وسط استمرار المجازر الإسرائيلية والتدمير الممنهج للقرى الجنوبية والغارات المعادية على امتداد الأراضي اللبنانية، واستمرار الإنذارات والاعتداءات على الضاحية الجنوبية، جاء مؤتمر دعم لبنان الذي انعقد في باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون محطة أساسية تعطي أملاً بأن لبنان ليس متروكاً، ولو أنه ينتظر من أصدقائه دعماً سياسياً أكبر للضغط على إسرائيل لوقف حربها عليه.
وإلى الدعم السياسي الذي عبّر عنه المشاركون، جمع المؤتمر مليار دولار موزعة على 800 مليون مساعدات إنسانية و200 مليون إضافية للجيش اللبناني، على أن ذلك يبقى بحاجة لتحقيق وقف إطلاق النار.
وفي باريس قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إن فرنسا تدعم التنفيذ الكامل للقرار 1701 وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، حيث أنّ القرار 1701 يُشكّل إطاراً لأمن إسرائيل واستقرار لبنان وسيادته، مشيراً إلى أنّه يجب البحث في آلية تنفيذ القرار 1701 لا تغييره. وأكد الوزير الفرنسي السعي لوقف النار في لبنان، لافتاً إلى أن هناك خطر اشتعال الإقليم، مشددًا على أنّ المقترح الفرنسي الأميركي لا يزال يشكل الأساس لوقف إطلاق النار في لبنان.
وفيما دعا ماكرون الى ضرورة وقف حرب الآخرين على أرض لبنان وتطبيق القرار ١٧٠١، وجّه ميقاتي نداءً لجميع أصدقاء لبنان لبذل جهود ديبلوماسية متزايدة وحازمة للوصول الى وقف فوري لإطلاق النار وموجة الدمار، والعمل معاً من أجل تحقيق الاستقرار الدائم على أساس مبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 1701، مشددا على أن مطلبنا الأساسي اليوم وقف إطلاق النار من دون شروط، ولن نتحدث مع أحد في أي أمر آخر قبل وقف إطلاق النار.
واذا كان موضوع دعم الجيش والمؤسسات الأمنية قد أخذ حيّزاً أساسياً من المناقشات، على أن يعقد لاحقاً مؤتمر خاص بالجيش والقوى الامنية كافة، كان الجيش اللبناني يقدم المزيد من الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي، حيث سقط له أمس ٣ شهداء في بلدة ياطر الجنوبية.
وفي النتائج المالية لمؤتمر باريس، رأى الخبير المالي والاقتصادي الدكتور أنطوان فرح في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية أن المبلغ الذي جُمع لبنان بحاجة له بإلحاح لمساعدة النازحين والإنفاق على تداعيات الحرب بكل وجوهها. واعتبر فرح أن الأمر الإيجابي الذي جنته الحكومة من هذا المؤتمر هو موافقة المجتمع الدولي على إنفاق الأموال عبر القنوات الرسمية، وهذا أمر جيد كي تثبت الحكومة بأنها لم تعد تقع بفخ الفساد.
واعتبر فرح أن الرهان الأساسي هو هل سيتم دفع هذه الأموال فعلاً أم على غرار ما جرى في السابق من رصد أموال للبنان ولم يصل منها الا القليل، وبالتالي علينا مراقبة ما سيجري في المستقبل ضمن آلية واضحة لتسلم هذه الأموال وإنفاقها.
وفي المحصلة، فإن مختلف المساهمات المالية والمساعدات على أهميتها وضرورتها تبقى غير كافية دون أن تقترن بوقف للعدوان على لبنان، اذ لا يمكن البدء بأي مسار إنقاذي طالما أن العدوان بوحشيته مستمر بلا هوادة.