أنهى الصحافي الإيراني كيانوش سنجري حياته، الأربعاء، في حركة احتجاجية ضد سياسات النظام تجاه الناشطين والسياسيين.
وكتب سنجري، الثلاثاء، عبر منصة "إكس" أنه إذا لم يتم إطلاق سراح فاطمة سبهري ونسرين شاكرمي وتوماج صالحي وآرشام رضائي من السجن بحلول مساء الأربعاء، فسوف ينهي حياته "احتجاجاً على دكتاتورية خامنئي وشركائه"، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية معارضة.ورغم الرسائل العديدة التي تلقاها الصحافي لمحاولة ثنيه عن قراره، ورغم تواصل طبيبين متخصصين وعدد من الناشطين السياسيين المعروفين معه، نشر سنجري عند الساعة السابعة مساءً صورة لجسر حافظ في طهران.وبعد دقائق، عند الساعة 7:20 مساءً، نشر تغريدة أخرى قال فيها: "الوعد وفاء. لا ينبغي لأحد أن يسجن بسبب تعبيره عن آرائه. الاعتراض حق لكل مواطن إيراني. حياتي ستنتهي بعد هذه التغريدة، لكن لا ننسى أننا نضحي من أجل حب الحياة، لا الموت. أتمنى أن يستيقظ الإيرانيون يوماً ويتغلبوا على العبودية. عاشت إيران".وكان سنجري، الذي سجن سابقاً بسبب نشاطه السياسي، كتب في وصف حسابه في "إكس" عبارة: "مازلت على قيد الحياة"، علماً أنه اعتقل ول مرة العام 1999، حين كان عمره 17 عاماً، خلال احتجاجات طلابية واحتجز عدة أشهر في الحبس الانفرادي. واعتقل تسع مرات لاحقاً، حتى مغادرته إيران العام 2007، وتعرض للتحقيق والتعذيب في مركز احتجاز الحرس الثوري رقم 59، والجناح 209 بسجن "إيفين" سيئ السمعة التابع لوزارة الاستخبارات.وكان أحد هذه الاعتقالات، أثناء فترة حكم الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، حيث بقي سنجري 111 يوماً في جناح 209 بسجن "إيفين"، الخاضع لوزارة الاستخبارات، ووجهت إليه تهم: "العمل ضد أمن الدولة" و"الدعاية ضد النظام"، و"الانتماء إلى الجبهة المتحدة للطلاب"، و"المشاركة في الاحتجاجات"، و"إجراء مقابلات مع وسائل إعلام خارجية"، و"تشويه أوضاع السجون في مدونته"، وتنظيم تجمعات أمام مكتب الأمم المتحدة في طهران، وقضى سنجري سنتين إجمالاً في السجن، على إثر هذه التهم.وفي منتصف العام 2007، وقبل إحدى جلسات المحكمة، غادر إيران. وقبل كلاجئ سياسي في النرويج، ووصل إلى عاصمتها أوسلو، في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2007. وأقام سنجري في النرويج أقل من سنة، وواصل نشاطه السياسي خلال تلك الفترة، بما في ذلك تنظيم احتجاجات، بالتعاون مع فرع النرويج لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" ضد أحكام الإعدام وقمع الطلاب في إيران.
وفي أواخر صيف 2008، هاجر الناشط السياسي الراحل إلى الولايات المتحدة، وكان من المتحدثين في تظاهرة نظمت يوم 23 أيلول/سبتمبر 2008، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، إلى نيويورك، احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان في إيران أمام مقر الأمم المتحدة.ويمكن القول أن سنجري انتحر فعلاً عندما قرر العودة إلى إيران، في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2016، بعد ثماني سنوات من الإقامة في الولايات المتحدة، حيث عمل صحافياً في قسم حقوق الإنسان باللغة الفارسية في إذاعة "صوت أميركا". وكتب سنجري عن عودته، في رسالة نشرت حصرياً بموقع "إيران واير" الإخباري: "بإيجاز، كنت مصاباً بجنون الوطن. قررت مواجهة الحنين القاتل لعائلتي ووطني، والخوف من العودة إلى أرض سبق أن سجنت فيها وعذبت عدة مرات".وبعد شهرين من عودته، تم اعتقاله في كانون الأول/ديسمبر 2016، وبعد قرابة 60 يوماً من الاحتجاز والتحقيق، أطلق سراحه في الأسبوع الأخير من شباط/فبراير 2017 بكفالة مالية قدرها 100 مليون تومان.وكتب سنجري لاحقاً عن التعذيب، الذي تعرض له خلال التحقيق وعن نقله لمدة خمسة أيام إلى مستشفى "أمين آباد" للأمراض النفسية. وفي 23 تموز/يوليو 2017، أعلن في "إنستغرام" أنه على الرغم من علم السلطات بعودته لرعاية والدته المريضة والوحيدة، أحيلت قضيته إلى المحكمة، حيث حكم عليه رئيس الشعبة 26 بمحكمة الثورة، القاضي ماشاء الله أحمد زاده، بالسجن خمس سنوات حبساً فعلياً، وست سنوات مع إيقاف التنفيذ، إضافة إلى منعه من السفر لمدة عامين، بتهم مثل "التجمع والتآمر"، و"الدعاية ضد النظام"، و"الانتماء إلى مجموعة غير قانونية".وبعد قضائه جزءاً كبيراً من فترة العقوبة، أفرج عنه بقرار "عدم تحمل العقوبة". وبعد إطلاق سراحه، تحدث سنجري مراراً عن حالته الصحية، والتعذيب الذي تعرض له، وسوء المعاملة في مستشفى "أمين آباد" للأمراض النفسية.وبعد فترة، غادر سنجري إيران، مرة أخرى ليلة عيد نوروز 2021. وكتب في مذكرة نشرها موقع "إيران واير": "الليلة 21 آذار/مارس 2021، مررت عبر آخر بوابة قبل الصعود إلى الطائرة، بخطوات مترددة، ودموع في عيني، وقلب مجروح، وبعد قضاء 5 سنوات و5 أشهر و20 يوماً في السجن، ومصحة نفسية، وتحقيقات في مقار أمنية، وإجراءات حضور يومية، ودفع غرامات، والرفع من منعي من السفر، غادرت وطني الحبيب والمحتل".ورغم ذلك، لم يستطع سنجري سنجري تحمل الابتعاد عن إيران لفترة طويلة، وعاد مجدداً بعد مدة قصيرة، ليواصل كتابة مقالاته النقدية، واعتقل مجدداً خلال احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، ضمن موجة الاعتقالات المرتبطة باحتجاجات 2022، ثم أفرج عنه بعد فترة.