كلّ المؤشّرات والوقائع على الأرض ومعظم المواقف السّياسية المحلية والإقليمية والدولية لا تترك إنطباعاً أنّ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة ولبنان سيتوقف في وقت قريب، أو أنّ تسوية ووقفاً لإطلاق النار سيتم التوصّل إليهما في المدى المنظور، أو أنّ الأمور ذاهبة نحو التهدئة في الميدان وفي المواقف، لا بل إنّ العكس هو الذي يحصل فعليّاً في ضوء الحركة الديبلوماسية الخجولة من أجل التهدئة.
آخر هذه المؤشّرات التي تدلّ على ذلك ما كشفته، يوم أمس، شبكة “إن بي سي” نقلاً عن مسؤول في البنتاغون أنّ “الولايات المتحدة الأميركية وافقت على إرسال نظام “ثاد” المضاد للصواريخ إلى إسرائيل مع قوات أميركية لتشغيله”، وبأنّ “100 جندي أميركي سيعملون على تشغيل هذا النظام”، في وقت يتزايد فيه الحديث عن أن إسرائيل تستعد للردّ على ضربة إيران الصاروخية عليها، وأن جيش الكيان يتحضّر لاحتمال قيام إيران بردّ على الرّد.
هذا الذهاب نحو تصعيد أجواء الحرب واتساع رقعتها يأتي بالتزامن مع قيام جيش الكيان بالإعتداء أكثر من مرّة، في الأيّام القليلة الماضية، على قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان والطلب إليها الإبتعاد عن الحدود ما لا يقلّ عن 5 كيلومترات، الأمر الذي أثار إنتقادات دولية واسعة ضد الكيان.
يترافق ذلك مع استمرار العدو الإسرائيلي في التوحّش وارتكاب المجازر والجرائم في الجنوب والبقاع وبيروت والضاحية الجنوبية وتمدّد عدوانه مؤخّراً نحو مناطق في جبل لبنان والشّمال، وفي السير على المنوال نفسه في قطاع غزّة حيث يرتكب فيها العدو “جرائم حرب” بكلّ ما للكلمة من معنى، ومن غير أن يرفّ له جفن أو يجد من يردعه عن عدوانه، ووضعه شروطاً لإيقاف آلة القتل والتدمير سعياً نحو تحقيق أهدافه المعلنة منذ بدء عدوانه قبل أكثر من سنة، والتي لم يحقق أيّاً منها حتى الآن.
بالمقابل، لا تبدو المقاومة في غزّة ولبنان بوارد تلبية شروط العدو، أو تقديم أيّ تنازل له، خصوصاً بعد صمودها الأسطوري أمامه طيلة أكثر من سنة، وتوجيهها ضربات موجعة له، ومنعه من تحقيق أهدافه في القضاء على المقاومة أو فرضه شروطه عليها، أو استعادة أسراه لديها في غزة، أو إجبارها في الإبتعاد عن الحدود في جنوب لبنان من أجل إعادة سكّان شمال الكيان إليه بعد فرارهم منه تحت ضغط ضربات المقاومة، كما أنّ المقاومة في غزّة ولبنان ليستا في وارد التراجع والرضوخ للضغوط بعدما اغتال العدو رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله الشهيد السيّد حسن نصر الله، فضلاً عن إغتيالات وجرائم أخرى وتجاوزه الخطوط الحمراء مراراً، ما يعني أنّ لدى المقاومة في غزّة ولبنان ثأراً مع الكيان لن تجعلهما يضعان السلاح جانباً قبل أخذهما له.