الكلمة للميدان لأمد طويل، ونتنياهو لم يحصل على صورة النصر حتى الان للقبول بوقف اطلاق النار حسب مصادر فلسطينية في بيروت، ولم تستوعب كل القيادات الاسرائيلية السياسية والعسكرية والامنية والشعبية ما حصل فى ٧ تشرين الاول والضربة التي وجهت للمنظومة العسكرية الاسرائيلية، وعجز نتنياهو عن ترميمها، وبات امام خيار واحد «السقوط او انجاز ما». وتؤكد المصادر الفلسطينية «ان نتنياهو وكل فريقه سيحاكمون على الاخفاقات في ٧ تشرين الاول اذا توقفت الحرب دون انتصارات حاسمة وسيدخلون حتما الى السجن المؤبد»، فنتنياهو لم يتمكن رغم كل مجازره في غزة وحربه في جنوب لبنان من استعادة صورة الجيش الذي لا يقهر، والنخب الاسرائيلية تعرف، ان البنية العسكرية للمقاومة ما زالت في «خير» والانفاق في عهدتها، والكهرباء مؤمنة وكذلك التموين، يقابلها عجز اسرائيلي عن اطلاق الاسرى والوصول إليهم، وشبكات الاتصالات ما زالت سليمة بين قيادات الداخل والخارج وبين المقاتلين وقياداتهم العسكرية وقادة المحاور الذين يمارسون مختلف التكتيكات العسكرية والمناورات والتصوير، ورسالة يحيى السنوار الى وليد جنبلاط ونجله تيمور والاشادة بمواقفهما اكبر دليل على متابعته لادق التطورات السياسية، ويبقى الإنجاز الاكبر للمقاومة إدارتها للمفاوضات بكفاءة عالية وتمسكها بشروطها في شأن الاسرى، واعتراف العالم بالتفاوض معها لانجاز وقف النار.
وتؤكد المصادر الفلسطينية، ان المشكلة الوحيدة للمقاومة معاناة المدنيين، لكنها تؤكد في المقابل، ان اسرائيل ووسائل اعلام عربية واجنبية لم يتمكنوا من الحصول على تصريح فلسطيني واحد يدين المقاومة ويهاجمها، هذه التطورات تؤشر الى استمرار الحرب حتى الى ما بعد الانتخابات الاميركية، ويكشف قيادي فلسطيني ان احتمالات توسع الحرب ستصبح أقوى مع الإدارة الأميركية الجديدة وربما تكون حتمية.
وعلى الجبهة اللبنانية، فان مصادر سياسية نفت وجود اي مقترح اميركي او دولي جديد لحل الوضع في الجنوب بمعزل عن غزة، وان جميع الدول باتت مقتنعة اكثر من اي وقت مضى، ان وقف جبهة الجنوب مرتبط بوقف اطلاق النار في غزة، وجبهة الاسناد مستمرة، والمعلومات تؤكد، ان هوكشتاين حمل في زيارته الاخيرة الى بيروت تهديدات واضحة بقصف الطائرات الاميركية والبريطانية للبنان في حال تجاوز حزب الله الخطوط الحمراء في رده على اغتيال القيادي فؤاد شكر، ورغم ذلك ردت المقاومة بقصف اكبر قاعدة استراتيجية ووصلت صواريخ المسيرات إلى محيط تل ابيب، وهوكشتاين تبنى ايضا في زيارته الاخيرة قصف الضاحية ودافع عن الامر، لكنه نفى ما اشيع عن نقله ضمانات بعدم قصف الضاحية وأوضح ما قاله «عندما سئلت عن ان عدم قصف بيروت يشمل الضاحية»، كان جوابي «انني لن أكون في غرفة العمليات حينئذ».
