في ظلّ الأوضاع المضطربة في غزة ولبنان، تسعى الدول ذات النفوذ، وخاصة فرنسا، إلى لعب دور الوسيط بين الاطراف المتنازعة، لاسيما بين اسرائيل ولبنان، بهدف التوصل الى وقف لإطلاق النار وتطبيق القرارات الدولية، وخاصة القرار ١٧٠١.
في هذا السياق، تستضيف فرنسا يوم الخميس ٢٤ تشرين الاول مؤتمرا دولياً لدعم لبنان وتعزيز سيادته.
الا أن فرنسا تبدو متأرجحة في مواقفها تجاه هذه الحرب؛ فتارةً تصرح بدعمها لاسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، وتارة أخرى تحث الدول الغربية على وقف تسليح اسرائيل. وبين هذا الموقف وذاك، يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأن يكون لبلاده دورا محوريا في حل هذا الصراع في الشرق الاوسط، تماماً كما فعلت شخصيات سياسية فرنسية سابقة، مثل نيكولا ساركوزي، الذي دعم سياسات التدخل الدولي في الشرق الاوسط وإفريقيا، وأكد على دور فرنسا في حماية قيم الديمقراطية.
في هذا السياق، ترى الأوساط الفرنسية أن هذا التأرجح في المواقف يضعف السياسة الفرنسية في الشرق الاوسط، ويجعل تحركاتها غير واضحة أو حاسمة.
تجدر الاشارة الى وجود نهجين أساسيين في السياسة الخارجية الفرنسية.
النهج الاول يسعى الى دعم القضية الفلسطينية والضغط على اسرائيل، مع الرغبة في الحد من شحنات الأسلحة اليها، وهو توجه بلغ ذروته في عهد الرئس السابق جاك شيراك.
أما النهج الثاني فيعبر عن دعم واضح لاسرائيل، ويشكل جزءاً من السياسة الخارجية الفرنسية.
وفي ظل الوضع الحالي في فرنسا، التي تضم أكبر جالية اسلامية وجالية يهودية في أوروبا، يجد الرئيس إيمانويل ماكرون نفسه عالقاً بين هذين الطرفين، اذ تؤثر سياسته الخارجية في الشرق الاوسط بشكل مباشر على المشهد السياسي الداخلي الفرنسي، مما يزيد من تعقيد الأمور.
هذا الوضع يزداد صعوبة مع تصاعد الحساسيات الداخلية المرتبطة بالهوية والدين.
يبدو أن هذا التغيير في الظروف الفرنسية مقارنة بما كانت عليه سابقا يدفع ماكرون الى السعي نحو تحقيق سياسة خارجية متوازنة، تهدف الى إرضاء كل من اسرائيل والدول العربية.
في النهاية، تجد فرنسا نفسها في موقف حرج ومعقد نتيجة تداخل السياسة الخارجية مع التوازنات الداخلية الحساسة، خاصة في ظل وجود جاليات متعددة ومؤثرة.
ويبقى السؤال: هل سيتمكن الرئيس ماكرون من تحقيق هذا التوازن في ظل الضغوطات المتزايدة على المستويين الخارجي والداخلي؟
موقع سفير الشمال الإلكتروني