في عمليةٍ هي الأخطر من نوعها، تشكّل احتلالاً جديداً للبنان، بدأ العدو الإسرائيلي اجتياحاً برياً، بعدما وافقت حكومة العدو المصغّرة، ليل أمس، رسميًّا على عملية برية محدودة، زاعماً أنها تأتي في سياق تدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله داخل الحدود الجنوبية.
بالتزامن، مرّت ليلةٌ صعبة على الضاحية الجنوبية لبيروت، إذ نفذ العدو غارات عنيفة استهدفت مناطق محددة بعدما جدد الأخير التحذيرات بإخلائها، فيما دوت انفجارات قوية، كما شوهدت ألسنة النيران وأعمدة الدخان التي تصاعدت في سماء المنطقة إثر العدوان الإسرائيلي.
وبدا واضحاً، طوال ليل أمس، أن العدو الإسرائيلي أراد تشتيت الأنظار عن غزوه البرّي لجنوب لبنان، ليستهدف في الوقت نفسه بيروت ومخيم عين الحلوة ودمشق.
توازياً، وفي إطلالته الأولى عقب اغتيال أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، شدد الشيخ نعيم قاسم على أن “المقاومة مستمرة في معركتها ضد العدو وجاهزة للالتحام البري”، لافتاً إلى أنها “ستختار أميناً عاماً للحزب في أقرب فرصة وفق الآلية المُعتمدة للاختيار في الحزب”.
بالتزامن، جدد الرئيس وليد جنبلاط دعوته لوقف فوري لإطلاق النار، مستنكراً في حديث لـ”راديو فرانس” العملية العسكرية التي تنفذها إسرائيل حالياً في لبنان، معبّراً عن أسفه لأنه “لا تجرؤ أي قوة على إدانة نتنياهو، لا فرنسا ولا أميركا ولا أحد، فهو يفعل ما يريد، ويقتل مَن يريد، بحجة مكافحة الإرهاب”.
على وقع التصعيد، شهدت الأوساط السياسية حركة ناشطة على مستوى وقف إطلاق النار والملف الرئاسي، بعدما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن لبنان ما زال ملتزماً بما تم الاتفاق عليه مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين من مسار ينتهي بوقف إطلاق النار مع إسرائيل وتنفيذ القرار 1701، رافضاً بشدة في المقابل ربط وقف النار بمسار الانتخابات الرئاسية.
في المواقف، أشار النائب السابق شامل روكز إلى أنَّ العملية البرية في لبنان ستكون مكلفة، لأن المنطقة مهيأة عسكرياً للمواجهة، معتبراً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنه من غير المقبول بعد اليوم خرق طيران العدو حرمة الأجواء اللبنانية كما هو الوضع حالياً، لذا يجب فرض تطبيق القرار 1701.
توازياً، استكمل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو جولته على المسؤولين متابعةً للجهود الديبلوماسية للوصول إلى تسوية، وتأكيداً على دعم فرنسا الدائم للبنان ووقوفها بجانبه في ظلّ هذه الأزمة الخانقة. بدوره، لفتَ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى أن لبنان مستعد لتنفيذ الـ 1701 وإرسال الجيش اللبناني إلى جنوب نهر الليطاني، مشدداً على أن لا مسار آخر سوى وقف النار وإطلاق المفاوضات.
من جهته، شكر النائب غسان سكاف فرنسا على اهتمامها المستمر بلبنان، معتبراً في حديث لـ”الأنباء” الإلكترونية أنَّها لا تستطيع لعب الدور التي تتمناه، إذ إن اللاعب شبه الوحيد الذي يستطيع الضغط على إسرائيل هو الولايات المتحدة الأميركية، وما تستطيع فرنسا فعله اليوم هو حث اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية وهذا كان العنوان الرئيس لزيارة وزير خارجيتها.
سكاف شدد على ضرورة ملحة بتضامن وطني جامع، مطالباً بإعلان حالة الطورائ إذ إن لبنان برأيه في خطر وجودي حقيقي، والحل لا يكون إلا بانتخاب رئيس للجمهورية وإلاّ سندخل في المجهول، حسب تعبيره.
ساعاتٌ مفصلية هي الأخطر منذ بدء الحرب على لبنان، مع تمسّك العدو بتنفيذ الاجتياح البرّي على مرأى من المجتمع الدولي ضارباً بعرض الحائط مرّة جديدة كلّ القرارات الأممية، فيما المطلوب موقف جازم يردع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويُجنّب لبنان الأسوأ.