التواصل معه يعطينا نفحات من الأمل، ولكنه اليوم أكثر حزناً ويقيناً بوعد الله حيث الإنتصارات القريبة، وهو اليوم أكثر جرأة ووضوح، ويتابع حياته بعد أن تهجر من جبل عامل كما يحب أن يقول عن الجنوب اللبناني إلى قلب ضاحية بيروت الجنوبية حيث الدمار والإنسان والغد والانتظار للفرج وللنصر القريب .
هو الناقد والكاتب والتشكيلي والإعلامي الأبرز والمختلف والموضوعي، وقبل كل شيء الإنسان الوفي والطيب والحاسم، والمتدفق بوحاً وثقافة وموقفاً جهاد أيوب، وهنا في هذا الحوار استمر في ما كنا نعرف عنه بصراحته وعدم المجاملة.
هو صاحب المواقف الواضحة، ولا نبالغ إذا قلنا إن أيوب جُبل على حب الوطن والحقيقة والطبيعة وعنفوان الإنسان اللبناني ...اتصلنا به من اجل حوار مختلف، لم يتردد في هذا الحوار، وافق فوراً، معللاً سبب الموافقة السريعة لدوره في إيصال الصوت إلينا وإلى ذاته ...هنا نكتشف الكثير من أيوب ومن صبر أيوب في لبنان والعرب والأمة...
حاورته // زيزي ضاهر
* استاذ جهاد أين نحن مما يجري من حولنا؟
- ما يجري فينا وعلينا وبنا ومنا هو صناعة زعاماتنا، وتطرف طوائف تدعي إنها على حق فلغت باقي الأمة والوطن...نحن أمة الهوامش، ونبحث عن مساحة في الفرص الضائعة...هذه الحرب أكدت أن الأمة العربية نفايات الوجود الكوني والإنسانية، وخياناتنا فاجرة ترقص على دماء أبطالنا!
نحن في خبر الكذبة التي اخترعت...يبقى رجال المقاومة أشرف وارقى الأمة، والباقي طفيليات الوجود والدين والعرب!
* كيف تقيّم جهوزية المقاومة رغم تحديات المجتمع الدولي أمام ما يجري، وهل ستقودنا هذه الملاحم إلى النصر؟
- حينما سألت الشهيد القائد أبو طالب ذات السؤال، قال:" النصر خلف الباب، وعلينا بالصبر"...مستحيل من يقاوم ويعشق الشهادة لا يجلب لنا النصر...نعم نتحدى المجتمع الدولي لكونه غائباً، يوجد أنظمة دولية تعيش الصهيونية الاقتصادية، يعني همها سرقة خيرات بلادنا، ولا يهمها أن تقتل وتصبح وتدمر، شاهدي ماذا يفعل الغرب في شمال أفريقيا، وفي فلسطين وسوريا ولبنان...هذا النظام الاقتصادي الغربي زرع عصابة إسرائيل، وطلب منها أن ترتكب همجية جرائمها...الغرب الكاذب يعيش على شرب دماء الشعوب، وبعض أعراب الصحراء شيمتهم الغدر والخيانة، ونحن وقعنا بينهما!
# التوازن
* وهل تعتقد يوجد توازن قوة متكافئ حتى تستمرون بالمواجهة؟
- لا يوجد بيننا قوة متكافئة، مع العدو غالبية العرب وخاصة عرب النفط والدول العربية الكبيرة مساحة وعدد السكان هي فراغات الحضور ومثل قلتها، وإسرائيل تدرك أن من عملت معهم "سندويشات" سلام وليس معاهدات من العرب انتهى وجودهم بين الجنس والرقص، ولم يعد لديهم دين ولا كرامة، فقط شاشات وكُتاب للثرثرة، وهؤلاء يشكلون ضعفاً، ونحن العرب الصح وهنا قوتنا!
تصوري ولا شارع عربي تظاهر من أجل فلسطين أو لبنان وبالتحديد في مصر التي كنت ولا زلت اعول على شارعها مهما تخدر، وفي السعودية لا مجال للعروبة بالمطلق ولا للدين المحمدي، وكذلك دول العالم العربي، فقط اليمن شارعها تحرك، والباقون يرقصون في الرياض أو المدينة المنورة...وأنا كنت انتظر مصر...ومصر اليوم أضعف مكون جماعي على الأرض، يعني تكملة عدد، فكيف بباقي الدول والشارع العربي؟...لا نعول عليهم!
إسرائيل معها النظام الغربي بما حمل من صهيونية وتكنولوجيا، ولكن الشارع الغربي والأجيال الشابة اكتشفت حقيقة الصهيونية خلال حرب غزة، وهنا المفارقة، نعم نحن في حربنا مع الكيان الصهيوني المؤقت نعرف مكان الضعف والقوة فيه وفينا، وعنده وعندنا!
