أوهام وقف إطلاق النار في لبنان التي بثها المبعوثون الأميركيون تبددت مع مغادرة ممثلي البيت الأبيض إسرائيل، من دون أن يعرج هوكشتاين على بيروت كما كان وعد. وكانت عودته مشروطة بحمل أنباء إيجابية من إسرائيل بشأن وقف إطلاق النار، الذي تلاعبت أوهامه بأعصاب اللبنانيين في الأيام الأخيرة. ووجد "المسؤولون" اللبنانيون في سردية وقف إطلاق النار فرصة لتمويه عجزهم عن تخطي شعار "وحدة الساحات" الإيراني والتزام حزب الله به، وقصورهم عن التعامل مع عربدة آلة الحرب الإسرائيلية، وما تحمله من قتل ودمار وتهجير في أرجاء لبنان. وتمادى بعض هؤلاء في استغلال تلهف اللبنانيين لوقف الوحشية الإسرائيلية، وتوقع وقفاً لإطلاق النار في "ساعات وأسابيع"، مستنداً في ذلك إلى ما حملته جعبة المبعوثين الأميركيين. وكان هؤلاء يحبسون أنفاسهم في انتظار عودة هوكشتاين إلى بيروت بعد تل أبيب. لكن نتنياهو لم يترك بصيص أمل، ووجه ضربة قاضية لوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 الذي أصبح يعتبره عائقاً بوجه حربه على حزب الله. وجاء صادماً رده على محاولات هوكشتاين وزملائه الأميركيين "إقناعه" بوقف إطلاق نار في إطار تطبيق القرار المذكور. وأعلن عن تصميمه على "إحباط أي تهديد لأمن إسرائيل من لبنان"، و"القضية الأساسية ليست أوراق هذا الاتفاق أو ذاك بل قدرة إسرائيل على إنفاذ الاتفاق". وأضاف بقوله "لا أحدد موعداً لنهاية الحرب، لكني أضع أهدافاً واضحة للانتصار فيها، وسنعمل على معالجة أذرع الأخطبوط ونضرب رأسه في إيران. إننا نغيّر وجه الشرق الأوسط، لكننا ما زلنا في عين العاصفة وأمامنا تحديات كبيرة، ولا أقلل من شأن أعدائنا".
وعلى عكس انقسام المجتمع الإسرائيلي بشأن الحرب على غزة وصفقة الهدنة مع حماس وتحرير الرهائن، يعارض الإسرائيليون أي وقف لإطلاق النار في لبنان، ويصفقون لكلام نتنياهو هذا ويطالبونه بالمزيد من القصف والقتل والتدمير في لبنان. والاعتراضات التي تبرز على هذه الحرب، هي تلك التي رأت في الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران إفراطاً في ضبط النفس، وضعفاً في الإرادة والتصميم، حسب زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" افيغدور ليبرمان. ورأت إحدى صحافيات "الشارع الروسي" الذي يتزعمه ليبرمان Irina Petrova في نص على موقع MIGnews الإسرائيلي الناطق بالروسية نشرته في 30 المنصرم أن "انضباط" الهجوم الإسرائيلي على إيران كان بمثابة تأجيل للحرب. وعنونت نصها بالقول "حرب مؤجلة، سلام مؤجل"، وقالت إن إسرائيل، إذ كسبت بالهجوم على إيران بعض الوقت لنفسها، فقد تقاسمت الكسب هذا مع عدوها، ومنحته فرصة للإعداد للحرب المقبلة.الإعلام الإسرائيلي الذي "سرب" مسودة النص الأميركي لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، يصطف بمعظمه وراء نتنياهو في رفض وقف إطلاق النار في لبنان ومواصلة الحرب حتى بلوغ أهدافها التي رسمها نتنياهو وحكومة حربه. فقد نشر الموقع الإسرائيلي الناطق بالروسية vesty-ynet في 30 المنصرم نصاً بعنوان "وقف إطلاق النار في لبنان: حقيقة أم وهم؟". استهل الموقع نصه بالإشارة إلى العناوين الرئيسية التي ترافق النقاش حول اتفاق وقف إطلاق النار، وقالت إن رئيس الوزراء اللبناني يتوقع التوصل إلى اتفاق خلال الساعات المقبلة، فيما نأت واشنطن بنفسها عن مسودة خطة السلام المسربة لوسائل الإعلام. ونقل عن شبكة CNN قولها إن إيران ستشن هجوماً جديداً على إسرائيل قبل الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر.
