لا يمكن وضع العدوان الإسرائيلي على منطقة راس العين في مدينة بعلبك ظهر يوم الجمعة، إلا بإطار إنتقامي من تاريخ المدينة وتراثها، ومن دورها السياحي والتجاري على صعيد لبنان والعالم، وبالتالي النيل من المدينة التي صارع أهلها كل الظروف الصعبة، ولا يزالون، للحفاظ على بقائهم فيها.
عملياً إستهدف الطيران الإسرائيلي مبنى الساروط في وسط منطقة راس العين التي تكتظ بالمقاهي والمطاعم بالإضافة الى احتضانها فندق كنعان، ثاني أهم الفنادق في المدينة بعد فندق بالميرا التراثي. تعتبر هذه المنطقة بحسب عضو مجلس بلدية بعلبك السابق أنطوان ألوف، متنفساً بيئيا وطبيعيا لأهالي بعلبك ومعظم ساكني الجوار. وهي إلى ذلك تشكل تجمعاً لعدد من المعالم التاريخية كمعبد نيبتون (اله المياه)، ومعبد نيفيوم (الهة الحوريات في الأسطورة اليونانية) بالإضافة الى المنطقة التاريخية المعروفة بالتنانير. والمعالم الثلاث واقعة على بعد مئة متر من محيط المبنى المستهدف وفقاً لألوف، إلا أنها لم تتضرر بعناية إلهية، على رغم الضرر الكبير الذي لحق بعدد كبير من المقاهي والمطاعم الموجودة في المنطقة.في عين العاصفةفي المقابل تطبق على هذه المنطقة الأنظمة التي تسري على محيط قلعة بعلبك التاريخية، وخصوصاً لناحية منع إقامة أي حفريات في باطن الأرض خوفاً من أن يؤدي ذلك الى العبث بما لا يزال غير مكتشف من ثروة تارخية تختزنها المنطقة. وهذا ما يجعل من كل منطقة بعلبك وفقاً لألوف، مدينة قائمة على وجه الأرض، لا يمكن الادعاء بوجود مخابئ أو أنفاق للأسلحة والصواريخ فيها، لا بل يشكو أهلها من هذه الأنظمة التي تحرمهم من مواقف السيارات أو حتى الملاجئ التي تحميهم. وهذا إثبات آخر على عبثية الإعتداءات الإسرائيلية على هذه المنطقة والنيات الخبيثة التي تخفيها.
في المقابل وعلى رغم الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بكل محيط مبنى الساروط الذي إنهار كلياً، نجا أهالي منطقة راس العين من مجازر شبيهة لتلك المرتكبة في أكثر من بلدة بعلبكية. وربما يعود ذلك بشكل أساسي لكون بعلبك باتت منذ يوم الأربعاء شبه خالية من أهلها. وتشير بعض التقديرات الى أنه من بين 200 ألف مواطن لبناني ومقيم من النازحين السوريين، قد لا يزيد عدد الأشخاص الذين لازموا منازلهم في المدينة الألفين، وهؤلاء وفقا لما قاله مصدر معني في بعلبك للـ "المدن" هم من الطبقة الأكثر تهميشاً وبعضهم لا يملك حتى سيارة للإنتقال بها الى خارج المدينة. إلا أن رمزية الغارة على منطقة راس العين، وضعت بعلبك كلها في عين العاصفة، محبطة المخططات التي وضعها البعض للعودة الى مدينتهم، بصرف النظر عن التحذيرات الإسرائيلية المستمرة بإخلائها.1055 غارة على البقاعجاء هذا الإعتداء على مركز المحافظة، مترافقاً مع عدوان متنقل على قرى وبلدات بقاعية مختلفة، بحيث إرتفع العدد الإجمالي لشهداء البقاع منذ بداية توسع العدوان الى خارج خطوط المواجهة المباشرة في الجنوب، الى 575 شهيداً وفقا لما ذكره إعلام حزب الله، بالإضافة الى تسجيله 1116 جريحاً وهؤلاء سقطوا في 1055 غارة نفذت على البقاع حتى الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الجمعة.
وكان العدوان الإسرائيلي قد توسع يوم الجمعة الى خارج المنطقة التي حددت بالحمراء. وإستنسخت الإعتداءات التي طالت 25 بلدة، المجازر التي إرتكبت يوم الإثنين الماضي، بحيث تحدث إعلام حزب الله عن أكثر من 50 شهيداً ونحو 60 جريحاً كحصيلة غير نهائية، خصوصاً أن هناك أشخاصاً لا يزال مصيرهم مجهولاً تحت الأنقاض. وقد توزعت أعداد من إنجلى مصيرهم وفقاً للبلدات التي طالها العدوان على الشكل التالي:
في يونين ستة شهداء وستة مفقودين وجرحى علماً أن البلدة إستهدفت مرتين، في بدنايل ثمانية شهداء وثلاثة مفقودين وجرحى، في السعيدة شهيدان وثلاثة مفقودين، في اللبوة ثلاثة شهداء وجريحان، بين حربتا والبزالية خمسة شهداء وجريح، في بلدة البزالية - أمهز 11 شهيداً وستة جرحى، على مفرق ايعات ثلاثة شهداء وجريح، في نحلة خمسة شهداء وستة جرحى، في طاريا شهيدان وأربعة جرحى، في قصرنبا شهيد. علماً أن الغارات طالت أيضاً مواقع أخرى كانت أعمال الإغاثة لا زالت جارية فيها لدى إعداد هذا التقرير، وقد توسعت في ساعات ما بعد الظهر الى منطقتي اللبوة والهرمل.
وكانت كثافة الغارات قد تسببت بإرباك لناحية تأمين وسائل الإنقاذ، فإرتفعت النداءات المطالبة بتأمينها.