أقلّ من 24 ساعة كانت كافية لتؤكّد أنّ التسريبات الإعلامية التي تحدثت حول قرب التوصّل إلى تسوية لإيقاف العدوان الإسرائيلي على لبنان كانت مجرد سراب، وأنّ هذه التسريبات عن التسوية لم تكن إلا المطالب والشروط التي تريدها حكومة الكيان والتي تصبّ في مصلحتها قبل أيّ شيء آخر، من غير أن تشير إلى الطرف المقابل في لبنان، حكومة ومقاومة، على أنّها وافقت ولو مبدئياً على هذه التسوية، أو على الأقل أنّها قد تبلغت بها وتدرسها قبل الردّ عليها.
نظرة سريعة على نقاط التسوية المسرّبة إسرائيلياً تظهر أنّ العدو يريد أن يحقق على الصعيد السّياسي والديبلوماسي ما فشل في تحقيقه ميدانياً. فمنذ بدء العدوان على لبنان بعد عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأوّل من العام الماضي، ومنذ بدء العدوان الجوّي الإسرائيلي على لبنان أواخر شهر أيلول الفائت، وما أحدثه من أعمال وحشية قتلاً وتدميراً وتهجيراً، أثبت الميدان أنّ جبهة الجنوب ما تزال صامدة في وجه جيش العدو، وأنّ جداراً مرتفعاً رفعته المقاومة هناك عجز الصهاينة وما يزالون عن القفز فوقه أو اختراقه، فضلاً عن أنّ مناطق شمال فلسطين المحتلة يعيش فيها سكّان إسرائيل من المستوطنين وضعاً يكاد يماثل الصعوبة التي يعيشها السكّان في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.
الردود على هذه التسوية المزعومة جاءت من قبل أطراف عدّة، سواء سياسيين أو مراقبين ومحلّلين، رأوا أنّ هذه التسوية المقترحة ليست سوى مضيعة للوقت إلى حين نضوج طبخة التسوية التي لم توضع على النّار بعد.
الرئيس السّابق للحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط كان أحد أبرز هؤلاء، وهو قال أمس في مقابلة صحافية أنّ “الحرب طويلة وتسريبات التسوية مجرد شائعات”، مضيفاً أنّه “لم نسمع شيئاً جديّاً حتى الآن بشأن وقف إطلاق النّار في لبنان”، ومؤكّداً بأنّه “ليست لديّ أيّة معطيات حول أنّ الحرب ستنتهي قريباً”.
وما زاد الشّكوك في أنّ التسوية المتداولة إعلامياً لا ترتكز إلى أيّ أساس، وأنّ العدو الإسرائيلي نفسه الذي يروّج لها لا يعطي لها بالاً، التصعيد العسكري والإعتداءات التي قام ويقوم بها جيش العدو خلال السّاعات الـ48 الماضية، حيث شنّ غارات عنيفة على مناطق لبنانية مختلفة، متبعاً سياسة باتت معروفة عنه وهي أنّه يلجأ إلى التصعيد عسكرياً وارتكاب مزيد من المجازر والأعمال الوحشية قبل وخلال أي حديث عن تسوية معينة، من أجل فرض شروطه عليها لتعويض ما يخسره ميدانياً.
ما سبق يؤكّد أنّه لا يوجد أيّ تسوية قريبة لإيقاف العدوان، وكلّ ما يقال هو مجرد أوهام وتضليل سياسي وإعلامي يمارسه العدو، لأنّ حكومة العدو تطرح شروطاً تعجيزية لإمرار تسوية تعرف أنّ لبنان، حكومة ومقاومة، لن يقبل بها، ما يجعل الميدان وحده الحَكَم الذي سيفرض أيّ تسوية مرتقبة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني