يحاول العدو الإسرائيلي أخذ لبنان إلى مهالك، معتمداً على برنامج إستهداف ممنهج وتدميري.. وبالمقابل، ما نحن بأمسّ الحاجة اليه هو نقطة تحوّل ومسار جديد يردع المزيد من الأخطار عن لبنان، وتطبيق القرار 1701. فالدلالات خطيرة، وأولى المخارج قراءة وطنية جامعة بتوقيت بيروت، وإستنهاض الدعم الدولي بكافة الوسائل لوقف إطلاق النار في ظل التعنت الإسرائيلي.
الغارات العنيفة على لبنان لا تُعدّ ولا تُحصى، ليلاً ونهاراً، مخلّفةً المزيد من الشهداء والجرحى والدمار، فلا شيء حتى الآن يردع العدو الإسرائيلي عن وقف محركات آلته العسكرية، بالتزامن مع رفع سقف شروطه. هذا وعكس الموقف الرسمي اللبناني ثباتاً بما يتعلّق بتطبيق القرار 1701 بكافة مندرجاته، بعد زيارة المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين إلى لبنان وبما حمل في جعبته في هذا الإطار.
وعلى وقع إستمرار العدوان، تنظّم فرنسا غداً “المؤتمر الدولي لدعم لبنان” بمشاركة ممثلين عن 70 دولة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات دولية وإقليمية ومنظمات غير حكومية، لدعم لبنان إغاثياً وإنسانياً ومحاولة تجنب الاستنزاف الحربي الطويل عبر تسوية سياسية. هذا ومن المرتقب أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في قصر الإليزيه اليوم.
وفي إتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية أوضحت الصحافية رندة تقي الدين أن الهدف الأول من المؤتمر يكمن في تأمين مساعدات إنسانية للنازحين وللبنان. أما الهدف الثاني، يتمثل بدعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته من حيث التجهيزات وأيضاً بالإمكانيات المالية، إذ من المتوقع أن تزيد المساعدات لدعم الجيش، بحيث إذا تم التوصل إلى حل سياسي في الجنوب، يجب أن يكون على أسس تعزيز اليونيفيل لتصبح أقوى وإنتشار للجيش.
وتشدد تقي الدين على أن المؤتمر مهم، لا سيما أن إحتياجات اللبنانيين ضخمة وكما أن الحاجة إلى حل سياسي أيضاً كبيرة، إن كان على صعيد إنتخاب رئيس للجمهورية أو التوصّل إلى تسوية في الجنوب، وهذان الأمران أساسيان ومهمان، ولكن لا ترى تقي الدين أملاً كبيراً بغياب تسوية من قبل حزب الله والعدو الإسرائيلي. وتعتبر أنه على الرغم من أهمية المؤتمر ومشكور عليه الرئيس الفرنسي، لكن لا يمكن فعل شيء إذا لم يحدث وقف إطلاق نار والرئيس ماكرون يعلم هذا الأمر ويتحدث مع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لهذا الغرض والحوار مع الحزب قائم كذلك.
وتشير تقي الدين إلى أن فرنسا تبذل قصارى جهدها كي تتوصّل إلى نتيجة، وما يسعى إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو وقف إطلاق النار في لبنان، وثمة توافق تام بين الجانبين الأميركي والفرنسي على ضرورة التوصل إلى تسوية حول الجنوب، لافتةً إلى أن الفارق بينهما أن الطرف الأميركي لديه آلية ضغط على الإسرائيلي بتصدير الأسلحة له، فيما فرنسا لا تصدّر أسلحة لإسرائيل، وهذا ما عبّر عنه ماكرون بمنع تصدير الأسلحة لها.
وتوضح تقي الدين أن المبادرة الفرنسية الأميركية الرامية إلى وقف إطلاق نار لمدة 21 يوماً لا زالت على الطاولة ولها قيمتها. وترى أن على الطرفين الإيراني والإسرائيلي التمسّك بها، ولكن يبقى كل ذلك في دائرة الأمل، فلا أحد يعلم ما إذا كان سينجح أو ماذا سيفعل الإسرائيلي، كما أن الهجوم الإسرائيلي المتوقع على إيران لم يحصل بعد، ولا نعلم متى وكيف وتفاصيله.
وفي سياق متصل، قال مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” محمد عفيف في مؤتمر صحافي: “نؤكد على موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري القاطع بأن لا مفاوضات تحت النار وما لا يؤخذ بالنار لا يعطى بالسياسة”، معرباً عن “الثقة التامة والكاملة” المعطاة لرئيس مجلس النواب نبيه بري.
هذا ويحاول العدو الإسرائيلي الإجهاز على القطاع الصحي في لبنان، خصوصأ بعد الإستهداف المتكرّر للوحدات والأطقم الصحية، وآخرها أول من أمس بتهديد مستشفى الساحل زاعماً بوجود نفق أسفلها يحوي أموالاً وذهباً، ولاحقاً تنفيذ غارة بالقرب من مستشفى رفيق الحريري الجامعي.
في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، وضع رئيس لجنة الصحة النيابية وعضو كتلة اللقاء الديمقراطي الدكتور بلال عبدالله، هدف إستهداف القطاع الصحي في خانة النيل من صمود الشعب اللبناني. وأثنى عبدالله بهذه الأزمة الطويلة على المستوى العالي من المسؤولية الذي يبديه القطاع الصحي من مستشفيات وأطباء وممرضين والمرتبطين بخطة الطوارئ التي وضعتها وزارة الصحة، و”ربما هذا أزعج العدو الإسرائيلي”، على حد تعبيره.
ويذّكر عبدالله بالمذكرة التي أرسلتها لجنة الصحة النيابية وعُممت على كل المنظمات الصحية الدولية والحقوقية عبر البريد الإلكتروني ووثقت الإنتهاكات ضد القطاع الصحي كافة، لافتاً إلى أن هذه الممارسات بحق القطاع ما زالت مستمرة إلى الآن وآخرها ما طال مستشفى الساحل والغارة بالقرب من مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المؤسسة الأم التي تتابع إحتياجات النازحين الذين لجأوا إلى بيروت وليس فقط إصابات جرحى العدوان.
بالتزامن، وفي تطوّر أمني جديد، كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي منشوراً عبر حسابه على “أكس”، ليل الثلاثاء، مدّعياً تأكيد اغتيال رئيس المجلس التنفيذي في “حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، ومعه أكثر من 25 شخصاً. ولاحقاً قال رئيس أركان العدو الإسرائيلي: “وصلنا إلى نصرالله وإلى خليفته والى معظم قادة “حزب الله” ونعرف الوصول إلى كل من يهدّد أمن مواطني إسرائيل”.
العين على ما ستحمله الأيام المقبلة في الميدان وما سينتج عن مؤتمر دعم لبنان، حيث وصل ميقاتي الى فرنسا حاملاً الموقف اللبناني الرسمي، إذ أن أفق هذه المعركة تتكشف رويداً رويداً، فلبنان الخط الأمامي في الصراع الكبير الدائر، والخشية من أن يتحوّل إلى الورقة الأخيرة الحارقة يعد أمرأً شديد الخطورة ومقلق لمستقبل لبنان وأجياله القادمة.