إسرائيل بنيت على باطل وعلى اغتصاب حق الناس، ونحن أصحاب الأرض، وهذه قوة لدينا، وضعفهم لو بعد حين، وفجأة مع كل عاصفة يشعرون بغربتهم عن الأرض التي احتلوها فيغادرونها!
إسرائيل مجرد عصابة زرعت بيننا كي تحقق أميركا سيطرتها السياسية والاقتصادية، وكي يستفيد الغرب المنافق من خيرات بلادنا فينال ما تعطيه له أميركا، أما بعض عربان التصهين فيعتقدون بوقوفهم مع إسرائيل ستبقى عروشهم، ولم يتعلم احدهم من فصول التاريخ البعيد والقريب، ولا يقرأون القرآن حتى يتعلموا من تجارب شعوب ما قبلهم!
ونحن ممن يؤمن بوطنه، وندرك حقيقة أن الزمن تغير، وأن الكيان الصهيوني يعيش اهتزازات وجوده، لذلك يرتكب المجازر العشوائية هنا وهناك، ويشرب الدماء العربية والاسلامية دون رادع، وهذا يجعلنا أكثر صلابة وقوة.
إسرائيل تعتمد على تكنولوجيا متطورة جداً تأتيها من أميركا والغرب وبأموال بعض العربان عفواً الخرفان، وتنفذها بانتقام، ونحن نعتمد على العلم الذي صنع التكنولوجيا رغم الامكانيات المتواضعة، ويقيناً نحن نتكل على عملنا وعلومنا وعلى الله وانتقامه، وإسرائيل لا تؤمن ولا تعترف بدور الله...وهذا الفرق بيننا يعني القوة، لآن الله حق وقوة، ونحن أصحاب حق، وما جاء في كتابه هو حق وقوة ولن يتخلى عنا!
* قد يعتبر البعض أن هذا الذي تفضلت به هو من باب التمني وليس واقعاً؟
- وهل نعيش من دون التمني الذي يرافقه العمل المقاوم، "وتمني من دون عمل غباء وجودي"، ونحن لا نمتلك الغباء في مقاومتنا ضد الصهاينة، نحن آمة الكتاب، والكتاب حثنا على الدعاء والعمل، والله في لحظة سيغير ما تظن بأنه لن يتغير...هذا سلاحنا في الشدائد...إن ذبح أطفالنا وتشريد أهلنا وتدمير ارزاقنا أمام العالم وأمام ابن العم والخال دون أن يتحركوا إنسانياً لن يقبله الرحمن، واللجوء إلى الله ليس ضعفاً وعيباً بل قوة الاستشارة واليقين بوجوده، وهو موجود، ولديه سلاحه!
* ما هي الحلول السياسية المقترحة لتجاوز الأزمة المستمرة، وهل هناك أي تقدم في تنفيذ هذه الحلول؟
- أميركا لا تريد أي حل الآن، وهي مؤمنة شيطانياً بأنها منتصرة على فكرة المقاومة أينما كانت، والمؤسف أن الأنظمة العربية تشجعها على أن تقوم بإنهاء المقاومة، وما حدث في غزة ولبنان ومن بعده سوريا هو بطلب من الخرفان العرب خاصة السعودية والإمارات والباقي مجرد خدم في معبد الصهاينة!
ونظراً لكافة الإجرام الصهيوني أميركا مستمرة بهمجية بقاء هذه الحرب، لذلك لا حلول حالياً، ولكن الحرب لن تستمر، حينها لكل مقام مقال!
ما ينتظرهم وينتظر كلابهم الخونة العملاء مخيف...سجلي هذا الكلام عن لساني!
# الإغتيال
* ما تبعات إغتيال العدو للسيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله؟
- ليس فقط العدو الصهيوني الذي اغتال السيد بل أميركا وبريطانيا وأنظمة عربية تدعي الإسلام...وتبعات الإغتيال تجدونها بالميدان، ومنذ لحظة الواقعة والرد كالمطر على أرض فلسطين المحتلة، ولا ينامون إلا في الملاجئ، ولم يعتد الصهيوني ذلك، بل عودنا على ذلك!
إن ثأر السيد لا يتحقق إلا بتحرير القدس...
وللأسف الإغتيال جاء بطلب وتمويل أعرابي من جماعات متصهينة، وبقرار أميركي وتنفيذ عصابة يطلقون عليها إسرائيل، وأكون كاذباً إذا قلت أن هذا الاغتيال لن يؤثر بنا سلباً، ولكن ما لا يعرفه العدو أنه أيضاً يؤثر بنا ايجاباً!
