مع انسداد الأفق نحو الاتفاق على وقف الحرب على لبنان، يُواصل العدو الإسرائيلي قصفه للمناطق، إذ ارتكب مجزرة جديدة مستهدفاً منزلاً مأهولاً في منطقة البيسارية في صيدا، ما أدى إلى استشهاد مواطن وطفلين وسقوط عدد من الجرحى، كما طال إجرام العدو مركزاً للجيش اللبناني في كفرا واستشهد بنتيجته عنصريَن، إضافة إلى غارات أخرى في عدد من المناطق اللبنانية.
ووسط هذه الإجرام اللامحدود، أعاد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط التأكيد على النقاط التي تضمّنها بيان اللقاء الثلاثي في عين التينة لجهة وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان وتطبيق القرار الدولي 1701 على جانبي الحدود، وانتخاب رئيس وفاقي للجمهورية يفتح الباب أمام إعادة إنتاج حكومة جديدة قادرة.
وفيما تُستكمل المساعي والإتصالات على خط التهدئة ووقف الحرب، شدّد رئيس مجلس النواب نبيه برّي على وجوب تحرّك المجتمع الدولي لوضع حد لحرب الإبادة التي يشنها العدو على لبنان وعلى الإنسان، فيما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه طلب من مجلس الأمن اتخاذ قرار بوقف تام وفوري لاطلاق النار وبتطبيق القرار 1701، وذلك عقب جلسة مجلس الوزراء التي عقدت بالأمس لمتابعة تطور الأوضاع الأمنية في البلاد.
بالتوازي، كان لافتاً ما صدر عن مسؤول العلاقات الاعلامية في “حزب الله” محمد عفيف، الذي اكد اكثر من مرة في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر الأمس أن المعركة لا تزال في بدايتها، وأن العدو لم يرَ حتى الآن إلاّ القليل.
في السياق، شددت مصادر أمنية على خطورة الوضع الميداني، في ظل استمرار العدو بحربه المدمرة على لبنان، متجاوزاً كل السقوف وكل الخطوط الحمراء، معتبرةً أن لبنان أمام منعطف خطير بسبب تأخّر الرد الاسرائيلي على إيران وتراجع المواجهات العسكرية في غزة في إشارة إلى أن الحرب على لبنان أصبحت أولوية لدى إسرائيل، إذ إن الإعتداءات المتكررة ضد قوات اليونيفل والجيش اللبناني في الفترة الأخيرة خير دليل على ذلك.
المصادر تخوفت في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية من اجتياح بري واسع يستهدف لبنان بعد استقدام العدو عدداً من المدرعات والمظليين، كما دخول المنطقة في حرب إقليمية بعد أن تم رصد جرافتين بمواكبة دبابة ميركافا على جبهة الجولان.
هذا ويبدو ان المنطقة أمام حدث أمني قريب، حيث نقلت “إن بي سي” عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أن “الرد الإسرائيلي على إيران قد يكون خلال عطلة عيد الغفران”. وأشارت نقلاً عن مسؤولين أميركيين إلى أن “إسرائيل ضيّقت خياراتها للرد على إيران بضرب أهداف عسكرية ومنشآت للطاقة ولا مؤشرات إلى أنها ستستهدف منشآت نووية أو تقوم بعمليات اغتيال”.
ويشار إلى أن عيد الغفران اليهودي لعام 2024 يصادف، يوم السبت 12 تشرين الأول، ما يوحي بأن الردّ الإسرائيلي على إيران بات قريباً جداً.
من جهته، أشار النائب السابق علي درويش إلى أن ما يحصل من عدوان إسرائيلي همجي على لبنان أمر غير مسبوق وسط صمت دولي مريب، معتبراً أنه لولا المساعدات الانسانية التي وصلتنا من فرنسا ومن دول الخليج العربي والاردن ومصر لكان الوضع في لبنان خطير جداً.
وإذ لفت درويش في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية إلى أن سبب انزعاج الرئيس ميقاتي والحديث بلهجة عالية النبرة مرده الى الصمت الدولي المريب لما يتعرض له لبنان كل يوم من دمار وخراب، والحصيلة المرتفعة للشهداء والجرحى، مشيراً إلى أنَّ ميقاتي يتلمس حجم المآسي التي يعيشها الشعب اللبناني من دون أن يتحرك أحد من الدول المعنية للضغط على اسرائيل لوقف هذه الحرب، خصوصاً وأن رئيس الحكومة لم يتلقَ أي وعد بوقف الحرب في الاتصال الذي تم بينه وبين وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن، لأن ادارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدعو للتهدئة وضبط الوضع من جهة ومن جهة ثانية تؤكد دعمها المطلق لاسرائيل ومدها بالمال والسلاح.
وعن الاعتداءات التي تتعرض لها قوات اليونيفل والجيش اللبناني، اعتبر درويش أنها تصب في إطار رسالة من قبل إسرائيل بأن ليس لديها خطوط حمراء لا بالنسبة لليونيفل ولا بالنسبة للجيش، بل لديها مخطط وتعمل على تنفيذه.
ميدانياً، لا تزال المعارك البرية على أوجها بين العدو و”الحزب”، إذ أعلن الأخير عن تصديه لمحاولات الدخول إلى القرى الجنوبية، كما استهداف قواعد عسكرية ومستوطنات في عمق شمال فلسطين المحتلة، بحيث استهدفت مسيّرتان أطلقتا من لبنان مبنى في هرتسليا وسط الأراضي المحتلة، وهي أكبر مسافة تقطعها مسيّرة من لبنان حتى الآن.
إذاً، العدوان المتفلت من أيّة قيود يلاحق المدنيين بمجازره المريعة وسط صمتٍ دولي قاتل، ما يشي حتماً بأنَّ لا نية للعدو بالتوقف عند هذا الحدّ، فيما يبقى الأساس مواصلة المساعي لبلوغ وقف الحرب قبل أن يتكبد لبنان خسائر بشرية ومادية أكثر.