قال الموقع إن تصريح ميقاتي بشأن موعد الاتفاق على وقف إطلاق النار جاء على خلفية الجهود الأميركية الحثيثة لوقف الأعمال الحربية في لبنان. وأشار إلى تنصل الولايات المتحدة وإسرائيل مما كشفت عنه القناة الإسرائيلية 11CAN بشأن مسودة الخطة الأميركية لاتفاق وقف العمليات الحربية في لبنان. وتوقف عند تفاصيل التطورات التي تلت بعد ذلك حتى وصول الموفدين الأميركيين إلى إسرائيل.
نسب الموقع إلى المحللين الإسرائيليين قولهم إن الأميركيين كانوا يحاولون في محادثاتهم مع القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تهيئة الظروف لتسوية ثلاثية: وقف إطلاق النار في لبنان، إطلاق الرهائن المحتجزين لدى حماس والحؤول دون تبادل جديد للضربات بين إسرائيل وإيران.أشار الموقع إلى ما كانت أعلنته قناة CNN عن أن إيران تنوي مهاجمة إسرائيل من جديد في القريب العاجل. وتوقعت القناة الأميركية أن توجه إيران ضربتها الجديدة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتعليقاً على ما نشرته القناة، نقل الموقع عن زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان دعوته القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية إلى ضرورة "الانتقال من الانتظار إلى ضربة استباقية، من الرد المتناسب إلى الرد الحاسم"، و"لقد كشفنا عن قدراتنا في 26 أكتوبر/تشرين الأول ، والآن هو الوقت المناسب لاستخدامها بأقصى قدر من القوة".موقع ZAHAV الإسرائيلي الناطق بالروسية والمتخصص بنقل النصوص المتعلقة بإسرائيل من مختلف مواقع الإعلام في العالم إلى الروسية، نقل في 31 المنصرم عن الشهرية العبرية الروسية المتخصصة بنشر كل ما يتعلق بثقافة اليهود وأدبهم وعاداتهم Lechaim نصاً بعنوان "الولايات المتحدة تصالح إسرائيل مع حزب الله". نقل الموقع عن الصحافي Dan Williams في بلومبرغ قوله إن إسرائيل تبحث في اتفاقية لوقف الصراع مع حزب الله في لبنان، والتي تسمح لهذا التنظيم المسلح بالابتعاد عن الحدود الإسرائيلية بعد نفاد ترسانته من الصواريخ أو تدميرها. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد التقى مع مساعديه الرئيسيين في 29 المنصرم، بغية مناقشة اقتراح وقف إطلاق النار الذي أعدته الولايات المتحدة، حسب ما نقل الصحافي عن سكرتير نتنياهو الصحافي.
نقل الموقع عن وزير المالية الإسرائيلي بتسليل سموتريش تصريحه للصحافيين إن الحرب مع حزب الله في الشمال ستنتهي آخر العام. وأضاف، أن العام 2025 "لن يكون عام حرب، بل عام الخروج منها". وأشار إلى أن "هذه الأحداث" ساعدت في تخفيض سعر النفط، حيث انخفض سعر برميل النفط ماركة برنت بحوالى 6% خلال جلستين للبورصة قبل أن يعود للارتفاع جزئياً في 30 الشهر المنصرم. ومن جملة أسباب هذا الإنخفاض الأسبوع المنصرم، رآها الموقع في إمتناع إسرائيل أثناء هجومها على إيران عن قصف البنى التحتية الأكثر حيوية، مثل المواقع النفطية والنووية.
وعن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت نقل الموقع تصريحه في 29 المنصرم أن منظومة القيادة في حزب الله قد تعطلت، وقدراته الصاروخية لم يتبق منها سوى 20% مما كانت عليه قبل الحرب. لكن مع ذلك، يتواصل يومياً إطلاق الصواريخ من لبنان على إسرائيل، وإن كان بنسبة أقل مما كان عليه قبل أسابيع.زعيم المعارضة الإسرائيلية والوزير السابق يائير لابيد صرح لإذاعة الجيش الإسرائيلي بأنه يتلقى من الحكومة معلومات مجددة عن الجهود المبذولة لوقف الأعمال الحربية في لبنان. وقال بأنه يعتقد "أنه سيكون من الصواب تحقيق نصر دبلوماسي".
يختتم الموقع نصه بالإشارة إلى أن حجم نزوح السكان المدنيين على جانبي الحدود بلغ عشرات الآلاف. وينقل عن المصادر الرسمية اللبنانية حجم الخسائر بالأرواح التي تكبدها لبنان خلال الأسابيع الستة الأخيرة، وكذلك حجم النزوح بين السكان المدنيين. ويقول بأن خسائر إسرائيل خلال سنة من تبادل القصف مع حزب الله بلغت 100 قتيل من المدنيين والعسكريين.