أمر هام لن يخسره "حزب الله"
2024-11-05 07:25:50
- محمد المدني - يحقّ للبعض أن ينظر ل"حزب الله" كخاسر في المعركة الكبرى التي يشهدها لبنان بين الحزب وإسرائيل، وإن كانت الحرب لم تنتهِ بعد ولم تكشف كل أوراقها، ويحقّ للجميع أن يطالبوا باستراتيجية دفاعية تضع السلاح في كنف الدولة اللبنانية ليكتسب السلاح شرعيته الوطنية. لكن ما لا يجوز هو أن يقوم البعض بتجريد الحزب مسبقاً من قوته وحقوقه السياسية التي لا تزال قائمة وستبقى أقلّه حتى الإنتخابات القادمة.خرج بالأمس رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بتصريح مفاده أن كثيرين سعداء بسقوط حقّ النقض الذي يتمتع به الحزب. وفي السياسة، هذا التصريح غير صحيح على الإطلاق ولا يليق بحليفٍ سابق للحزب أكل من بساتين حارة حريك حتى امتلأت أمعاؤه، وتحديداً من حقّ النقض الشيعي الذي أمّن له كل نزواته في الحكومات المتعاقبة والتعيينات، ونصّب عمّه رئيساّ للجمهورية بعد عامين ونصف من التعطيل بفضل حقّ النقض الشيعي. وذلك لأن الحزب حتى لو لم يخرج منتصراً من الحرب العسكرية سيبقى لديه حق "الفيتو" السياسي في الداخل، وهو حقّ مشروع في الحياة السياسية.وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون يحدّد مصيره الثنائي الشيعي حصراً، أي "حزب الله" وحركة "أمل"، وفي وقت يشعر الثنائي بالضعف، فما بالك بمن يطمح لعزل الشيعة أو إخضاعهم، من أجل تحقيق مكاسب سياسية وسلطوية؟إن خسارة الحزب للحرب لن تنعكس حكماً على الداخل اللبناني، فمن يعلم كيف ستكون معالم التسوية القادمة، وعلى ماذا ستنصّ؟ ولمصلحة من؟ ومن قال إن الرئيس العتيد للجمهورية سيأتي من خارج إرادة الثنائي الشيعي؟ ومن يستطيع إجبار 27 نائباً شيعياً على التصويت لمرشح لا تؤيده طائفة أساسية في بلد يقوم على أهواء الطوائف والمذاهب؟يستعجل الكثيرون الإستنتاجات حول نهاية الحزب بعد هذه الحرب التي تعرّض فيها لضربات قاسية ومؤلمة جداً ولا يخفي البعض منهم هذا الشعور في تصريحاته الإعلامية بينما يضمر آخرون الشعور نفسه. لكن كل هؤلاء يخطئون في حساباتهم تجاه حزب تمكّن من استعادة عافيته خلال أيام بعد خسارة زعيمه التاريخي وخلفه، وما زال يصدّ كل المحاولات الإسرائيلية البرية رغم هول الإمكانيات العسكرية والتدميرية المستخدمة ضده.لكن انشغال الحزب بالمعركة العسكرية لا يعني إهماله لما يدور حوله في السياسة، وهو يتحضّر لمرحلة ما بعد الحرب، التي سيعيد فيها الكثير من حساباته والتي ستدفعه إلى خيارات جديدة ستغيّر جذرياً المعادلة التي اعتمدها في مقارباته وتحالفاته السياسية منذ 2006 حتى اليوم.
وكالات