وحسب المصادر العليمة، التصريحات التهويلية الاسرائيلية بالحرب الشاملة موجهة بالاساس لرفع معنويات الداخل الاسرائيلي بعد تهجير سكان شمال اسرائيل ووصول مسيرات المقاومة الى حيفا وصفد، مع تأكيد المعلومات عن اصابة الوحدة ٨٢٠٠ بشكل مباشر واقالة رئيسها، كما ان واشنطن تدرك، ان الحرب الكبرى ستفجر الشرق الاوسط برمته من اليمن حتى لبنان وستنخرط القوات الأميركية والمتعددة الجنسيات في المواجهات العالمية وتعم الفوضى كل الساحات، ولذلك فان الحرب الكبرى والشاملة مستبعدة، والستاتيكو الحالي بين الهبات الباردة والساخنة سيحكم المرحلة المقبلة دون اي تغييرات، الا اذا حمل الميدان مفاجآت غير محسوبة على الارض.
وفي هذا الإطار، تكشف مصادر مواكبة ان عروضا دولية وعربية جدية قدمت للمقاومة لوقف جبهة الاسناد او تخفيفها بالحد الأدنى مقابل وعود بحسم الرئاسة لسليمان فرنجية وامتيازات هائلة تمنح الثنائي الشيعي كل مفاصل القرار في البلد على كل الصعد، وحسب المصادر فان المقاومة رفضتها جملة وتفصيلا ورفضت مجرد النقاش في هذه المواضيع.
المعالجات «على القطعة»
في ظل هذه الاجواء، فان المعالجات الداخلية ستبقى «على القطعة»، والستاتيكو الحالي لن يتبدل حسب مرجع بارز امام زواره، داعيا إلى الاهتمام بالأمور المعيشية على أبواب المدارس وفصل الشتاء، متوقعا المزيد من التحركات الشعبية المطلبية، التي ستاخذ احيانا المواجهات المضبوطة على الأرض، مشيرا الى قرار عربي ودولي بمنع « موت لبنان وفي الوقت ذاته عدم استعادته لعافيته بالكامل»، وابقاء المساعدات بالقطارة وعلى المسكنات، 100 دولار للجيش والمؤسسات العسكرية شهريا، قرار عربي باعطاء الفيول للكهرباء كل ٦ اشهر، استمرار مساعدات وزارة الشؤون الاجتماعية للعائلات الأكثر فقرا، إعطاء حوافز مالية للموظفين والمتقاعدين في القطاعين العام والخاص خلال الاسبوعين المقبلين لسحب هذه الورقة من الشارع قبل إقرار الموازنة، تحسين تقديمات الضمان الصحي والاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة، تعزيز النقل المشترك، رفع سحوبات المودعين وتعديل القرارين 151و166، ضبط اوضاع النافعة والدوائر العقارية، ابقاء التحقيقات مع رياض سلامة تحت السقف وتوسيع دائرة التحقيقات لتشمل اشخاصا محدودين دون اي ردات ارتدادية كبرى على القطاعين المصرفي والمالي، حتى لو صنف لبنان رماديا .
واللافت امس، دعوة الرئيس ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء، حدد موعدها قبل ساعة وبجدول اعمال الجلسة السابقة، تفاديا لتحركات العسكريين المتقاعدين الذين عطلوا الجلسة امس الأول، واعتبر العميد جورج نادر الجلسة غير دستورية وتهريبة وشن أعنف هجوم على ميقاتي والوزراء ووصفهم بالسارقين والمنافقين، مهددا بخطوات تصعيدية يعلن عنها في حينه، وفي أثناء انعقاد الجلسة نظمت تحركات احتجاجية في المناطق وأمام منزل ميقاتي في طرابلس.
الملف الرئاسي وزيارة للسفير المصري الى حزب الله
هذه الاجراءات الحكومية عبر المسكنات، حسب المرجع المذكور تحافظ على ديمومة الدولة ومؤسساتها في الفترة الانتقالية والحرب الطويلة على غزة، مستبعدا البحث الجدي في الملف الرئاسي في المدى المنظور، رغم المعلومات عن زيارة الموفد الفرنسي لودريان اواخر ايلول الى بيروت، لكن المرجع أكد، ان الحركة الديبلوماسية الدولية ليست جدية في ظل الانشغال الاميركي بالانتخابات الرئاسية، ولا يمكن لواشنطن ان تسلم بادارة باريس للاستحقاق الرئاسي بشكل مطلق، فيما السعودية غير متحمسة للدخول بعمق الى الملف الرئاسي، وحركتها منصبة مع مصر على غزة وتحسين العلاقات بين سوريا وتركيا.
