يعكس الارتفاع الكبير في تسعيرة كهرباء الآمبيرات في دمشق وريفها، حالة التغول من قبل متنفذي النظام، التي طاولت هذا القطاع الحيوي، في ظل غياب أدنى معايير التنافسية، وخضوع مجمل الاستثمارات داخل القطاع الناشئ لسياسة احتكارية موحدة.
ارتفاع هائل
وفي غضون 10 أشهر، ارتفعت تسعيرة كهرباء الآمبيرات قرابة 80%، وفقاً لما رصدته "المدن". وأفادت مصادر أهلية من بلدات عدة في ريف دمشق، بتجاوز الكيلوالواط الواحد، حاجز الـ13 ألفاً و500 ليرة، في حين لم تكن التسعيرة مع بداية العام الحالي تتخطى الـ8 آلاف ليرة، علماً أن تسعيرة صرف الليرة لم تتغير في ظل استقرار شهدته نشرات الصرافة.
ويقول أبو أحمد أحد، وهو من سكان بلدة عين ترما، إنه ألغى اشتراكه مع شركة الآمبيرات بعد الارتفاعات الأخيرة، مؤكدا لـ"المدن"، أن "القطاع يعاني من حالة احتكار المتنفذين الذين يرفعون التسعيرة متى شاؤوا وكيفما أرادوا"، لافتاً إلى أن "العودة إلى استخدام الطاقة الشمسية باتت أرخص وأوفر".
وفي ببيلا ويلدا وبيت سحم وداريا وصحنايا، تتراوح تسعيرة الكيلو من 13 ألف ليرة حتى 14 ألفاً، وفقاً للمصادر الأهلية، بينما تتذرع شركات الأمبيرات لرفع تسعيراتها، بارتفاع أسعار قطع التبديل والمواد الخام لتشغيل الآليات والمحركات.
استثمار جشع
ومنذ البدء بتأمين الكهرباء للعاصمة وريفها بمولدات الآمبيرات، منتصف العام 2023، بدا لافتاً أن هذا القطاع الجديد سيخضع إلى أحد أشكال الاستثمار الجشع الذي تشرف عليه أفرع أمنية ومجموعات عسكرية مرتبطة بالنظام.
وفي ظل غياب الكهرباء الحكومية ودخولها فترات تقنين قاسية، يضطر المواطنون إلى الاشتراك في كهرباء المولدات، التي تكاثرت بشكل هائل منذ بداية العام الحالي،، عبر إحداث شركات خاصة مقربة من مسؤولي النظام، لاسيما الفرقة الرابعة، في مسار جديد لاقتصاد الظل الذي تشرف عليه الفرقة.
ويقول سكان من داريا ومعضمية الشام لـ"المدن"، إنهم يدفعون مبالغ أسبوعية تتراوح بين 45 وحتى 70 ألف ليرة لقاء عدد كيلوات قليل من الكهرباء التي يتم استخدامها حصراً بهدف إضاءة المنازل، بينما يحتاج تشغيل جميع أدوات المنزل الكهربائية إلى مبالغ مضاعفة، قد تصل إلى نصف مليون ليرة شهريا، ما يعادل متوسط راتب موظفين حكوميين.
غياب التنافسية
ويعزو الباحث الاقتصادي يحيى السيد عمر ارتفاع تسعيرة كهرباء المولدات، إلى أسباب عدة، منها انعدام التنافسية وسيطرة سوق الاحتكار، إضافة لارتفاع أسعار المحروقات في ظل عدم توافرها في السوق. ويضيف لـ"المدن"، أن "تراجع عدد ساعات التغذية الحكومية للكهرباء، عزّز من الطلب على الآمبيرات، ما أدى إلى ارتفاع سعرها، إضافة إلى تأثير اللجوء اللبناني على ارتفاع الطلب".
وبشكل عام يمكن يعزو سبب انعدام التنافسية في سوق الآمبيرات، إلى الدخل الكبير الذي يحققه هذا القطاع، ما جعل الدخول والاستثمار فيه مقتصراً على المقربين من النظام، إضافة لكون من يستثمر في هذا القطاع قد لا يتمكن من توفير الوقود اللازم، نتيجة احتكار شركات مقربة من حكومة النظام هذا القطاع، مثل القاطرجي، ما يجعل كامل الدورة الإنتاجية خاضعة للاحتكار.
أما فيما يتعلق باحتمالية ضبط حكومة النظام لهذا القطاع، فيرى السيد عمر أن "هذا الأمر مستبعد، نظراً لأن الاحتكار يحقق مصلحة النظام، إضافة لعدم القدرة على فرض التنظيم كون غالبية المستثمرين في هذا القطاع مقربين من الفرقة الرابعة، وبالتالي يتمتعون بحماية الفرقة".
وعليه، يلفت السيد عمر إلى أن "مستقبل قطاع الآمبيرات في مناطق سيطرة النظام، سيبقى خاضعاً لاحتكار القلة، ومن المستبعد استنساخ التجربة اللبنانية في هذا المجال، كونها تقوم في جوهرها على التنافسية، وهذا العامل الأهم في تطور هذا القطاع، الأمر الذي يعد مفقودا بشكل كبير في مناطق سيطرة النظام".