لم تعلن كل من موسكو وتل أبيب رسمياً عن زيارة وزير التخطيط الاستراتيجي رون ديرمر إلى موسكو، وتولى الإعلام الإسرائيلي الكشف عن هذه الزيارة "السرية". ونقلت مواقع الإعلام الروسية نبأ الزيارة ليس عن مصادر رسمية روسية، بل عن مواقع إسرائيلية مختلفة. كما لم تكشف هذه المواقع عن الجهات التي قابلها ديرمر في موسكو. وتولى بعضها الإعلان عن الموضوعات التي ناقشها الإسرائيلي في موسكو، من دون أن تشير إلى مصادر معلوماتها. فقد ذكر موقع business-gazeta الإقليمي (يصدر في مدينة قازان، عاصمة تترستان) في 10 الجاري أن ديرمر ناقش مع الجانب الروسي المسائل المتعلقة بوقف إطلاق النار في لبنان. وقال إن روسيا تُعتبر لاعباً كبيراً في سوريا، ويُقال إن بوسعها أن تكون جزءاً من صفقة تسوية الصراع بين إسرائيل وحزب الله.يُشار إلى أن زيارة الوزير الإسرائيلي "السرية"، كانت قد سبقتها زيارة وفد روسي عالي المستوى إلى تل أبيب في 24 المنصرم، وبقيت أسماء الشخصيات التي تشكل منها الوفد "سرية" أيضاً. ونقلت وكالة تاس نبأ الزيارة حينها عن قناة تلفزة عربية، وقالت إن الوفد ناقش في إسرائيل مسألة عقد صفقة مع حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لديها. وكان حينها نائب رئيس المكتب السياسي في حماس موسى أبو مرزوق في زيارة لموسكو، وناقش مع مسؤولي وزارة الخارجية مسألة الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين. لكن الموقع الروسي المذكور أعلاه نفت مصادره أن تكون زيارة الوفد الروسي تلك على علاقة بمسألة الرهائن.
الموقع الإسرائيلي الناطق بالروسية Vesty-Ynet وتملكه مجموعة صحيفة يديعوت أحرونوت، نشر في 10 الجاري نصاً بعنوان "اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان: الولايات المتحدة تدعم، روسيا يحتمل أن تكون ضامناً". قال الموقع إن إسرائيل تواصل بحثها مع واشنطن بشأن آلية مراقبة الالتزام بالاتفاقية، وحرية عمل الجيش الإسرائيلي في لبنان: "من الضروري وقف تهريب الأسلحة، وإلا سيعود حزب الله من جديد".
نقل الموقع عن الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت إيتمار أيشنر قوله إن رون ديرمر أجرى الأسبوع الماضي محادثات في موسكو لتعزيز دور الوساطة الروسية في الشرق الأوسط، مع التركيز على الحدود الشمالية لإسرائيل. وقال الكاتب إن إسرائيل تدرك أن روسيا تتمتع بنفوذ على حزب الله وسوريا وإيران، لذلك تعتزم تل أبيب الحصول على ضمانة من موسكو لمنع تهريب الأسلحة إلى حزب الله، من أجل حرمانه من فرصة التعافي بعد الحرب.مصادر إسرائيلية نقل عنها الموقع من دون أن يحددها، رأت أنه من الضروري وضع حد لتهريب الأسلحة إلى حزب الله، و"إلا ستضيع كل منجزات الجيش الإسرائيلي". وأضافت المصادر، أن إسرئيل لا تهدف إلى تدمير حزب الله، كما كان بالنسبة إلى حماس. وهي أحرزت نجاحات باهرة في الحرب مع "المنظمة الإرهابية اللبنانية"، ومن الجيد أنه لم يكن هناك اتفاق "قبل أن نحقق أهدافنا".
صحيفة NG الروسية رأت في 10 الجاري أن "إسرائيل تراهن على مساعدة روسيا في لبنان"، ونتنياهو يوسع دائرة الوسطاء لتسوية الصراع في الشمال. نقلت الصحيفة عن الإعلام الإسرائيلي قوله إن وزير التخطيط الإسرائيلي رون ديرمر قام بزيارة إلى روسيا لإجراء مفاوضات بشأن استعادة الأمن على الحدود الشمالية. وقالت إن ليس من جديد في أن تكون الدولة العبرية معنية بوساطة موسكو. ولا تستبعد بأن تكون مساعدة روسيا مطلوبة على الساحة السورية، حيث روسيا هي اللاعب الأهم. أما لماذا قد لا يكون طلب المساعدة قد شمل قطاع غزة، فذلك لأن فرص التسوية السياسية في القطاع قد تلاشت.