وحسب المعلومات، فان زيارة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزف بوريل الى بيروت وداعية واستطلاعية وتطرقت الى كل الملفات، اما اجتماع السفراء الخمسة السبت في دارة السفير السعودي فسينحصر في تقييم المرحلة الماضية ووضع برنامج للزيارات لاحداث خرق ما، وفي هذا الاطار كان لافتا زيارة السفير المصري علاء موسى الى حزب الله و البحث في مختلف الملفات.
المدارس الرسمية
اعلنت وزارة التربية عن البدء بالتسجيل للعام الدراسي الجديد 2024-2025 في 16 ايلول للطلاب اللبنانيين والطلاب من ام لبنانية، دون اي قرار بشأن بدلات التسجيل التي حددها وزير التربية على الورق فقط، بـ50 دولارا للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة و100دولار للمرحلة الثانوية، وسط احتجاجات سياسية وحزبية. وفي المعلومات، ان اجتماعا سيعقد بين الحزب الاشتراكي والحلبي لبحث الملف من كل جوانبه، علما ان القرار ازعج الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي وصلته مواقف معارضة من مختلف المناطق اللبنانية وما فاقم من غضبه ان وزير التربية اعلنه شخصيا وتبناه دون اي غطاء من الحكومة المفترض أن تعالج العجز المالي في المدارس الرسمية وليس تحميله الى الفئات الشعبية، هذا مع العلم، ان تعاونية موظفي الدولة رفعت من نسب المنح المالية لابناء الموظفين المسجلين في المدارس الخاصة، في المقابل قرر مجلس الوزراء عقد جلسة مخصصة للبحث في الملف التربوي دون تحديد موعدها .
المسؤولون في وزارة التربية يدافعون عن قرار الوزير، ومن دونه هناك استحالة ببدء العام الدراسي في ظل توقف دعم المنظمات الدولية وتخلفها عن سداد 4 مليون دولار من العام الماضي بالاضافة الى عدم وجود الأموال في صناديق المدارس، وعجز لجان الاهل وعدم قدرة البلديات على تقديم المساعدات المالية، والطامة الكبرى تبقى في تهديد المعلمين بالاضراب اذا لم يتم رفع بدل الإنتاجية من 300 دولار الى 600 دولار، وشمولهم بالزيادات للقطاع العام، كما هدد المتعاقدون بالخطوات التصعيدية ذاتها.
وفي المعلومات، ان «طراطيش» الوزير الحلبي لا تستثني رئيس الحكومة.
الاسئلة كثيرة الى وزير التربية، والسؤال: ما هو موقفه من الغلاء الجنوني للاقساط المدرسية والجامعية التي وصلت في بعضها الى 100%، مما يجعل التعليم في المدارس والجامعات الخاصة حكرا على الاغنياء فقط وعدم قدرة الالاف من طلاب الطبقات المتوسطة وما دون من استكمال تعليم أولادهم، وهذا ما يفرض خطة سريعة لتعزيز التعليم الرسمي ودعم الجامعة اللبنانية بدلا من السياسات الحالية المدمرة للقطاع الرسمي.
اما بالنسبة لتعليم الطلاب السوريين، فإنه لم يصدر اي قرار بشأنهم حتى الان، بانتظار نتائج الاتصالات مع الدول المانحة التي قلصت مساعداتها مما ادى الى عدم فتح المدارس للسوريين الصيف الماضي، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة للعام الحالي مع اصرار الاتحاد الأوروبي على دمج الطلاب اللبنانيين بالسوريين كشرط لتقديم المساعدات وتأمين الكتب والقرطاسية التي شملها الغلاء بنسب عالية، والأمور مرهونة بالاسابيع المقبلة.