تعرضت آلاف المباني في 25 بلدة حدودية لبنانية لأضرار أو دمار بسبب الهجمات الإسرائيلية بعد تفاقم الصراع في لبنان بين إسرائيل و"حزب الله" في أيلول/سبتمبر الماضي.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" أن ما لا يقل عن 5 آلاف و 858 بناية في المنطقة الحدودية تأثرت، استناداً إلى تحليلها لصور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو. ووقعت غالبية الأضرار في بداية الهجوم البري الإسرائيلي على جنوب لبنان في أوائل تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ومنذ ذلك الحين، يتضاعف حجم الدمار تقريباً كل أسبوعين، حسبما نقلت "وكالة الأنباء الألمانية". وأظهر تحليل مقاطع الفيديو أيضاً أن ما لا يقل عن تسعة مواقع دينية تضررت أو دمرت في انفجارات يجري التحكم فيها من بعد.وقال ويم زويينبورغ ، الباحث في منظمة"باكس" الهولندية التي تركز على حماية المدنيين في الحرب، بأن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية، عبر الاستهداف المباشر مع الغارات الجوية والمدفعية أو التفجير من بعد، يجعل أجزاء كبيرة من جنوب لبنان غير قابلة للسكن.وأوضحت "واشنطن بوست" أن قرى وبلدات جنوب لبنان تعد تاريخية، وتم حفرها في الصخور وتعود أسماؤها إلى العصر البرونزي، وفي تلك المجتمعات الصغيرة، فإن الحياة اليومية التقليدية تتمحور حول الأرض والزراعة، بما في ذلك زراعة التبغ والزيتون. وقال هشام يونس، وهو مدير مجموعة بيئية تركز على جنوب لبنان: "هذا التدمير المنهجي لا يهدد فقط سبل عيش الناس فقط، الهوية الثقافية للمنطقة أيضاً. إنهم يحاولون كسر الصلة بين الناس وأراضيهم".من جهتها، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير منفصل معتمد على تحليل صور الأقمار الاصطناعية، إلى تدمير العشرات من المباني في قريتين لبنانيتين على الأقل. وعرضت الصور التي نقلتها "نيويورك تايمز" لمحة فقط عما يجري في جنوب لبنان، حيث ما زالت درجة الأضرار غير واضحة بسبب عدم إمكان الوصول لتلك المناطق منذ بدء العملية البرية الإسرائيلية.وتقول إسرائيل إن عمليتها البرية في جنوب لبنان تهدف إلى إعادة الإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال. وتتهم "حزب الله" بوضع بنية تحتية عسكرية في المناطق السكنية. وفر العديد من الأشخاص من المنطقة، حيث أصبحت بعض البلدات خالية تماماً من السكان، وتشير الأمم المتحدة إلى أن 1.4 مليون شخص نزحوا عبر البلاد.وبحسب تحليل "نيويورك تايمز" الأخير، يبدو أن قرية محيبيب دمرت تقريباً بالكامل، ومازال فيها عدد قليل من المباني قائماً. وفي خمس قرى ومدن أخرى، تم تحويل أحياء بأكملها إلى أنقاض، علماً أن مقاطع فيديو نشرها الجيش الإسرائيلي وبعض الجنود في وسائل التواصل الاجتماعي، وتم التحقق من صحتها أظهرت تفجير ما لا يقل عن 200 من المباني بوضع المتفجرات فيها ثم نسفها من بعد.وتم رصد النسف المتعمد في خمس من البلدات الست وهي: بليدة وكفر كلا ومحيبيب ورامية وعيتا الشعب، وهي النتيجة نفسها التي توصلت إليها "واشنطن بوست" بشكل منفصل. ولم يُجب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بخصوص التدمير في تلك القرى، في حديثه لكلا الصحيفتين، وقال فقط أن إسرائيل تضرب الأهداف العسكرية لـ"مواجهة التهديد المستمر الذي يشكله حزب الله للمنازل والعائلات الإسرائيلية".وطرح بعض خبراء القانون الدولي، أسئلة حول الطبيعة الواسعة للدمار. وقال توم داننباوم، وهو أستاذ مساعد في القانون الدولي بجامعة "تافتس" أنه "يمكن استهداف المباني غير العسكرية فقط إذا كانت تستخدم بشكل عسكري، أو إذا كان لدى إسرائيل معلومات محددة تفيد بأنها سوف تستخدم بشكل عسكري. لكن لا يُسمح باستهداف منطقة بأكملها تحتوي على مزيج من الأهداف العسكرية وغير العسكرية".ولاقت بلدة ميس الجبل الدمار الأشد، حيث كانت تضم قبل الحرب نحو 8000 نسمة. تم تدمير 311 مبنى على الأقل، كلياً أو جزئياً. وفي مدينة بليدة، تم تدمير 168 مبنى على الأقل، بما فيها مسجد في مبنى قديم وانهارت منارته. في عيتا الشعب، أظهرت صور الأقمار الاصطناعية أنه تم تدمير 206 مبان على الأقل، ما أدى تقريباً إلى تسوية الجزء الشرقي من القرية بالكامل.