عزّز البيان التوضيحي لوزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام السوري، حول الفئات التي يشملها قرار رفع الدعم عن حاملي البطاقة الالكترونية من الأجانب، الشكوك في اتخاذ النظام خطوات جدية لتضييق الخناق على أسر المليشيات الإيرانية المقيمة في سوريا، وإجبارها على مغادرة البلاد تماشياً مع المطالب العربية.
وأصدرت وزارة التجارة الداخلية قراراً برفع سعر ربطة الخبز للأجانب من حاملي بطاقة الدعم الالكترونية، إلى 9000 ليرة سورية، بدلاً من 4000 ليرة، إضافة إلى رفع الدعم عن مازوت التدفئة والبنزين والغاز.
بيان وتوضيح مرتبك
ونتيجة ردود الأفعال والتساؤلات التي أثارها القرار، حول طبيعة هؤلاء الأجانب المعنيين وأعدادهم داخل سوريا، خصوصاً وأن المقيمين العرب لا ينطبق عليهم توصيف الأجنبي، نشرت الوزارة بياناً يوضح الفئات المستبعدة.
وحسب البيان، فإن المقصود بالأجانب هم من البعثات والقنصليات والشركات الأجنبية، حيث يتم حجب الدعم عن مازوت التدفئة والخبز والغاز للمستفيدين الأجانب حاملي البطاقة الالكترونية، بمعنى حاملي البطاقة من غير السوريين أو من في حكمهم كالبعثات الأجنبية أو القنصليات أو الشركات الأجنبية وغيرهم.
لكن التوضيح حمل العديد من علامات الاستفهام، خصوصاً الفقرة التي أكدت على أن الدعم يشمل السوريين ومن في حكمهم، من حاملي البطاقة العائلية، إضافة إلى الرعايا العرب المقيمين في البلاد، سواء كان مدعوماً أو غير مدعوم، وبذلك يعتبر مشمولاً بالإعالة الحكومية ويحصل على ربطة الخبز بسعر 3000 ليرة، ما يؤكد إزالة المليشيات الأجنبية من منظومة الدعم بشكل كامل.
رسائل للجميع
ويرى مدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، أن قرار وزارة التجارة الداخلية، يحمل رسائل يريد النظام توجيهها للداخل وأخرى للخارج، للوصول إلى أهدافه الاقتصادية، خاصة مع تدهور الوضع الاقتصادي وانسداد الأفق كلياً أمامه.
ويوضح الكريم لـ"المدن"، أن الرسالة الأبرز تتمثل في إصراره على عدم التضحية الاقتصادية لصالح المهجرين أو العائدين من لبنان، وتحميل المنظمات الأممية عبء تقديم الإغاثة لهذه الفئة، من خلال التشديد على استمرار الآلية الحالية للدعم.
ويقول: "لا يتمثل الهدف الرئيسي بإبعاد الأجانب المذكورين من منظومة الدعم، إنما بالوصول إلى المليشيات الأجنبية وأسرهم في المجتمع السوري وإحصائهم، لتجنب التورط معهم، لما تحمله هذه الخطوة من أهمية وضرورة في سبيل تحصيل الدعم الاقتصادي الخارجي".
ويرى أن النظام يحاول طمأنة قاطني مناطقه بوجود خطوات ذات جدوى اقتصادية دون المساس بهم، وعدم تحميلهم أعباء عودة اللاجئين أو الوافدين من لبنان.
أما على المستوى الخارجي، فيعتبر الكريم أنها "رسالة للمطالبين بإخراج المليشيات من سوريا، بأنه يتقدم بهذا المشروع، لكن العقبة تتمثل بما يحمله القرار من مؤشرات على عدم وجود بيانات واضحة لأعدادهم".
ويشير الكريم إلى أن هذه الخطوة تنقل الضغط إلى إيران، من خلال التنصل من التزاماته التي فرضتها عليه، من تسهيل وتيسير الاحتياجات الأساسية لمليشياتها وأسرهم وعائلات المقاتلين اللبنانيين، الذين وصلوا إلى سوريا مؤخراً، كجزء من رد الدين.
ويقول إن النظام "يحاول التضييق أكثر على عناصر المليشيات، من خلال رفع الأسعار والمستلزمات المعيشية عليهم، لحثهم على المغادرة، وهي خطوة كان قد اتبعها سابقاً مع مناطق المعارضة المحاصرة".
قرار سياسي
ويتفق الكاتب السياسي المختص بالشأن الإيراني عمار جلو مع الحديث السابق، معتبراً أن قرار وزارة التجارة الداخلية يمثل استكمالاً لسياسات النظام في التعامل مع المليشيات الإيرانية، كان قد بدئها فعلياً قبل أكثر من عام.
ويقول لـ"المدن"، إن "القرار الحالي يعد متمماً لسلة من الإجراءات والقوانين التي كان النظام قد فرضها على عناصر المليشيات، لتجريدهم من الامتيازات والحصنات التي يتمتعون بها". ويلفت في هذا الخصوص، إلى القرارات التي تخص السوريين، مثل قرار عدم إسقاط الخدمة العسكرية واعتبارهم فارين، رغم التحاقهم بالمليشيات الايرانية، وأيضاً قرار تخفيض رواتب عناصر المليشيات لتتناسب مع الأجور التي يقدمها النظام، إضافة إلى إجراءات التسريح التي أصدرها بحق عدد كبير من الرتب العليا في الجيش والأمن المتعاونين مع إيران.
ويرى الجلو أن خطوات النظام الحالية "متناغمة تماماً مع سياساته اتجاه القصف الإسرائيلي على سوريا، وعدم تقديمه شكوى أممية ضد إسرائيل، وذلك ينسجم مع التوصيات الغربية والعربية للنظام بتجنب استفزاز إسرائيل والتضييق على إيران وقادة حزب الله وأسرهم في سوريا، في حال أراد تحقيق مكاسب كبيرة من الأوضاع التي تعيشها المنطقة".