نفذت إسرائيل تهديدها رداً على الهجمات الإيرانية الأخيرة، معلنة عن ضرب العديد من الأهداف في إيران. ما تزامن مع سلسلة غارات في سوريا والعراق.
تأتي هذه الهجمات، المنسّقة مع واشنطن، لترفع من حدة التصعيد في المنطقة، وإن كان الردّ والردّ على الردّ يبقى ضمن حدود الرسائل المتبادلة المضبوطة خلافاً لما هو الواقع في غزة ولبنان، حيث يشنّ العدو الإسرائيلي عدواناً واسعاً بلا رحمة مدمّراً البشر والحجر. وعليه لا يبدو أن التوتر الإقليمي قد ينفلت نحو حرب شاملة في المنطقة.
واللافت أيضاً أن الرد الإسرائيلي على ايران جاء عشية انطلاق مفاوضات شاقّة في الدوحة خلال الساعات المقبلة، بهدف استكمال صفقة تبادل الأسرى في غزة، والبحث في مساعي وقف إطلاق النار.
في هذه الأثناء، يتواصل العدوان الإسرائيلي بحق لبنان، وقد طال إجرامه مجدداً الجسم الإعلامي، مستهدفاً مقرّ الصحافيين في حاصبيا، حيث سقط ٣ شهداء من محطتي المنار والميادين، وإصابة العديد من المراسلين والمصوّرين والتقنيين من ٧ وسائل إعلام لبنانية وعربية.
تأتي هذه الرسالة لتؤكد نوايا العدو الإسرائيلية بطمس كل معالم جرائمها المرتكبة في لبنان، من قتل للمدنيين وتدمير لممتلكاتهم، وتفجير لقرى بأكملها.
وتعليقاً على استمرار العدوان الإسرائيلي والتطورات الأخيرة، أشار الرئيس وليد جنبلاط إلى أنّ “البعض في لبنان يريد تطبيق القرارات الدولية عبر الفصل السابع، وهذا غير ممكن ويجب اللجوء للحوار”.
وأضاف جنبلاط، في حديث لـ”روسيا اليوم”: “أتمنّى ألا يحدث سيناريو غزة في لبنان لكن هذا يظلّ مجرّد تمنٍّ، وكيف تقف الحرب إذا لم تشعر إسرائيل بالضغط؟ وإلى أين ستصل وما أطماعها الجديدة؟”.
وقال: “آن الأوان للجمهورية الإسلامية أن تعلم بأنّ هناك دولة في لبنان”، لافتاً إلى أنّ “مسار وقف النّار تقوده الدول الكبرى”.
كما تابع جنبلاط: “نسمع بخططٍ استيطانيّة والوصول إلى ما بعد الليطاني، وبالعودة لنظريات أيام التوراة الأفضل أن نعرف الحقيقة”.
بالتزامن، وفي إطار الجهود والمساعي التي يبذلها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لوقف العدوان على لبنان. كان لافتاً اللقاء الذي جمعه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، يوم أمس، في لندن. حيق شدد ميقاتي على أولوية وقف إطلاق النار، مشيراً الى وجود مليون وأربعمائة ألف لبناني نزحوا من المناطق التي تتعرّض للاعتداءات، متهماً اسرائيل بانتهاك القانون الدولي باعتداءاتها على المدنيين والصحافيين والطاقم الطبي، مؤكداً التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 كما هو من دون أي تعديل، داعياً الإدارة الاميركية للضغط على إسرائيل كي تلتزم بوقف اطلاق النار.
بدوره، أشار بلينكن الى أن واشنطن ما زالت تسعى للحل الدبلوماسي لوقف فوري لإطلاق النار، والتزام لبنان بكل القرارات الدولية التي تضمن الاستقرار في المنطقة.
ولكن رغم كل هذا الحراك الدبلوماسي، لا يزال الميدان على اشتعاله. وتعليقاً على هذا الواقع، أشار النائب السابق شامل روكز في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الى أن الميدان ما زال على حاله من التوتر. ورأى أن الوضع على الحدود هو كرّ وفرّ، مستبعداً تقدم القوات الاسرائيلية باتجاه الداخل اللبناني لأن هناك مقاومة عنيفة أفشلت كل محاولاتهم حتى الآن، وكل ما يستطيعون فعله هو الاعتداء على الصحافة لإسكات الاعلام وقوات اليونيفل كي لا يفضحوا ما ترتكبه إسرائيل من مجازر بحق الانسانية.
ووصف روكز قيادة العمليات في الجنوب بأنها قادرة ومتمكنة وبدأت تفرض نفسها بتصديها للعدوان، ووقف تقدم القوات الغازية. ورأى أن هذه المجموعات تمتلك خبرات علمية مع خبرات في منظومة القيادة من أجل السيطرة على الأرض، مستبعداً إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار طالما دفة القتال متساوية بين الطرفين وعندما تميل الدفة باتجاه أي طرف يسهل البحث في وقف لإطلاق النار.
وعن لقاء ميقاتي – بلينكن وإمكانية التوصل لوقف إطلاق النار، قال: “طالما لا يزال حزب الله قادراً على الصمود ومنع العدو من اجتياح الاراضي اللبنانية فلن يكون هناك وقف إطلاق نار ولن تضغط الولايات المتحدة على اسرائيل لتحقيق ذلك. كما أن العدو غير مقتنع بضرورة التوصل لوقف إطلاق النار في ظل التحضيرات التي يقوم بها للرد على إيران. فهذا الرد قد يستدعي رداً مضاداً. وفي هذه الحالة قد يكون الرد الايراني منسقاً مع الامكانيات الصاروخية لحزب الله من عدة مجالات لأن إطلاق الصواريخ من لبنان أسرع من ايران. فهذا التنسيق يأتي لزيادة الفعالية للرد الايراني في حال حصوله”، مشيراً الى أن الطرفين اسرائيل وايران هما في مأزق. لان من خلال الرد الاسرائيلي على ايران ورد ايران على اسرائيل ستدخل المنطقة بحرب اقليمية شئنا أم أبينا. ما يعني ان الحرب طويلة ولن يتوضح وقف اطلاق النار قبل معرفة ما قد تؤول اليه الامور بين اسرائيل وايران”، مرجّحاً أن يتأجل البحث في موضوع وقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان الى ما بعد الانتخابات الاميركية.
صحيح أن الرهانات كبيرة على الانتخابات الأميركية كموعد مفصلي في مسار الحرب، لكن المشهد لا يزال ضبابيا ومن غير المحسوم ان تكون هذه المحطة هي فعلاً الإيذان بوقف الحرب.