سلباً لآننا خسرنا من كان يعطيناً دفعاً بالاطمئنان والعزة والأبوة والحكمة في صراعنا مع المغتصب لأرض عيسى ومحمد!
وايجاباً لآننا نؤمن بالتضحيات، والظلم يواجه بالثبات، ونحن أهل صبر، والغد دائماً هو أفضل...نحن أهل لبنان ننتظر الأمل، ونصنعه، ونتخطى المصيبة ونتأقلم مع الوجع والتضحية ونحولهم إلى حياة نعتز بها...اسألوا التاريخ والأدب والفن والصبر والأطفال والحياة عنا، يقولون من نحن!
* برأيك هل ستؤثر عمليات اغتيال قادة الحزب المتلاحقة على قدرات المقاومة في الفترة المقبلة؟
- في بداية الأمر نعم أثرت، ولكن لفترة محدودة، لآن طبيعة التنظيم الهيكلي للحزب لا تتكل على قيادة واحدة، بل قيادة تدرب مجموعات تابعة لها على القيادة في حال الاستشهاد أو الموت، ولها حرية التصرف بالمطلق.
الحزب ليس حزباً عادياً يعتمد على شخص المؤسس، ويضيع الحزب أو ينتقل بضعف إلى أولاده بعد موته، ولا يعتمد على التوريث!
وهو ليس ميليشيات تستغل الفرص، وينتهي دورها مع الثراء والوصول إلى الحكم والوزارة...
حزب الله حركة مقاومة كردة فعل على ظلم واحتلال، ولكن ما ميزه عن المقاومات عبر التاريخ التنظيم الهيكلي المرن والحاسم، وانتقال المسؤولية بسلاسة دون وسيط أو انتخابات شكلية كما يحصل في الدولة، والأهم من كل ذلك إنشاء هذا الحزب للمؤسسات الإجتماعية والمدارس والمستشفيات والمعامل، وهذا يثبت تعدد المسؤوليات والقيادة في حركة وجوده على أكثر من صعيد ميداني وحياتي وإن مات من مات منه...!
هذا لم نعهد به في أحزاب لبنان الدينية والعقائدية الطائفية والعلمانية، وكلها غابت عنها الشمس بعد انتهاء الحرب اللبنانية، وما ولد كان ميتاً!
#الاقليم
* الا تؤثر التوترات الإقليمية والعلاقات الدولية على استقرار لبنان الداخلي؟
- نحن لا نعيش لوحدنا في هذا الكوكب، ورغم شريعة الغاب التي تحكمنا، الكل يؤثر على الكل، وأي خلل يصيب هذا الطرف، بسرعة يتأثر الطرف الثاني...اليوم فقدت الإنسانية والله ترك الجميع يتذابحون إلى عبرة ما يرغب بها...ونحن ننتظر رد الله حيث تتغير الأمور بعد رده!
لبنان محكوم بزعامات عميلة ومسيرة من الأميركي، ولبنان يعاني من شعوب تعيش فيه ككتلة ممزقة همها اغتيال ذاتها...وهذا يتطلب دخول الجميع إلى مصح نفسي ووطني...حينها نتحدث عن حلول داخلية!
# الغزو البري
* هل يقوم العدو الصهيوني بغزو بري على لبنان مستغلاً الارتباك في صفوف حزب الله؟
- رد حزب الله ما بعد الاغتيالات تؤكد أن موجة الإرباك خف في صفوفه رغم الضربة القوية التي تلقاها، ولو أن ما أصابه أصاب دولة لتلاشت، وهنا لا ابالغ، ولكن فعلاً المتابعة والمشاهدة وقراءة استمرارية فعل المقاومة تفرض قول ما قلته رغم كثافة عدد الشهداء من المدنيين.
أما الغزو البري فهو متوقع في كل لحظة، ورغم محاولة الصهاينة افتعال الغزو البري بطلب أميركي وتمني أعرابي حتى الآن يفشلون...الآن الطائرات الحربية والمسيرة الصهيونية لا تترك سماء كل لبنان، وما أن تختفي تحاول عصابة الصهاية الدخول البري ...حينها سنجد مجازر مخيفة ووجدوا جثامينهم مربية في الحقول، والدماء كالنهر، والجثامين في كل زاوية من أرض الوطن، والقتل سيكون للصهاينة أكثر عدداً...قلت لك هذه أرضنا، والأرض تعرفنا وتشبهنا، وإن استشهدنا تحتضننا، ونزرع فيها مهما حقق الظلم من انتصاراته المؤقته!
