قاد مسؤول بارز في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، مجموعة لإنقاذ صحيفة "جويش كرونيكل" البريطانية، ليواجه اليوم رد فعل سلبي بسبب نشر الصحيفة تقارير مزيفة عن الحرب في غزة بين إسرائيل وحركة "حماس".
وباتت "بي بي سي" تواجه أسئلة حول الصلات بين عضو في مجلس إدارتها روبي غيب، والصحيفة اليهودية الأقدم في العالم، التي سحبت مجموعة من التقارير مؤخراً لاحتوائها على تصريحات مزيفة لمسؤولين إسرائيليين، حسبما نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط.وغيب، العضو في لجنة معايير التحرير المؤثرة والتي تستعد لإجراء مراجعة لتغطية "بي بي سي" لحرب غزة، قاد مجموعة أنقذت الصحيفة من الإفلاس العام 2020 وظل المدير الوحيد للشركة التي تملك "جويش كرونيكل"، حتى الشهر الماضي. علماً أن الصحيفة ألغت من دون سابق إنذار، مناسبة لمناقشة الفضيحة التي اعترفت بها هذا الأسبوع، وكان من المقرر أن يشارك فيها، يوم الأربعاء الماضي، كل من الكاتبة ميلاني فيليبس، والوزير المحافظ مايكل غوف، إلى جانب أحد كبار مسؤولي "بي بي سي" التنفيذيين، نظراً لأن مشاركته تقوم على "رأي سيء".وبات دور غيب في "بي بي سي"، محلاً للتدقيق والتساؤلات بعد نشر "جويش كرونيكل" سلسلة تقارير أعدها الصحافي المستقل إيلون بيري، شملت معلومات يفترض أنها قائمة على وثيقة اكتشفت في غزة وتحتوي على خطط زعيم حركة "حماس" يحيى السنوار للهروب مع الإسرائيليين المخطوفين في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى خارج القطاع.وبعد اعتراف الجيش الإسرائيلي أنه لا يعلم بهذه الوثيقة، بدأت الصحف الإسرائيلية تطرح أسئلة حول مصداقية بيري ومسيرته الصحافية والأكاديمية، ثم قرر عدد من المعلقين البازرين في الصحيفة البريطانية، ومن بينهم جوناثان فريدلاند، المعلق أيضاً في صحيفة "غارديان" العريقة، التوقف عن الكتابة للصحيفة.من جهته، تساءل رئيس تحرير "غارديان" السابق ألان روزبريدغر، والذي سبق أن حقق في ملكية صحيفة "جويش كرونيكل" عن استمرار غيب في موقعه بلجنة معايير التحرير في "بي بي سي". وقال في تصريحات إذاعية: "لا أستطيع أن أتصور كيف يمكنه الجلوس في تلك اللجنة وتصوير نفسه كمنارة للحيادية، للحكم على صحافيي بي بي سي".وردد الموقف نفسه، كريس دويل من مجلس التفاهم البريطاني العربي "كابو"، بقوله أن "مشاركة أحد مسؤولي بي بي سي البارزين في الاستحواذ على جويش كرونيكل يثير أسئلة حول حياديته"، مضيفاً أن الصحيفة دفعت باتجاه "أجندة يمينية متطرفة للغاية"، ما يمثل انحرافاً حاداً عن تاريخ الصحيفة التي عكست المواقف المختلفة لليهود البريطانيين من فلسطين وإسرائيل.وعندما سئل إن كان من المناسب استمرار غيب في منصبه بلجنة معايير التحرير في "بي بي سي"، أجاب دويل: "قطعا لاً"، فيما قال "المجلس الإسلامي البريطاني" أنه بعث برسالة إلى "بي بي سي" للتعبير عن "قلقه العميق" إزاء دور غيب، ودعا المؤسسة إلى النظر في ما إذا كان من المناسب له البقاء في لجنة معايير التحرير.ولم يرد غيب على طلبات للتعليق، لكن متحدثاً باسم "بي بي سي" أفاد بأن غيب استقال كمدير لـ"جويش كرونيكل" في آب/أغسطس الماضي.وقاد غيب في نيسان/أبريل 2020 مجموعة أنقذت "جويش كرونيكل" من الإفلاس. وظل منذ ذلك الحين وحتى آب/أغسطس المدير الوحيد لـ"جويش كرونيكل ميديا ليمتد" التي استحوذت على الصحيفة. وفي تموز/يوليو قالت الصحيفة أن غيب سيغادرها وسيحول جزءاً من أسهمه إلى هيكل خيري تنقل فيه ملكية الصحيفة إلى صندوق ائتماني. ويبدو أنه استقال في آب/أغسطس بعد تعيين مديرين جديدين هما إيان أوستن، النائب العمالي السابق وعضو مجلس اللوردات، وجوناثان كاندل، الشريك السابق في الشركة القانونية "كيركلاند أند إليس".رغم ذلك، مازال غيب المدير الوحيد لشركة اخرى مرتبطة بـ"جويش كرونيكل" هي "جي سي ميديا أند كالتشر بريزفيشن إنيشيتف سي آي سي". وتصف وثائق التسجيل التي قدمتها الشركة بأنها "منظمة استشارية مستقلة" تقدم "الاستشارات لصحيفة جويش كرونيكل في ما يتعلق بالحياد والاستقلال".وكجزء من دوره في مجلس إدارة "بي بي سي"، تم تعيين غيب في "لجنة المبادئ التوجيهية ومعايير التحرير" المكونة من خمسة أعضاء، وأشارت محاضر الاجتماع الأخير للجنة في أيار/مايو، والذي حضره غيب، إلى أنه تمت مناقشة "ملخص للشكاوى المتعلقة بالشرق الأوسط"، مع "عدد من الأخطاء التحريرية" التي أدت إلى تقديم شكاوى. وسجل المحضر أيضاً أن اللجنة "ناقشت تقرير محكمة العدل الدولية بشأن الصراع في الشرق الأوسط ولماذا أساءت المؤسسات الإعلامية تفسير الحكم".وكان تعيين غيب بداية في مجلس إدارة "بي بي سي" العام 2021 من قبل حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، مثيراً للجدل بسبب عمله السابق كمدير للاتصالات لسلف جونسون، تيريزا ماي. وحث "حزب العمال" العام 2022 "بي بي سي" على المطالبة باستقالة غيب بعد أنباء حينها عن تدخله لمعارضة تعيين صحافي في أحد برامج المؤسسة المهمة "نيوزنايت". ووصفته المذيعة السابقة لبرنامج "نيوزنايت" إميلي ميتليس بأنه "عميل نشط للمحافظين"، وهي تعليقات رفضها المدير العام لـ"بي بي سي" حينها ريتشارد شارب بوصفها "غير صحيحة مطلقاً".