تطوّران بارزان شهدهما الأسبوع الماضي، دولي وإقليمي، أفضيا إلى رسم مشهد جديد للمسرح السّياسي في المنطقة ـ ومنها لبنان ـ والعالم، وهو مشهد لن تتضح معالمه النهائية قبل مرور فترة زمنية لا تقلّ عن شهرين على أقل تقدير.
المشهد الأول تمثل في الإنتخابات الرئاسية الأميركية التي حصلت يوم الثلاثاء الماضي، 5 تشرين الثاني الجاري، وأسفرت عن فوز مرشّح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بالمنصب الذي أعاده إلى البيت الأبيض مرّة ثانية بعد إنتخابات 2016. لكن الرئيس المُنتخب لن يتسلم مهامه قبل 20 كانون الثاني من العام المقبل، حيث سيبقى الرئيس الحالي جو بايدن في منصبه يمارس صلاحيته كاملة حتى ذلك الحين، في فترة إنتقالية تنتقل فيها السّلطة من الإدارة الحالية إلى الجديدة، وقد وُصفت بمرحلة “البطّة العرجاء”.
خلال هذه الفترة التي سيبقى فيها الرئيس الأميركي بايدن يمارس مهامه بشكل طبيعي، سيعيش العالم مرحلة من الإنتظار إلى حين أن يتسلم ترامب مهامه، ما يعني أنّ الملفات السّاخنة في العالم، حيث للولايات المتحدة تأثير مباشر وقوي، سوف توضع في الثّلاجة، وخصوصاً العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 13 شهراً على قطاع غزة ولبنان، بانتظار معرفة التوجّه المرتقب للإدارة الأميركية الجديدة.
أمّا المشهد الثاني فإقليمي، وتمثل في إعلان قطر تعليق مشاركتها في جهود الوساطة بين حركة حماس والكيان الإسرائيلي لإيقاف العدوان، بعدما لمست “عدم تجاوب” مع مساعيها، وترافق ذلك مع تسريبات تحدثت عن طلب القطريين من الحركة إغلاق مكتبها في العاصمة القطرية الدوحة بعدما بات “لا مبرّر له”، وسط معلومات تحدثت عن أنّ هذا الطلب جاء نتيجة ضغوط أميركية مارستها واشنطن على الدّوحة.
ما سبق يُؤكّد أنّ التطورات في المنطقة والعالم تسير على مسارين: الأول جمود في انتظار أن يتسلم ترامب مهامه بعد نحو شهرين ليُبنى على الشيء مقتضاه، مع تسجيل ملاحظة أنّ السّياسة التي سيتبعها ترامب في كلّ الملفات لن تتضح إلا بعد مدة زمنية تعقب دخوله إلى البيت الأبيض.
أمّا المسار الثاني فتصعيدي. ذلك أنّ إنسحاب قطر من جهود الوساطة يعني أنّ أيّ وساطة مقبلة لإيقاف العدوان لن تبصر النور قبل فترة من الزمن لا يُرجّح أن تكون قصيرة بعد الشروط المتبادلة للطرفين لإيقاف العدوان، ما من شأنه أن يجعل قطاع غزّة ومعه الضفة الغربية، يشهدان إلى جانب جبهة لبنان، تصعيداً خطيراً في الميدان في الفترة المقبلة، أقله إلى حين تسلّم ترامب مهامه، وهو تصعيد يخشى كثيرون أنّ يكون غير مسبوق منذ بدء العدوان.
قياساً على ذلك، فإنّ لبنان سيشهد في الشّهرين المقبلين جموداً في ملفات عدّة من أبرزها ملف الإنتخابات رئاسة الجمهورية، وتسخيناً على جبهة الحرب بين المقاومة والكيان الإسرائيلي لا يعرف أحد المدى الذي ستصل إليه، إلّا أنّ الميدان يؤكّد أنّ الفترة المقبلة ستكون صعبة وحاسمة ومصيرية على كلّ الصّعد.
موقع سفير الشمال الإلكتروني