لم يخطر على فكر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أن لقاء التشاور الذي دعا اليه النواب السنة، بعيداً عن الإعلام، سيتحول إلى جلسة نقاشات حامية ومشادات كلامية بين النواب المدعوين على خلفية الحرب الإسرائيلية وسلاح حزب الله. وبدل أن ينتهي اللقاء بتسجيل نقطة إيجابية لصالح رئيس الحكومة انتهى إلى تظهير الخلاف السني حول سلاح المقاومة إلى العلن، وكرس الانقسام بين النواب السنة.
24 نائباً تلقوا دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى اجتماع عنوانه "جولة أفق" حول الأوضاع العامة. عدد من النواب استغرب الدعوة واستفسر رئيس الحكومة الذي وجه الدعوة شخصياً للنواب، خصوصاً وأنها تأتي قبيل توجه ميقاتي الأحد المقبل إلى المملكة السعودية لتمثيل لبنان في اجتماع القمة العربية-الإسلامية، وأعقبت لقاءاته مع شخصيات سنية رفيعة كان في مقدمهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان.تفويض سنيكان أغلب ظن الحضور من النواب أن ميقاتي يريد أن ينال قبيل زيارته إلى السعودية تفويضاً سنياً يتحول بفضله إلى مرجعية سنية، بعضهم لبى الدعوة للاطلاع على خلفيات الدعوة وأسبابها ولم يقتنع بكونها مجرد جولة أفق. وهو ما لاقى انتقادات بعض المصادر انطلاقا من كون رئيس الحكومة مرجعية حكومية دستورية وليس زعيماً طائفياً أو رئيس حكومة لجهة طائفية.اللقاء الذي أراده ميقاتي مخصصاً لتوحيد موقف السنة، لم ينته إلى حيث ما أراد. ففي معرض النقاشات التي دارت بين النواب الذين لبوا دعوة رئيس الحكومة، طرح موضوع حزب الله، فبرز خلاف في وجهات النظر بين الحضور، تطور إلى مشادات كلامية بين النائبين أشرف ريفي وجهاد الصمد على خلفية سلاح المقاومة الذي طالب ريفي بسحبه بينما اعتبر الصمد أن الظرف الراهن لا يتناسب وطرح كهذا خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على لبنان.تحدث ريفي عن وجود "قرار دولي وإجماع عربي على إقتلاع أذرع إيران في المنطقة وتطبيق القرار 1701" وقال: "لطالما أكدنا على ضرورة إنهاء منطق الدويلة في بلدنا وما ينجم عنها من أمور خارجة عن القانون، دويلة تأخذ قرارات السلم والحرب بمنأى عن الحكومة اللبنانية".منطق الدويلةاعترض النائب الصمد على كلام ريفي الذي أبدى انزعاجه منه وتوجه اليه بالقول "عندما أتكلم أنا، أنت تصمت إلى أن يأتي دورك بالكلام، يا جهاد نحن نعلم تاريخك وحاضرك ونعرف إنتماءاتك السياسية والتي لا تتخطى حدود" واتهمه على أنه "زلمة حزب الله، ولا يحق لك أن تتكلم وأنت من إعترضت مع رجالك المسلحين موكب الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم كان متوجهاً إلى منطقة الضنية لمنعه من الوصول. من يقوم بهذه الأعمال ينبغي أن يستحي من نفسه ويسكت ". كلام استفز الصمد الذي حاول التصدي لريفي فتدخل بعض النواب وطلبوا منه التزام الصمت. ثم كانت مداخلة للنائب الحشيمي الذي أيد كلام ريفي عن رفضه لمنطق الدويلة وسلاح حزب الله.غياب القعقوروفي مداخلته توجه النائب عبد العزيز الصمد بالسؤال للرئيس ميقاتي عما اذا كان حزب الله سيوافق على تنفيذ الاتفاق 1701 لوقف النار فأجابه ميقاتي "لا أعلم".اعتذر عن حضور الاجتماع النائب عماد الحوت بداعي السفر، ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، والنائبة حليمة القعقور التي رفضت المشاركة في لقاءات تحت عنوان طائفي. وشبّهت اللقاء بما سبقه من لقاءات مع قيادات روحية لطوائف أخرى فاعلة سياسياً، كالمارونية والدرزية.مصادر حكومية اسفت لإعطاء الاجتماع أبعاداً وتفسيرات لا تنطبق على الهدف منه وهو النقاش مع النواب وجولة أفق عامة حول المستجدات لاسيما وأن البلد يمر بظروف بالغة الحساسية. ورفضت المصادر الربط بين اجتماعات رئيس الحكومة بالمفتي أو استقباله لرئيسي الجمهورية السابقين أمين الجميل وميشال سليمان ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وتابعت تقول إن لقاءات ميقاتي للتشاور وستشمل كل الفئات اللبنانية، وهو سيستكملها بعد عودته من السعودية بزيارة الى بكركي للقاء البطريرك الراعي ومجلس المطارنة الموارنة.