على خطّين غير متوازيين يسير كلّ من الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان والممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي ونائب المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، يلتقيان حيناً ويفترقان حيناً آخر، شأنهما شأن موفدين كثر يأتون إلى لبنان ثم يغادرونه، من غير أن تسهم كلّ هذه الزيارات والجهود والوساطات في حلحة ما في ملف رئاسة الجمهورية، أو في حرب الإسناد الدائرة في الجنوب بين المقاومة وإسرائيل، أو في ملفات وقضايا أخرى، فالجميع كما يبدو يدورون في حلقة مفرغة بانتظار تسوية ما أو كلمة سرّ ما يزالان غير منظورين في الأفق القريب.
قبل أيّام نُشرت معلومات أشارت عن أن لودريان قد يزور لبنان قريباً لتعويم مبادرة بلاده بالملف الرئاسي، بالتوازي مع حراك جديد منتظر للجنة السّفراء الخمسة المعنية بملف الرئاسة (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، فرنسا وقطر)، في زيارة لا يُعوّل عليها الكثير سوى ملء الوقت الضائع، كون لودريان الذي غادر لبنان منذ آخر زيارة له في 30 أيّار الماضي، ترك لبنان حينها خائباً من دون أن يُحقّق أيّ خرق يذكر في جدار الرئاسة المسدود، برغم تحذيره المسؤولين الذين التقاهم من أنّ “وجود لبنان السّياسي نفسه بخطر”، وتنبيهه خلال لقاءاته في بيروت من “مخاطر إطالة أمد الأزمة الرئاسية” وسط السّياق الإقليمي المتوتر، ومع استمرار الإنقسام السّياسي في البلاد.
وفي حين ينتظر لبنان الرسمي زيارة لودريان من غير وجود أيّ تفاؤل يُذكر بأن يكون مصير هذه الزيارة أفضل من مصير سابقاتها، من حيث الفشل بتحقيق أيّ تقدّم بالملف الرئاسي، كان الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي، بوريل، يدقّ أجراس الخطر ممّا ينتظر لبنان والمنطقة من تطوّرات غير مطمئنة، عندما أشار في تصريحات له من بيروت إلى أنّ “الحرب في غزّة تُهدّد الأمن والإستقرار في المنطقة، وخصوصاً في لبنان”، لافتاً إلى أن “طبول الحرب لم تتوقف منذ زيارتي للبنان في كانون الثاني الماضي”.
ما سبق يدلّ بوضوح على أنّ الموفدين لودريان وبوريل، وغيرهما، يأتيان إلى لبنان ولكلّ منهما ملفه وأجندته وأهدافه الخاصّة، التي تتفق حيناً وتختلف أحياناً مع الموفدين الآخرين، ما ترك إنطباعاً أنّ كلّ هذا الضجيج الديبلوماسي بلا بركة ولا يتوقع منه أن ينتج أيّ تسوية، ليس كون الملف اللبناني معقداً ويوجد أكثر من لاعب إقليمي ودولي مُؤثّر به، إنّما لأنّ الملف اللبناني متداخل مع ملفات أخرى في المنطقة لا تقلّ تعقيداً، ومرتبط بها، على رأسها الحرب الدائرة في قطاع غزّة بين المقاومة وجيش الكيان الصهيوني منذ أكثر من 11 شهراً، والتي امتدت منذ أشهر إلى الضفّة الغربية.
كلّ ذلك يؤكّد أنّ حركة وزيارات الديبلوماسيين العرب والإجانب إلى لبنان لا يتوقع لها أن تنتج حلّاً، وإنّما هي من أجل ملء الوقت الضائع إلى حين نضوج تسوية ما تزال النار تحتها خامدة، وولادة تسوية ما تزال كلّ المعطيات تشير إلى أنّها بعيدة، أقله حتى ربيع العام المقبل.
موقع سفير الشمال الإلكتروني