ننظر في أنفسنا اليوم وتتزاحم آلاف الأسئلة في مُخيلتنا لكن، لا أجوبة شافية لها..
ننظر الى أجهزتنا الإلكترونية و نشعر بأننا مخروقين و مُخترقين..
مسارُنا ومصيرنا في مهّب التجاذبات السياسية وتحت رحمة الحروب الألكترونية ونحن الذي نشتري كل التكنولوجيا ولا نصّنع منها شيئا !! فهل هناك أخطر من ذلك؟!
جاء في مقدمة الدستور اللبناني في الفقرة “ب” منه “لبنان عربي الهوية والانتماء وعضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها كما عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الانسان وتجسّد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات بدون استثناء”.
كما أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم(٦٨/١٦٧) عام ٢٠١٤ بشأن الحق في الخصوصية على أن:
أي انتهاك للخصوصية وأي مراقبة للإتصالات أو اعتراضها على نحو غير قانوني هو انتهاكا لحقوق الإنسان وشدّدت على الدول الملتزمة بالشرعة الدولية لحقوق الانسان (منها لبنان) أن تتخّذ الخطوات اللازمة لاعتماد القوانين أو التدابير اللازمة لحماية الخصوصية..
وكذلك جاء في القانون اللبناني للمعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم ٨١ الصادر بتاريخ ١٠ تشرين الأول ٢٠١٨ ،
وكذلك في “اللائحة التنظيمية العامة لحماية البيانات” والتي أصدرها الاتحاد الأوروبي واستلهمت منها العديد من الدول في وضع قوانينها، و كل ذلك لنقول ونزيد الوعي لدى الأفراد ان الحق في الخصوصية هو حق مكرّس لنا و محمي في القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية والاقليمية على حد سواء..
لكن وبغّض النظر عن الأحداث المؤسفة والتي تقع تِباعا و عن هذا الاختراق السيبراني الجديد من نوعه و الخطير في وَقعه ،فإننا قد نكون مُقبلون على مستقبل قاتم وأن كل ما نملك سيكون مكشوفا!!
على الدولة اليوم أن تتحرّك في هذا المجال بلا أي تأخير أو تردد الى وضع خطّة واستراتيجية وطنية للحّد من الانتهاكات التي تمارس في حّق خصوصيّة المجتمع اللبناني والمخروق أيضا من بعض المنظمات غير الحكومية التي تأتي تحت شعار مساعدة المجتمعات، فالكثير منها قد يكون مشبوها ومرتبطا بتنفيذ أجندات دولية خطيرة هذا من ناحية.. و من ناحية أخرى أن تبحث على وسائل تصنيع التكنولوجيا وأن تحقّق نوعا من الاستقلال والاكتفاء الذاتيين ولو اعتمدت على مساعدات من دول أخرى في هذا المجال،
للأسف، العالم العربي الذي يشكّل ٥٪ فقط من سكان العالم تعرّض للقسم الأكبر من الحروب والتفتيت والنزوح والتقسيم والدمار وغيرها من المآسي..
فقد صار الوقت أن نعترف بأن من لا يملك مفاتيح العلوم والتكنولوجيا ويُحسن استثمار ثرواته البشرية والوطنية فسوف يكون حتما في طور الإنقراض، وأن نتذكر دائما أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة..
الكاتبة: المحامية الدكتورة رنا الجمل..
أمينة سّر الهيئة الوطنية لحقوق الانسان في لبنان.
موقع سفير الشمال الإلكتروني