2024- 10 - 06   |   بحث في الموقع  
logo ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان logo قبلان: الحل يمر بالشراكة الوطنية والميثاقية الدستورية logo دمارٌ "هائل" ومشاهد مؤلمة... ليلة عنيفة عاشتها الضاحية! (فيديو) logo "حرب حزب الله وإيران تثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي" logo 23 شهيداً والعديد من الجرحى... ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية logo صورة من الطائرة توثّق الغارات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية! logo "عدوى" تنتشر بين النازحين في مراكز الإيواء...ومناشدة قبل فوات الأوان! logo "لإرسال مقاتلين إلى لبنان"... قرارٌ لمجلس النواب الإيراني!
دروس أحمد سعيد التي لا تُستوعب
2024-10-06 10:25:25

الفارق بين الإعلام الموضوعي والإعلام الرغائبي المنحاز على طريقة أحمد سعيد، أن الأول يزعج، ويؤلم، لكنه يصدق ويحترم العقل والوعي، ويمنع الصدمات. أما الثاني، فهو يمنح النشوة وينمي الحلم، ويعطي الجمهور ما يتمنى أن يحصل، من دون اكتراث بما يحدث حين يستفيق الناس من غفلة اللحظة، والوهم الذي انساقوا إليه.لسنا هنا في معرض تحديد من هو الأقوى والأضعف في الحرب الإسرائيلية الجديدة على لبنان، ولا أن نلوم طرفاً بعينه مثل حزب الله على ما جناه على نفسه ولبنان والمنطقة، من سوء تقدير ومغامرات في سوريا، كسرت قدراته وقضت على سمعته، وكشفت تفصيلات هيكله الداخلي الأمني والتنظيمي. لسنا بحاجة للتفصيل في كل ذلك وسواه، فكله صار معروفاً، لكن وسائل إعلام عربية كثيرة، بعضها مهم ووواسع الانتشار، ما زالت ترفض التعامل مع الواقع، وتجبر الناس على العيش في الوهم، بذريعة التشجيع والدعم النفسي والتحريض على العدو.
هناك بالفعل، نمط من إعلام تعبوي، واجبه تحفيز الناس على القتال. ولذلك، فهو غالباً ما يتغاضى عن الخسائر، ويبرز الانتصارات والمكاسب، وخسائر العدو، ويرسم للمستقبل حلماً وردياً، ونصراً مؤزراً. وهذا الأمر برمته لا يعيب وسائل الإعلام الوطنية، حتى تصل إلى الكذب، واخفاء الحقائق الصادمة. فحينها تتحول التعبئة إلى تخدير وكذب وتدليس، ولا يعود صناع القرار الإعلامي مكترثين بالجمهور ومشاعره وحقوقه بمعرفة مصيره، فذلك مما يمكن التعامل معه في حينه، حينما تنكشف الغمامة عن حجم الخسارة.حدث ذلك في مناسبات عربية كثيرة سابقة، منذ العام 1948. وفي كل مرة كانت شعوبنا تصحو على الفجيعة، وتكتشف أنها كانت نهباً للكذب والتضليل. لكن الفارق بين تلك المناسبات وما يجري اليوم، أنها آنذاك حصلت من قبل أنظمة شمولية، مهيمنة على إعلامها الوطني وجميع مصادر المعلومات، فسخرتها لخدمتها، وهي تعلم أنه لا يوجد للجمهور سوى هذه القنوات الإعلامية لمعرفة ما يجري، فلا فضائيات ولا ووسائل تواصل ولا انترنت، باستثناء إذاعات أجنبية موجهة ناطقة بالعربية، غالباً ما كان يجري التشويش عليها. وهذه كانت أيضاً صاحبة غرض دعائي مضاد، لكنها كانت أكثر مهارة في التضليل.
اليوم، ومع تغير الحال، وتعدد المنصات والخيارات للجمهور، وانهيار احتكار الأنظمة للمجال العام، ما زال الكثير من وسائل الإعلام العربية يمارس النمط القديم ذاته، بطريقة فجة، ومنها محطات كبيرة تحظى بشعبية ملموسة، ولها قدرات تقنية وفنية مهمة، وتقدم نفسها على أنها محطات عابرة للوطنية، لكنها تتحول بطريقة متسارعة إلى محطة دعائية لا إعلامية، بلا اهتمام بالمصداقية، ولا بالحقيقة، ولا بالجمهور. تحركها أهواء سياسية، أو اتجاهات العاملين فيها، وهم بجنسياتهم المتعددة، جزء من حالة الاستقطاب الحاد في المنطقة، يهيمن عليها لون واحد، يجاهر بالانحياز إلى "قضايا الأمة"، لكنه يتناسى أن الانحياز قد يعني الذهاب للقتال في الحرب الراهنة، لكنه لا يتضمن أبداً استخدام هذه المهنة للكذب والتضليل وإعلان أنصاف الحقائق التي تناسب ما يريد.الانحياز في الإعلام بحد ذاته ليس عيباً، و"نيويورك تايمز" مثلاً، وهي من أهم صحف العالم، أعلنت رسمياً انحيازها لكاميلا هاريس في الانتخابات الأميركية، ويمكن لأي قناة أو صحيفة عربية أن تعلن انحيازها لحماس أو حزب الله ضد إسرائيل. لكن ذلك شيء والموضوعية شيء آخر، لا يمكن التغاضي عنه لتعزيز الانحياز والبرهنة عليه. فذلك سيكون حينها تدليساً وتضليلاً لا أقل.
وسائل الإعلام التي نشير إليها، تخلت عن الموضوعية، حينما سخرت كل الصور والتقارير والأخبار والضيوف والتحليلات لخدمة انحيازها، لا لمناقشته، تاركة جمهورها يعيش في فقاعة من الوهم يكبر كل يوم، حتى يأتي يوم ينفجر فيه، لينكشف عن ما اكتشفه جمهور أحمد سعيد قبل نحو 57 عاماً، لكن مع فارق عدم وجود جمال عبد الناصر، الذي يمكن أن تلتئم الناس من حوله، وأن تغفر من أجله ما تجرعته من الكذب ووهم النصر الذي انكشف عن هزيمة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top