيلي روسيا إلى منع حزب الله من إعادة التسلح عبر الطرق البرية السورية.زيارة هوكشتاين وفي مقابل الحديث عن مفاوضات أو شروط، يبرز التعنت الذي يسعى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى اظهاره دوماً، إذ أكدّ وللمرة الثالثة في غضون 24 ساعة أنّ إسرائيل لن توقف إطلاق النار ولن تقبل بأي تسوية لا تحقق أهداف الحرب، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله وانسحابه إلى ما وراء الليطاني. بينما تنقل وسائل اعلام إسرائيلية تقارير تتحدث فيها عن قدرات حزب الله، ونقلت صحيفة "معاريف" عن مسؤول استخباري أميركي، قوله إن "قدرات حزب الله تضررت بشكل كبير لكن قواته البرية على طول الحدود لا تزال سليمة".
بينما طالب رئيس حزب "يسرائيل بيتنو" الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان باحتلال أراض من لبنان، كونها "الطريقة الوحيدة التي يفهمها حزب الله"، على حد تعبيره. واقترح ليبرمان خطة لحسم المعركة في لبنان تشمل إقامة شريط أمني بعمق 15 كيومتراً لا يدخله أحد، واشترط بقاء إسرائيل في الشريط الأمني الذي يقترح إقامته مدة 50 إلى 100 سنة.
على صعيد متصل، برز تصريح لوزير الخارجية الفرنسية جان نويل بارو، في هذا الاطار، إذ قال بأنّ "إسرائيل تشترط الاحتفاظ بـ"حق" توجيه ضربات عسكرية إلى لبنان في أي وقت ضمن شروط التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله". وقال بارو في جلسة برلمانية بعد إجراء محادثات في إسرائيل الأسبوع الماضي، إن المسؤولين الإسرائيليين يؤكدون هذا الشرط بشكل متزايد، مضيفاً أنّ هذه "المطالب لا تتوافق مع سيادة دولة قوية".
يأتي ذلك فيما ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" أنه من المتوقع أن يعرض المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين اتفاق وقف إطلاق النار على لبنان خلال أيام. تهديد إيرانمن جهته، أكد قائد حرس الثورة في إيران اللواء حسين سلامي، في افتتاح مناورات "نصر الله" القتالية الأمنية، أنّ "الكيان الصهيوني مخطئ إذا ظنّ أنّ حزب الله سيخرج من الساحة باغتيال قياداته"، مشيراً إلى أنّ "الحزب تيار عظيم لا يمكن إخماده أو إنهاؤه". سلامي هدد إسرائيل قائلاً: "اليوم نضعکم نصب أعيننا، وسنقاتل حتى النهاية، ولن نسمح لكم بأن تتحكّموا في مصير المسلمين، وسننتقم، وستتلقّون ضربات موجعة، وعليكم أن تتنظروا".