سمير جعجع… مرشح الحرب أو ما بعدها
2024-10-12 06:55:41
يبدو أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لم يقرأ التاريخ جيداً أو يصرّ على تجاوزه وكأنه لا يعيد نفسه. أن تتحرك لتعلن انتصاراً سياسياً على فريق آخر يمثل طائفة بأمها وأبيها تحت وطأة حرب عسكرية تشنّها إسرائيل على لبنان، هو تجاوز لكل الأعراف الوطنية والسياسية.إن دعوة حزب القوات اللبنانية لمؤتمر يقال إنه وطني وهو بعيد كل البعد عن الوطنية لإعلان تنفيذ قرارات دولية تكسر ظهر فريق سياسي وما يمثله من شريحة كبرى من اللبنانيين يمهد الطريق لمزيد من الشرخ والإنقسام ولحرب أهلية تنتظر من يشعل فتيلها لتحرق لبنان كله تماماً كما حصل عام 1975.وإن محاولة فرض رئيس للجمهورية في عز الحرب والدمار والقتل الذي تفرضه إسرائيل عسكرياً وبقوة خارجية سياسية ممثلة بالولايات المتحدة الأميركية، من شأنه تكرار سيناريو العام 1982 عندما انطفأ حلم الرئيس بشير الجميل نتيجة الحرب التي قادتها إسرائيل نفسها على لبنان قبل 50 سنة.رغم ذلك، يواصل جعجع ارتكاب الأخطاء نفسها التي ارتكبت في القرن الماضي والتي انتهت بمآسٍ واغتيالات واقتتال داخلي انتهى بحصول اتفاق الطائف الذي جمع القيادات اللبنانية على طاولة التوافق وعلى قاعدة "لا غالب ولا مغلوب".فهل جعجع لا يزال يؤمن بأن لبنان يمكنه النهوض على صيغة "غالب ومغلوب"؟ ألم يأخذ جعجع اعتذارات المدعوين إلى معراب اليوم على محمل الجد وهي التي تعكس خطورة ما يدعو إليه جعجع في زمن الحرب؟حلفاء "القوات" قبل خصومها، رفضوا حضور مؤتمر معراب ليس خوفاً من "حزب الله" الذي يخوض حرباً دموية مع إسرائيل، بل لإيمانهم بأن حروب الإلغاء ولو بالسياسة لن تأتي سوى بالخراب، فهل هذا ما يريده جعجع؟ أم أنه يريد تقديم أوراق اعتماده للولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ليكون "مرشّح" الحرب أو ما بعدها؟يتسرّع جعجع في استثمار نتيجة الحرب فيما طبولها ما زالت تقرع بقوة واحتمالات صمود "حزب الله" فيها ما زالت عالية، ما يسقط الكثير من الرهانات على تكرار سيناريو 1982 حيث اجتاحت إسرائيل لبنان حتى بيروت وأتت ببشير الجميل رئيساً للجمهورية.وقد يكون الأجدى بالنسبة إليه أن يتعاطى بموضوعية مع التغييرات التي طرأت على موازين القوى بعد الإنتكاسات الأخيرة التي طالت الحزب، وأن يذهب نحو إسمٍ وسطي كرئيس للجمهورية يتقاطع به مع الثنائي الشيعي بدل أن يعيش أحلاماً غير واقعية قد تنتهي بكابوس رئاسي في حال بقي خارج التسوية.
وكالات