بعد فوز ترامب... إيران تغير نبرتها تجاه إسرائيل
2024-11-08 20:25:35
في تصريح لافت، حذر مستشار للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، آية الله علي خامنئي، من أي رد "غير مدروس" على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت إيران في أواخر الشهر الماضي. وأتى هذا التحذير بعد ساعات قليلة من إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة.
وقال علي لاريجاني، وهو من أبرز الشخصيات السياسية في إيران ورئيس سابق للبرلمان، في حديث للتلفزيون الرسمي مساء الخميس: "إسرائيل تهدف لنقل النزاع إلى إيران. علينا التصرّف بحكمة لتجنّب الوقوع في هذا الفخ وعدم الرد بشكل غير مدروس". وأضاف لاريجاني: "تحركاتنا وردود فعلنا محددة استراتيجيا لذا علينا تجنب أي ردود عاطفية أو غير مدروسة وأن نبقى عقلانيين بالكامل".
وقبل ذلك، أفاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بأن من شأن وقف محتمل لإطلاق النار بين حلفاء إيران وإسرائيل أن يؤثر على رد طهران على الضربات الإسرائيلية. وفسر المراقبون الموقفين على أنهما "تراجع واضح" من قبل طهران ومحاولة لتخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، خاصة بعد إعلان فوز ترامب في الانتخابات.
من جانبه، أشار مدير المركز الأحوازي للدراسات السياسية والاستراتيجية، حسن راضي، إلى أن عودة ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة أحدثت "زلزالًا" في الأوساط السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية للنظام الإيراني. وأضاف راضي في حديثه لموقع "الحرة": "النظام كان يتخوف من مجيء ترامب وكان يحسب له ألف حساب منذ أشهر طويلة".
ومن المتوقع أن يعود ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني المقبل بعد أن هزم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الثلاثاء. ويأتي هذا في وقت حساس بالنسبة لطهران، التي تتعرض حلفاؤها في منطقة الشرق الأوسط لضربات قاسية من إسرائيل في حربها ضدهم.
وكانت الطائرات الحربية الإسرائيلية قد استهدفت مواقع عسكرية في إيران في 26 تشرين الأول الماضي، وذلك ردًا على هجوم صاروخي إيراني كبير استهدف إسرائيل في بداية الشهر ذاته. وكانت إيران قد أعلنت في الأول من تشرين الأول عن إطلاق 200 صاروخ على إسرائيل في رد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وقيادي آخر في الحرس الثوري الإيراني في غارة إسرائيلية على جنوب بيروت، بالإضافة إلى استهداف مدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في عملية في طهران نسبت إلى إسرائيل.
ورغم التحذيرات الإيرانية من الرد على الضربات الإسرائيلية، تعهدت طهران في وقت سابق بالرد، مما يضع الوضع في المنطقة في حالة ترقب دائم. ويعتقد راضي أنه "حتى لو قررت إيران ضرب إسرائيل، فإن الضربة ستكون محدودة لمجرد حفظ ماء الوجه".
شهدت علاقة ترامب بإيران، خلال فترة توليه رئاسة الولايات المتحدة بين عامي 2017 و2021، تقلبات حادة وتصعيدات شديدة، حيث اتسمت العلاقة بأشد المواجهات بين واشنطن وطهران في العقود الأخيرة. في البداية، كان ترامب قد أعلن معارضته للاتفاق النووي الذي وقعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مع إيران في 2015، معتبرًا إياه "أسوأ صفقة في التاريخ". وفي أيار 2018، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران، حيث تبنت إدارته سياسة "الضغط القصوى"، التي استهدفت قطاعات عدة من الاقتصاد الإيراني، خاصة النفط.
وفي كانون الثاني 2020، اتخذت إدارة ترامب خطوة تصعيدية غير مسبوقة باغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في ضربة جوية في العراق. ومن المتوقع أن يستأنف ترامب سياسة العقوبات القاسية التي فرضها على إيران خلال فترته الأولى، مما يزيد من صعوبة حصول إيران على العملات الصعبة، مما يؤدي إلى مزيد من التضخم والبطالة.
ويشكل مصدر القلق الرئيسي لدى القادة الإيرانيين هو إمكانية تمكين ترامب لإسرائيل من ضرب المواقع النووية الإيرانية ومنحها حرية أكبر في التعامل مع إيران. وقال راضي: "إيران تنفست الصعداء خلال فترة الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، حيث تراجعت العقوبات بشكل واضح وسمح لها بالوصول للأموال المجمدة".
ويعتقد راضي أن "الأمر سيكون مختلفًا تمامًا في عهد ترامب، لأنه لن يسمح للنظام بالتلاعب أو شراء الوقت أو التهرب من التزاماته النووية". ومع ذلك، يعتقد البعض أن ترامب سيكون حذرًا بشأن احتمال اندلاع حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط. في هذا السياق، قال المحلل السياسي الإيراني حسين رويران: "ترامب اليوم ليس نفسه ترامب بالأمس"، مشيرًا إلى أن "ترامب كان سابقًا مرتجلًا في قراراته، ولكن من المرجح أن يكون هذه المرة أكثر عقلانية واتزانًا لضمان عدم حدوث صراع جديد في الشرق الأوسط".
ويؤكد رويران أن "الرد الإيراني على إسرائيل لا يزال قيد الدراسة داخل إيران، لكن مع ذلك، تبقى كل الخيارات مطروحة". كما أقر بأن "الرد الإيراني مرتبط بكثير من المتغيرات في المنطقة، ومنها مسألة مفاوضات وقف إطلاق النار، ولكنه بالتأكيد ليس مرتبطًا بصعود ترامب".
وكالات