نقلت الصحيفة عن الإعلام الإسرائيلي عدم استبعاده بأن تكون محادثات ديرمر في موسكو قد تناولت موضوع الاستقرار في سوريا، حيث مجموعات حزب الله قد حاولت أكثر من مرة القيام بهجمات على الدولة العبرية. وقالت إن صحيفة يديعوت أحرونوت هي التي أشارت منذ مدة قريبة إلى اهتمام إسرائيل بإشراك الدبلوماسية الروسية في عملية التسوية على الجبهة الشمالية.وقالت الصحيفة أن الاتفاق المحتمل مع حزب الله، والذي تصر عليه إسرائيل في الأسابيع الأخيرة، يتضمن بندًا يقضي بإغلاق القنوات البرية والبحرية والجوية التي تسمح للجماعة الشيعية بالحصول على أسلحة إيرانية متطورة. وتطالب الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو بنشر قوات عسكرية ليس فقط على الحدود بين لبنان وإسرائيل، بل أيضاً على الحدود بين لبنان وسوريا.
أشارت الصحيفة إلى أنه بعد إقالة نتنياهو وزير الدفاع يوآف غالانت، سرت شائعات بأن الدولة العبرية عازمة على التشدد في خوض الحرب على الاتجاهين الشمالي والجنوبي. لكن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب INSS يرى أن الكثير في تطور العمليات الحربية سيتوقف على إيران التي ترعى حزب الله وحماس. لكن الخبراء يرون أن إيران تواجه الآن المعضلة نفسها التي واجهتها إسرائيل في السابق: إما المخاطرة بحرب إقليمية يمكن أن تشمل الولايات المتحدة، أو ممارسة ضبط النفس وتغيير التوجه إلى حد ما. وعلى الرغم من تزايد هيمنة الحرس الثوري على السياسة الإيرانية ورسمها، إلا أن الحكومة الإصلاحية في إيران تؤيد تحسين العلاقات مع الغرب.موقع MIGnews الإسرائيلي الناطق بالروسية نشر في 8 الجاري نصاً تساءل فيه ما إن كانت روسيا معنية بوقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله، وإلى أي مدى قادرة على التأثير في مجرى الأحداث. قال الموقع إن روسيا وإسرائيل لا تجاهران كثيراً بالمفاوضات بينهما بشأن وقف إطلاق النار في لبنان. ويمكن تفهم الطرفين. فبالنسبة لحلفاء إسرائيل الغربيين، تُعَد موسكو دولة منبوذة وعدواً محتملاً، ويقترب الكرملين على نحو متزايد من العدو اللدود للدولة اليهودية، إيران. لكن لا أحد ينكر وجود مثل هذه الاتصالات. وبالطبع فإن تل أبيب تعطي الأفضلية للوسطاء الآخرين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لكنها تحاول ألا تضع كل بيضها في سلة واحدة.
وبشأن ما إن كانت روسيا تريد وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله، قال الموقع إن الخبراء يرون أن موقف موسكو من المسألة يتلخص بالمعادلة التالية: نعم للفوضى، لا للحرب. فبالنسبة لروسيا، أي صراعات مسلحة تصرف إنتباه العالم عن عدوانها على أوكرانيا، هي في مصلحتها. لكن التوسع المفرط في المجابهة بين إسرائيل وحزب الله أمر غير مرغوب فيه، لأنه سيؤثر حتماً، وهو يؤثر بالفعل على سوريا، حيث للكرملين مصالح استراتيجية وجيوسياسية. وموسكو معنية بدرجة أقل بوقوع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، الأمر الذي يهدد بالتأثير على التعاون العسكري الروسي الإيراني.
يرى الموقع أن موسكو ليست بحاجة إلى أن تتطور الفوضى التي يشهدها شمال إسرائيل إلى حرب كبرى، ولن تمانع في لعب دور الوسيط. لكن أسئلة كثيرة يطرحها قيام موسكو بمهمة الوساطة. ويذكر الموقع، من جهة، بالنزاعات التي كانت تنشب بين روسيا وحزب الله في سوريا، ومن جهة أخرى بالخدمات المتبادلة بين الطرفين في المراحل المتعددة التي شهدتها العلاقة بينهما. لكن حتى كل هذا مجتمعاً لا يجعل من موسكو لاعباً مهماً بالنسبة لحزب الله، بحيث يمكن الاستماع إليه في مسائل الحرب والسلام.
لا يساور الموقع أي شك بأن قرار وقف إطلاق النار وشروطه سوف يتخذ في إيران. لكن عملية مناقشته سوف تكون أكثر حيادية، وبالنسبة لإسرائيل سيكون "أفضل قليلاً" أن يشارك فيه طرف ليس صديقاً لها، لكنه ليس عدواً، على الأقل.