#النجاح وغزة
* وهل ينجح فريق المقاومة بتكرار سيناريو 2006 في حال شن الاحتلال الإسرائيلي هجوماً على لبنان؟
- القسم البري في الحزب لم يُفعل بعد وينتظر الهجوم البري من العدو، حتى الآن بعض من قسم الصواريخ والطائرات المسيرة لم تنزل الميدان...والحروب بخواتيمها، والآن العين على الميدان...ويقيناً من خلال المشاهدة وما نمتلك من معلومات والتمنيات الحزب يجهز المفاجأت.
* برأيك هل يخرج حزب الله من حرب غزة بعد تعرضه لضربات قوية من الاحتلال؟
- عقائدياً لن تخرج المقاومة اللبنانية بعد من غزة، وقدمت افضل ما لديها وخيرة قادتها وشبابها من أجل غزة والعرب والمسلمين نيام كما أهل الكهف، ولكن، وبالتأكيد الأيام المقبلة متخمة بالمفاجأت وبدبلوماسية خبيثة...هنالك مشروع يؤمن بالخنوع، وهذا يتبناه بعض من في الدولة اللبنانية حالياً، ومشروع تتمناه بعض عصابات لبنانية تؤمن بالمشروع الإسرائيلي بحجة نريد أمركة لبنان، وأيضاً مشروع أعرابي لا يزال يعتقد أن لبنان وكراً للسهر والنوادي الليلية...ومشروع المقاومة الذي تضرر في هذه المرحلة بسبب دفاعه عن فلسطين، وفلسطين حق وعدالة الله على الأرض!
* ما تبعات التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان على اتساع بؤرة الصراعات بالمنطقة؟
- ما يحدث في لبنان، وتحديداً في هذه المرحلة سينعكس بالسلب وبالايجاب على المنطقة...في حال الهزيمة ولن تحصل نحن مقبلون على تنفيذ خرائط مخيفة في المنطقة، وسيكون الدين المقبل والأكثر انتشاراً هو الدين الإبراهيمي، والإسلام سيطبق فلكلورياً ليس أكثر، والمسيحية أصبحت غريبة عن المسيح!
وفي حال لم ينجح المشروع، هنالك دول عربية صغير ستذوب، وستتغير زعامات وجغرافيات...هذه قراءة خاصة من وحي الأحداث...
#المجتمع المدني
* ما هو دور المجتمع المدني في مواجهة التحديات الحالية؟
- في مجتمع الطوائف لا وجود للمجتمع المدني إلا في تنظيم أماكن اللهو، وإذا كان قصدك ال NGos فهؤلاء زمر زفرات متصهينة، وتدور بفلك المشروع الإسرائيلي المبني على تفكيك المجتمع، ومحاربة بيئة المقاومة...هؤلاء الخونة يتنزهون في الإمارات مع عناصر الجيش الإسرائيلي بعد ذبحه لأهل غزة، ومنهم من ذهب إلى السعودية ليرقص ويسكر في حفلات وتجمعات الرياض...دورهم الخدماتي ينتهي مع كل حرب تقام ضد إسرائيل!
* وكيف يمكن للشباب أن يساهم في تحقيق التغيير؟
- لا مجال في بلادنا إلى تغيير إيجابي، الصهيونية تتحكم في كل مفاصل حياتنا وادياننا، هي التي تعين الحكام والقضاة والوظائف الرئيسية، وهي التي تسير الإعلام والإعلان، وهي التي تختار الكتاب والزعران ورجال الطوائف، وهي التي تساهم في زرع الفن الرخيص والساذج وتكثر من عري النسوان...لذلك كان ولا يزال أملنا بالمقاومة مهما غدر بنا أبناء العم والخال، وإن تم ضربها كنا ولا نزال ننتظر وعد الله...
انصح الشباب بالعلم وقراءة تاريخ بلادهم من مصادر ثقة لا من خلال السوشال ميديا، والاهم أن لا يثق بالعدو...ويذهب إلى الرياضة والمكتبات المنزلية، ويكثرون من الاسئلة، ففي السؤال ٥% معرفة إذا أرادوا...شباب الأمة أصبح مخدراً بعكس شباب المقاومة...
* كيف تقيّم الوضع الاقتصادي الحالي في لبنان، وتأثيره على حياة المواطنين اليومية؟
- الوضع الاقتصادي الحالي "زفت"، هو صناعة أميركية بتنفيذ عملاء يحملون الجنسية اللبنانية، اقتصاد لبنان بألف خير لولا خيانات العربان وأبناء الملة...لذلك حياتنا اليومية صعبة...نحن نعيش كل يوم بيومه، وإن مرضنا لم نعد نذهب إلى الطبيب لارتفاع التكلفة، وحتى الدواء لا نشتريه...نعيش لحظة بلحظة دون أن نقرأ لحظات وجودنا...والله يستر...